عبر عام أو أكثر خيل للقيادة القطرية أنها قادرة على العزف على أوتار جماعات الضغط "اللوبيات"، لا سيما في الداخل الأمريكي.
يوماً تلو الآخر تتلقى قطر الضربات، ولا تنفك مع ذلك تسعى إلى الفرار للأمام عبر إشعال المزيد من الحقول، كأن تثير الفتنة بين الأشقاء، لكن هيهات لها أن تفعل، ذلك أن الحق أحق أن يتبع، ويبقى حبل الأكاذيب قصير العمر، ولا يقوى على أن يواجه حقائق الأشياء، وطبائع الأمور.
فضّل "موزين" الفرار من "مركب" القطر الذي سيواجه بلا شك موجة عاتية من الحقائق، ستجعل بحار أكاذيبه هائجة مائجة توشك أن تغرقه عما قريب، على الرغم من أنه نجح من قبل في استجلاب زعماء منظمات يهودية أمريكية إلى الدوحة، وتغنيهم بقطر، بأسلوب فاضحعبر عام أو أكثر خيل للقيادة القطرية أنها قادرة على العزف على أوتار جماعات الضغط "اللوبيات"، لا سيما في الداخل الأمريكي، وأنه من الممكن لها أن تلبس الباطل أثواب الحق، من خلال ملايين الدولارات التي تنثرها يميناً مرة ويساراً مرة أخرى، وفاتها ومن جديد ألا قبل لها باللعب مع الكبار، أولئك الذين سيتخذون منها مطية اليوم، وغداً يكملون.
تنظر قطر دائماً وأبداً لإسرائيل وجماعة الضغط المساندة لها في الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها المقياس والمعيار الأمثل، والنموذج الأعلى الذي ينبغي لها أن تقتدي به.
في هذا السياق، سعت الدوحة حثيثاً طوال العام الماضى "عام المقاطعة" لكسب ود بعض رموز المجتمع الأمريكي من سياسيين وإعلاميين، مقربين من ترامب، وأعضاء في مجلس الشيوخ والنواب، ومن اليهود الأمريكيين بنوع خاص عسى أن يكونوا لها عونا في بلاد العم سام.
لكن قطر تواجه اليوم انهياراً غير مسبوق على الصعيد الداخلي الأمريكي، لا سيما أن مكتب التحقيقات الاتحادية FBI قد بدأ في الأيام الأخيرة تحقيقات حول "جماعات دعاية ممولة من قطر"، لتكون صوتاً في جنبات المجتمع الأمريكي.
الذين عندهم علم من كتاب القانون الأمريكي يدركون أن مسألة العمل لصالح دول أجنبية بشكل علني لها وضع غريب بعض الشيء في الولايات المتحدة، إذ يتطلب الأمر إعلانه بشكل رسمي، بالضبط كما يجري الآن مع "مايكل موكاسي" المدعي العام السابق في إدارة جورج بوش الابن، والذي تقدم بطلب للسلطات المعنية يفيد بحصوله على مقابل مالي يصل إلى 1600 دولار في الساعة، أي قرابة المليون دولار في العام، من أجل العمل على تحسين صورة قطر عبر ولايات أمريكا مترامية الأطراف.
لماذا إذن يفتح الـــ FBI تحقيقاً في معاملات قطر المعروفة بإثارة الشبهات في كل آن وأين؟
ما يتردد في واشنطن اليوم يشير إلى أن الدوحة عبر عملائها غير المشهرين أنفسهم، متورطون في اختراق رسائل بريد إلكترونية خاصة بمواطنين أمريكيين مقربين من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والعهدة هنا على مجلة "أميركان ميديا إنستيتوت".
القضية في بدايتها، وأوجاع مخاضها كافية أن توجه لقطر ضربة دامية، لا شفاء منها، ولعل من أثر ارتداداتها السريعة تخلي عدد من رموز الإعلام الأمريكي مثل المستشار اليهودي الأصل "نيك موزين" والمعروف بقربه من النائب الأمريكي "تيد كروز" عن تقديم خدماته لقطر.
في دولة – إمبراطورية مثل الولايات المتحدة الأمريكية يكاد الدولار فيها يضحى سيد الكل، يتساءل القارئ.. كيف للرجل أن يترك بسهوله وعبر تغريدة على تويتر هذا العقد الذي تحلم به مؤسسات أمريكية عديدة في الداخل والخارج على السواء".
يخيل للمرء أن "موزين" مضى في إطار نظرية "الفئران والسفن"، إذ المعروف أن الأولى تسارع بالقفز من السفينة حين تستشعر خطر الغرق، وقد كان من بين المهام المنوطة بالرجل ومؤسسته الإعلامية المعروفة ترتيب لقاءات بين القادة القطريين والجالية اليهودية في واشنطن.
فضّل "موزين" الفرار من "مركب" القطر الذي سيواجه بلا شك موجة عاتية من الحقائق، ستجعل بحار أكاذيبه هائجة مائجة توشك أن تغرقه عما قريب، على الرغم من أنه نجح من قبل في استجلاب زعماء منظمات يهودية أمريكية إلى الدوحة، وتغنيهم بقطر، بأسلوب فاضح، أفضل ما يقال عنه "أذل المال أعناق الرجال"، وفي براجماتية غير مستنيرة، وقد بلغت نجاحاته على دونيتها زيارة رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية "موت كلاين"، الدوحة.
لم يكن "موزين" وحده من طلب النجاة، فقد سبقة رجل الأعمال الأمريكي السوري الأصل "جوى اللهام" صاحب النفوذ الكبير في الأوساط السياسية والمالية في نيويورك تجديداً.
أسوأ الأشياء أن ينقلب الصديق والحليف عدواً، وبخاصة إذا كان صديقاً أو حليفاً له ثمن، لا صديقا بالمعنى الأخلاقي أو حليفا بالمعنى الإنساني والإيماني.
هذا بالضبط ما فعله "اللهام" الذي تقاضى عدة ملايين من دولارات الغاز القطري، فقد كان "نصلا لا خنجرا في صدر قطر لا خاصرتها".
من نافذة مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، يفتح "اللهام" نيران مدافعة على قطر، والتي – بحسب توصيفه – تقوم بتصوير نفسها كراعية للسلام في الشرق الأوسط، لكن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة".
تسونامي الحقائق يتكشف للجهات القضائية والاستخباراتية الأمريكية التي تضع صالح أمريكا فوق كل المصالح، ولهذا يعمد "أصدقاء الدولارات"، للفكاك، والمضحك إلى حد البكاء تذرعهم جميعاً، وفي وقت واحد، بعلاقة قطر برجل الدين الإخواني "يوسف القرضاوي" القريب من أمير قطر، والذي كان ضيف شرف على مأدبته الأيام الماضية، وكأن كل ما صنعته قطر من فتنة في الصحو والنوم لم يلحظه "لوبي واشنطن ونيويورك"، واستفاقوا مرة واحدة على خطورة علاقة القرضاوي بقطر.
قطر مدفوعة بدافع قسري مهلك يجعلها تقدم على تكرار أخطائها المرة تلو الأخرى، ففيما هي غارقة في فضيحة يحقق فيها رجالات المكتب الاتحادي، تذهب بعيداً إلى مغازلة "رودلف جولياني" رئيس بلدية نيويورك في التسعينيات وأوائل الألفية الثالثة، وعضو فريق المحامين الخاص بالرئيس ترامب، للدفاع عنه في إشكالية "روسيا - جيت"، في محاولة لتحقيق أعلي درجة اختراق للإدارة الأمريكية الحالية.
شتان الفرق بين اللوبي الداعم لدولة إسرائيل في الولايات المتحدة، والمحاولات الصبيانية القطرية على النحو المتقدم.
لوبي دعم إسرائيل مكون من شقين راسخين في الجسد الأمريكي منذ نشأته قبل عدة مئات من السنين: يهود أوربيين مهاجرين، ومسيحيين إنجيليين مخترقين بالفكر اللوثري، الذين جعلوا الأرضية السياسية الأمريكية مهيأة لقيام ونشوء دولة إسرائيل.
ليست لقطر دالة عميقة على المعرفة.. ولهذا يغيب عنها في الحال والاستقبال حقيقة أن اللوبي الأجير لا يجير.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة