"تناقض الحمدين".. قطر ضد إيران بوارسو وتحتفي بها في الدوحة
وزير الخارجية الأمريكي يفضح السياسات المتناقضة لقطر علنا، حتى لا يظن أحد خطأ أنها حضرت للدفاع عن حليفتها إيران في هذا المؤتمر.
حلقة جديدة من مسلسل التناقضات القطرية الذي بات مكشوفاً بعد تكراره في مناسبات عديدة آخرها مشاركة الدوحة بوفد رفيع المستوى على رأسه وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في مؤتمر وارسو، في نفس الوقت الذي يشن إعلامها هجوماً حاداً على المؤتمر الدولي الذي عقد في العاصمة البولندية، بمشاركة نحو 60 دولة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
- مسؤول أمريكي لـ"العين الإخبارية": التقارب القطري الإيراني يضر بمصالحنا
- تميم وروحاني بالأمم المتحدة.. 3 تشابهات في خطابي الإرهاب
قطر التي اعتادت الابتعاد عن الصف الخليجي والعربي، والسعي نحو إقامة علاقات وثيقة مع إيران، ودعم مليشيات الإرهاب التي تهدد أمن واستقرار الدول العربية، شاركت في المؤتمر الذي يحتشد ضد إرهاب إيران في المنطقة، وذلك بعد ساعات من تهنئة أميرها تميم بن حمد للرئيس الإيراني، بمناسبة الذكرى الأربعين لما يسمى "الثورة الخمينية"، كما تزامن ذلك مع مشاركة تنظيم الحمدين ووزراؤه في الحفل الذى أقامه سفير طهران بالدوحة بهذه المناسبة.
الهجوم الحاد الذي شنه الإعلام القطري على مؤتمر وارسو الذي شاركت فيه الدوحة، يجسد الربكة والتناقض في سياسة الحمدين التي فضحها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في تصريحاته عقب ختام المؤتمر، حين أكد اتفاق جميع الحاضرين على التهديد الذي تمثله إيران في الشرق الأوسط.
كما أن تناقضات الدوحة أصبحت فيما يبدو نهجاً في سياسة قطر الخارجية؛ حيث تعكس حالة عدم استقلالية قرارها وتبعيتها لدول أخرى، ومن جانب آخر تبرز محور خلط الأوراق التي تتبناه، فهي حاضرة في كل الأحوال في جانب أي طرف، بحسب ما تقتضي الظروف وتتبدل الأحوال، متخيلة أن العالم لا يرى ما تقوم به.
حضور رفيع.. وتجاهل متعمد
هذا التصور الخاطئ من جانب الدوحة كان واضحاً بشكل مكشوف في مشاركتها بمؤتمر وارسو الذي اختتم أعماله، الخميس، بإجماع دولي على ضرورة التصدي للتهديدات الإيرانية.
فقبيل وأثناء المؤتمر، أعلن الإعلام القطري مقاطعة الدوحة المؤتمر، وهاجم المؤتمر، واصفاً إياه بأوصاف بعيدة كل البعد عن الهدف الذي انعقد من أجله.
كما تزامن هذا مع قيام أمير قطر تميم بن حمد بإرسال برقية تهنئة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني "بمناسبة الذكرى الأربعين لثورة إيران".
أيضاً جاءت مشاركة قطرية بارزة في حفل السفارة الإيرانية في الدوحة بتلك المناسبة، ممثلة في حضور حمد بن عبدالعزيز الكواري، مستشار أمير قطر، وعلي بن أحمد الكواري، وزير التجارة والصناعة، وعبدالله بن عبدالعزيز بن تركي السبيعي، وزير البلدية والبيئة، إلى جانب محمد علي سبحاني، سفير إيران في الدوحة.
مشاركة أشاد خلالها الجانبان بالعلاقات القوية والسياسات والمواقف المشتركة.
وبينما كان وزراء قطر وسفير إيران يحتفلون بهذه الثورة، كان وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن يحضر مؤتمر وارسو، ويشارك ممثلين من أكثر 60 دولة الرؤى حول الخطر الذي تمثله إيران وكيفية مواجهته.
أما إعلام الحمدين الذي سبق وأن تحدث عن المقاطعة، فتجاهل مشاركة بلاده، سوى من خبر خجول لم يتعدَ عدة أسطر، وصورة صغيرة نشرتها الوكالة القطرية الرسمية.
شهادة بومبيو تفضح قطر
على صعيد متصل فضح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو السياسات المتناقضة لقطر علناً، بتأكيده عدم اعتراض أي دولة شاركت في المؤتمر على ما تم الاتفاق عليه، رغم أن الدوحة كانت حاضرة في الأصل للدفاع عن حليفتها إيران.
وقال بومبيو، في مؤتمر صحفي عقب ختام المؤتمر :"لم تدافع أي دولة من الحاضرين عن إيران، ولم يعترض أحد على الحقائق التي عرضناها بخصوص إيران والتهديد الذي تمثله، كان هناك إجماع على هذا الأمر، لم تعتقد أي دولة من الحضور أن هناك مبالغات أو خطأ في المعلومات المقدمة في المؤتمر بخصوص التهديد الذي تمثله إيران على الشرق الأوسط".
واختتمت في العاصمة البولندية، الخميس، فعاليات مؤتمر وارسو الذي دعت إليه الولايات المتحدة، لبحث آلية لوقف أنشطة إيران الهدامة في الشرق الأوسط ومحاربة الإرهاب، ومناقشة السلام والأمن.
وشكّل هذا التجمع الذي استمر يومين، مناسبة لاستعراض وحدة الصف كرد قوي على نظام إيران الذي يحتفل هذا الأسبوع بمرور 40 عاماً على الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي، وإقامة نظام ولاية الفقيه.
وكان بومبيو دعا في كلمته الحاضرين إلى حوار صريح حول كل الملفات، وقال: "إن إيران تشكل أخطر تهديد في الشرق الأوسط، والعالم لا يستطيع تحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط بدون مواجهة إيران".
تناقض متواصل
عكست مشاركة قطر في المؤتمر التناقض الذي أصبح سمة في سياسة قطر، فإعلامها يهاجم مؤتمر وارسو ثم تشارك هي فيه، تدعم إيران وتبحث تشكيل تحالف ضدها، تنشط في تمويل الإرهاب وتسن قوانين لمحاربته، تتدخل في شؤون دول المنطقة وتدعو إلى احترام سيادتها.
ورغم مشاركة قطر في مؤتمر وارسو، فإنها تعد حليفاً لنظام طهران، فكلا النظامين شريك في دعم الإرهاب والتآمر على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
كما أن كلا النظامين يدعم حزب الله الإرهابي في لبنان، ومليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن، والمليشيات الإرهابية في سوريا وعدداً من دول المنطقة.
وتزامن مؤتمر وارسو مع احتفال النظام الإيراني ومناصروه في 11 فبراير/شباط، بالذكرى الـ40 لما يسمى"ثورة الخميني" التي قادها الخميني بعد وصوله من منفاه (14 عاماً) في فرنسا، ونجح من خلالها في الإطاحة بآخر ملوك الأسرة البهلوية عام 1979، وسط وعود براقة لم تتجاوز الألسنة طيلة 4 عقود.
ولم يمض سوى شهرين، قبل أن يحكم الخميني وتياره المتشدد قبضتهما على كل مقاليد الحكم، فضلاً عن قمع المعارضين؛ حيث أعلن في مطلع أبريل/نيسان من العام ذاته، تأسيس نظام حكم جديد، بمرجعية (ولاية الفقيه) وعلى رأسه يقبع "المرشد الأعلى" الذي باتت لديه منذ تلك اللحظة صلاحيات واسعة للغاية، في الوقت الذي دخلت طهران في عزلة دولية إلى جانب انحدار ملايين الإيرانيين أسفل خط الفقر المدقع.
كما جاء الاحتفال هذا العام في الوقت الذي يعاني فيه ملايين الإيرانيين من وطأة الفقر المدقع، وغياب العدالة والانتهاكات المتواصلة وسط فساد غير مسبوق تشهده البلاد.
aXA6IDMuMTM3LjE3Ni4yMTMg جزيرة ام اند امز