الأمير تميم الذي يفتقد إلى الخبرة والحكمة، أراد أن يكبر بسرعة فائقة، وظن أنه بالمال يمكن شراء كبسولة الزمن نحو المستقبل.
القوة والحكمة والعدالة وحب الشعب والنبل والشهامة هي صفات أساسية لأي زعيم، حسبما تعلمنا تاريخيا وجغرافيا وثقافيا، والمفترض أن لا خلاف على هذا.
ودخلت بعض الميزات العصرية التي تشمل الديمقراطية وحرية الفكر والتعبير وحرية الشعوب في تقرير المصير.
مصطلحات دولية، تحت رعاية منظمات إنسانية وحقوقية، وقوانين صقلتها الحضارة الإنسانية وما وصلت إليه، لتحدد علاقة الزعماء بشعوبهم والعكس.
لكن صفات الزعيم وقوته التي تشع عادة من كاريزما نادرة هي التي تخلق الفرق اليوم بين قائد وآخر.
وتحالف زعمين أو مجموعة من الزعماء غالبا وعبر التاريخ، كان مصدر قوة وعاد بالخير والعمار على الشعوب، وترك آثارا معمارية وإنجازات نقلتها لنا كتب المؤرخين.
سرعة القرار الأردوغاني بإعلان قطر محمية تركية، قد تخلق مصدر خلافات جديدة بين المصالح الإيرانية التركية، ولا نستبعد أن يتحول الحماة إلى متحاربين على أرض المحمية، ويكون الشعب القطري بعد أن خسر ماله وثرواته هو الفريسة المقبلة
لكننا اليوم أمام تحالف خطير؛ لأنه بني على الشر والجشع، التحالف الإيراني التركي القطري، والذي لا يعكس أبدا ولا يمثل تحالف الشعوب وآراءها، بل هم "زعماء" هذه الدول ولا يصح استعمال كلمة زعيم أو قائد عليهم لكن هم من يقومون بهذا الدور، وهم الذين اختاروا طرق الظلام للوصول إلى أغراضهم، رغم الدماء التي تراق في أمتنا ثمناً لأعمالهم وأطماعهم، والدمار الذي حل .
في إيران حيث يتغير الرؤساء ولا يتغير النظام، هو وجه يتغير بعد كل انتخابات، وكأنه قناع يزاح ليحل محله قناع آخر، للمواصلة في نفس النهج والسلوك داخليا وخارجيا منذ قيام الجمهورية الإيرانية "الإسلامية"، نفس الفكر التخفي تحت العمامة، المتستّر بالعباءة، حيث يختفي الأخطبوط المرعب والذي يريد الدمار للشرق والغرب، ويكفّر كل من لا يحمل ما يدور تحت عمامته، ويشيطن الحضارة الإنسانية، فكر تعرى للعالم لكنه مازال مطبقا على أنفاس شعبه، ولا ينقطع عن شراء الذمم وتصيد الفرص للانقضاض علي أجزاء من أمتنا، مستغلا الخلافات الطائفية التي لم يكن لها وجود من قبل، الشر الإيراني أحياها وغذّاها، وألقى بذورا أخرى رواها وما زال يفعل بدماء المسلمين بين سوريا واليمن والبحرين؛ آملا أن يحقق الحلم الفارسي القديم، ويعيد أمجاد عبدة النار باسم الإسلام الذي يستعملونه لغسل أدمغة شعوب بأكملها، وما أكثر اللغط الذي يؤلفون، يلعبون بعواطف شعوب تمر بأزمات اختلفت أسبابها بين حروب وحاجة؛ ليوظفوا عواطفهم ويعطوهم مساحات للنحيب واللطم والبكاء، وكأن ديننا وجد للحزن والهم وكأننا خلقنا لنعيش ونموت تعساء.
أردوغان من جانبه كان الحليف الثاني الذي سارع للانضمام للشق الإيراني، ليس لتوافق فكري أو أيديولوجي، بل على العكس فرؤى البلدين من النقيض إلى النقيض لكن جمعتهما "مصالحهما الشخصية" وأحلام التوسع، لكن كل المؤشرات تؤكد أن هذا التحالف لن يطول، وهذا ما بدأ مع الاجتماع الأخير في طهران الذي ضم فلاديمير بوتين وروحاني ورجب طيب أردوغان .
الخلافات حول سوريا لاختلاف الأهداف، دخلت على خط المصالح وبدأت تؤرق الجانب التركي الذي كان قد عمل منذ حوالي 8 سنوات على دعم الإرهاب في سوريا، وفتح حدوده للإرهابيين ليخدموه عن غير وعي منهم في سلب خيرات الشعب السوري ونهب المصانع بإنتاجها وآلياتها، وتهريب الثروات الطبيعية والآثار، وفي سبيل تحقيق هذه الأغراض لم تتمثل خدمات أردوغان ونظامه في فتح الحدود فقط أمام شباب جاهل جاء ظنا منه أنه يخدم الله والدين، ليجد نفسه عبدا للأطماع التركية وحلفائها في المنطقة، بل قدم العلاج والتعاون الكامل لزعماء المقاتلين وأمرائهم.
والآن فاقت أطماع التوسع ما قامت به تركيا في المنطقة بين سوريا والعراق ودعمها المعلن للإخونجية في كل دول المنطقة ودوليا، لتحتل حليفها الجديد الفتيّ، علنا وأمام الجميع الجيوش التركية تتجول في قطر، واللغة التركية مادة أساسية في مدارسها والأموال القطرية إرث مشروع لتحقيق حلم أردوغان، وهذا يأخذني للحليف الثالث الأمير الصغير تميم.
الأمير تميم الذي يفتقد إلى الخبرة والحكمة، أراد أن يكبر بسرعة فائقة، وظن أنه بالمال يمكن شراء كبسولة الزمن نحو المستقبل، والتكبر على الأشقاء والجيران، وإسقاط الكرامة، وأمام أول مشكل سقط "العملاق" الوهمي الذي ظن "نظام الحمدين" أنه حققه ليركض نحو الوراء يجر أموال شعبه نحو جحر الظلام، حيث يتقاتل أصحاب المصالح تحت رداء الدين.
الدين الذي سبق أن استعمله النظام القطري ليستقطب أصحاب الفكر من كل دول العالم، ولتكون الدوحة قصرهم المنشود حيث حيكت ومازالت تحاك مؤامرات تخدير الشعوب واستغلالها لتمديد النفوذ وتمكين المخالب.
لكن سرعة القرار الأردوغاني بإعلان قطر محمية تركية، قد تخلق مصدر خلافات جديدة بين المصالح الإيرانية التركية، ولا نستبعد أن يتحول الحماة إلى متحاربين على أرض المحمية، ويكون الشعب القطري بعد أن خسر ماله وثرواته، هو الفريسة المقبلة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة