أمير الكويت له مكانته في نفوس كل الخليجيين، شعوباً وقادة، والجهد الذي يبذله في سبيل حل "أزمة قطر" يقابله الجميع بتقدير
لم ترد السعودية والبحرين والإمارات أي إحراج أو مساس بهيبة ومكانة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حين تغيّب قادة الدول الثلاث عن حضور القمة الخليجية الثامنة والثلاثين التي انعقدت أمس الثلاثاء في الكويت.
إنما أرادوا أن يوجهوا رسالة بلاغية إلى "تنظيم الحمدين" الذي يحكم دولة قطر، والتي حضر أميرها تميم بن حمد مهرولاً مسرعاً إلى القمة دون أن يُلزم نفسه بما يُطمئن بلدان الخليج، بل الدول العربية والإسلامية قاطبة، بأن الدوحة تخلت عن دورها المشبوه في دعم الإرهاب، وكفَّت عن التماهي مع المشروع الإيراني الطائفي الذي لا يريد خيراً لأهل الخليج والعرب والمسلمين بل ولا حتى للشعب القطري نفسه.
فأمير الكويت له مكانته في نفوس كل الخليجيين، شعوباً وقادة، والجهد الذي يبذله في سبيل حل "أزمة قطر" يقابله الجميع وخاصة دول المقاطعة بتقدير واعتزاز، لكن كان لابد من اتخاذ خطوة تثبت "لحكام قطر " أن المياه لن تعود إلى مجاريها إلا إذا التزموا بالمطالب الـ13 التي قدمتها دول المقاطعة، وأن أي التفاف عليها أو استجابة جزئية لها لن تكون مقبولة بأي حال من الأحوال.
لقد ظن "حكام قطر" أن هذه القمة ستكون فرصة سانحة لهم يستغلونها كي يقوموا بتعويم أنفسهم خليجياً وعربياً، بعد تمييع قضية دعمهم للإرهاب ومساندتهم لإيران - التي باتت تعربد في أربع عواصم عربية، ناهيك عن عربدة حرسها الثوري في الدوحة، وكذلك تعاملها مع دول المنطقة بشكل يخالف قواعد العلاقات الدولية - دون أن يقدموا تنازلاً واحداً - وهو في حقيقة الأمر التزام واستحقاق عليهم وليس تنازلاً، فمن أفسد شيئاً عليه إصلاحه، وهو مبدأ أو قاعدة دينية وأخلاقية ومنطقية.
لقد سارع أمير قطر بقبول دعوة أمير الكويت لحضور القمة وهو يتوهم أن الدول الخليجية المقاطعة تبحث عن أية فرصة لإنهاء الوضع الراهن، وأنها في عجلة من أمرها، وأنها قد تقبل أقل القليل من الدوحة، ولم يكن هذا سوى مجرد أضغاث أحلام داعبت تنظيم الحمدين.
لقد سارع أمير قطر بقبول دعوة أمير الكويت لحضور القمة وهو يتوهم أن الدول الخليجية المقاطعة تبحث عن أية فرصة لإنهاء الوضع الراهن، وأنها في عجلة من أمرها، وأنها قد تقبل أقل القليل من الدوحة، ولم يكن هذا سوى مجرد أضغاث أحلام داعبت تنظيم الحمدين الذي بدا عاجزاً عن قراءة المشهد بشكل جيد، وكأن حكام الدوحة لم يسمعوا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عندما أكد بأن "أزمة قطر صغيرة جداً جداً جداً"، وما أكده وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأن " أزمة قطر ليست مسألة مهمة، هي تمثل قضية صغيرة، ولدينا مواضيع أخرى للتركيز عليها".
وهو ما ذهب إليه كذلك الدكتور أنور قرقاش وزير دولة الإمارات للشؤون الخارجية قبل عدة أسابيع، بأن دول المقاطعة ليست متعجّلة، وأنها لم تعد تفكّر في أزمة قطر، بعد أن اتخذت قرار المقاطعة، وتعوّل عليه مع الزمن أن ينبه حكام قطر إلى فداحة الجرم الذي يرتكبونه، بعد أن أثّر بشكل جارح على اقتصاديات قطر ونسيجها الداخلي، ومحيطها الخارجي، والأهم هو أنه فضح الدور المشبوه للدوحة في دعم الإرهابيين القتلة الفجرة بعد أن ظلت سنوات تخبئه تحت عباءة مهترئة تتحدث عن الدولة الطموحة التي تقوم بالوساطة في أزمات عربية وإسلامية، وتقحم نفسها في ملفات إقليمية ودولية أكبر من حجمها بكثير.
إن غياب قادة السعودية والبحرين والإمارات عن قمة الكويت فيه الكثير من المعاني والرسائل التي يجب أن يفهمها "تنظيم الحمدين" جيداً، وعليه أن يدرك أنه دون الاستجابة لكل المطالب، فهيهات هيهات أن ينعم بأية راحة، وسيظل منبوذاً في الخليج والعالم العربي والإسلامي برمته، فهل وصلت الرسالة؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة