قطر تفشل في "مناورة" كسب التعاطف الدولي
على مدار شهر كامل، فشلت فيه مساعي الدوحة في كسب التعاطف الدولي، لتعود بخفي حنين بقرار مجلس الأمن رفض طلبها بالتدخل في الأزمة
لا يزال العناد القطري مع السعودية والإمارات ومصر والبحرين مستمراً في طريقه حتى ألحق بنفسه خسائر فادحة لم تقتصر على النطاق العربي والإقليمي، ولكنها امتدت إلى فشل الدوحة أيضاً في كسب التعاطف الدولي، وهو ما تُوج برفض مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، لطلبها بالتدخل في الأزمة، بسبب دعمها للإرهاب.
وعلى مدار قرابة الشهر، بدا جلياً أن النظام القطري قرر الاستمرار في عزلته عن الخليج والعرب، دون مراجعة أو تراجع عن الممارسات غير المقبولة التي دفعت الدول الأربع لاتخاذ قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة.
وليس هناك أدل على تشبث أمير قطر بمعاندة الدول الأربع، من البدايات نفسها التي أصر فيها عبر خارجيته على التأكيد على أن المقاطعة "غير مبررة"، وأنها "مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة"، رغم حقيقة دعمها للإرهاب وتدخلها في شؤون الدول الخليجية والعربية، والدفع باتجاه عدم استقرارها.
صفعة مجلس الأمن
وبالأمس، قال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة، بيو جيي الذي تتولى بلاده رئاسة المجلس لشهر يوليو/تموز الحالي، إن "الطريقة المثلى للخروج من الأزمة الخليجية الراهنة تكون بتوصل الدول المعنية إلى حل عن طريق الحوار والتشاور فيما بينها".
واعتبر مراقبون أن تصريح الدبلوماسي الصيني يعني أن مجلس الأمن لا يعتزم التدخل في الأزمة، وهو موقف جاء ليدحض مساعي الدوحة للحصول على دعم من مجلس الأمن، والتي ظهرت في لقاء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثان، الجمعة الماضي، بأعضاء مجلس الأمن الدولي.
النبرة الأمريكية.. "حاسمة وموحدة"
وعلى غرار مجلس الأمن، جاء رد الإدارة الأمريكية الجديدة، منذ بدايات الأزمة، موحداً، بخلاف ما اعتادته الدوحة مع الإدارة الأمريكية السابقة التي كانت تقف خلف ظهرها دائماً، ليتغير الأمر ويكون هناك دعم لمقاطعة الدول العربية لقطر.
وفي اليوم التالي لقرار المقاطعة، تناقلت وسائل الإعلام الدولية، تصريحات على لسان مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية، أن هناك تسليماً بأن كثيراً من تصرفات قطر مقلقة تماماً ليس لجيرانها في الخليج فحسب وإنما للولايات المتحدة أيضاً.
وتبعت تصريحات المسؤول الكبير، تصريح آخر كان حاسماً، لكن هذه المرة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي دوّن في تغريدات عبر حسابه الرسمي معتبراً المقاطعة "بداية النهاية لفظائع الإرهاب"، داعياً في اليوم التالي قطر للتوقف وعلى وجه السرعة وفوراً عن تمويل الإرهاب.
ولم تتوقف تصريحات الرئيس الأمريكي عند هذا الحد، لكنه قال بوضوح، إن "قطر كانت تاريخياً ممولة للإرهاب على أعلى مستوى"، مشيراً إلى أنه "اتفق مع القادة العسكريين والمسؤولين التأكيد على دعوة قطر لوقف دعم الإرهاب.. ولا يمكن لأي بلد متحضر أن يقبل بهذا العنف أو يسمح لهذا الفكر الخبيث أن ينتشر على شواطئه".
- محمد بن سلمان يتلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الدفاع الأمريكي
- الخارجية الأمريكية تدعو قطر لطرد العناصر الإرهابية
- البيت الأبيض يؤيد الموقف السعودي ويطالب قطر بتنفيذ 3 شروط
مساع "متخبطة" وحليفان
فسر مراقبون ومحللون سياسيون، الاتصالات التي أجراها وزير الخارجية القطري مع بدايات الأزمة، مع نظرائه في كل من تونس والجزائر والسودان والمغرب ومستشار رئيس الوزراء الباكستاني، بأنها اتصالات وساطة وضمان عدم الانضمام للمقاطعين، لاسيما أن الخارجية القطرية لم توضح تفاصيل تلك الاتصالات التي جاءت في أعقاب المقاطعة.
وقام وزير الخارجية القطري بجولة أوروبية خالية الوفاض، شملت عدة دول بدأت من باريس، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، وبلجيكا، في محاولة بائسة منه لكسب التأييد والتعاطف الدوليين.
ولم يبدو أن هناك داعماً للدولة القطرية عدى تركيا وإيران، فالأخيرة كانت أول من فتح ذراعيه للنظام القطري، طارحة نفسها حليفاً معلناً، حيث قال رئيس اتحاد الصادرات الإيرانية، رضا نوراني، إن الحدود البرية الوحيدة لقطر مع السعودية، إلا أن إيران تعتبر الأقرب بحرياً وتستطيع شحن المواد الغذائية لقطر في غضون الـ12 ساعة.
كما أصاب التوتر الخارجية الإيرانية، حيث أجرى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد، محادثات مع نظيره القطري، وعد خلالها بتقديم يد المساعدة والعون لقطر بعد عزلتها العربية، أعقب ذلك باتصالات مع وزير الخارجية الكويتي، صباح الخالد الصباح، ومنسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فدريكا موجيريني، حول التطورات في المنطقة والأزمة الناشبة بين قطر والبلدان العربية.
في الاتجاه نفسه كان الدعم التركي الذي جاء بعدما عقدت قيادات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية اجتماعاً في تركيا بمشاركة عدد من كبار الشخصيات داخل الحكومة التركية، ليتفقوا على الاستمرار في العمل على دعم الحكومة القطرية والأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، في سياسته التحريضية ضد مصر.
جهود مكوكية وتنسيق
وفي مقابل التحركات القطرية، كان هناك تحرك رباعي موعد منذ بدايات الأزمة، حيث انطلقت الجهود المكوكية لكل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين، إلى جانب دول أخرى سعت للقيام بدور الوساطة، فكانت البداية مع زيارة الأمير خالد بن فيصل بن عبد العزيز آل سعود، مستشار خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، للكويت.
وتلا الزيارة دعوة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لقطر، لتهدئة التوترات الإقليمية وعدم اتخاذ خطوات من شأنها تصعيد الخلاف بين الأشقاء الخليجيين، بعدما أجرى اتصالاً هاتفياً بالأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني، أعرب خلاله عن تمنيه العمل على تهدئة الموقف وعدم اتخاذ أي خطوات من شأنها التصعيد والعمل على إتاحة الفرصة للجهود الهادفة إلى احتواء التوتر بالعلاقات الأخوية بين الأشقاء.
وفي هذا الإثناء، زار العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة السعودية، موجهاً الشكر لقيادتها على الدعم الذي تتلقاه دوماً، مضيفاً أن السعودية تدعم أمننا واستقرارنا أمام التدخلات القطرية والإيرانية. فيما زار أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، دولة الإمارات العربية المتحدة على رأس وفد رفيع.
وامتدت الزيارات المكوكية إلى زيارات تالية قام بها العاهل البحريني لمصر ثم الإمارات، في الوقت الذي أعقب أمير الكويت زيارته للإمارات بزيارة للسعودية.
أما في الأيام التالية فكانت اللقاءات الدبلوماسية المكثفة لوزراء الخارجية العرب، حيث التقى وزير الخارجية السعودي، الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، في مكتبه بالديوان العام للوزارة، بسفراء كل من السعودية والإمارات ومصر، بينما زار وزير الخارجية السعودي، عادل بن أحمد الجبير، باريس، لتعلن بعدها فرنسا أنها لن تنحاز لأي طرف، ولكن يجب على قطر التحلي بالشفافية التامة والرد على أسئلة جيرانها.
ورغم موقف فرنسا الواضح، لكن الدوحة لم تسأم من مساعيها التي باءت بالفشل، حيث زار وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، باريس، مدعياً أن بلاده ليست لديها فكرة عن السبب الذي دفع الدول الأربع لقطع العلاقات الدبلوماسية وروابط النقل معها.
لكن بحث الوزير القطري عن متنفس لم يجد صدى لدى القيادة الفرنسية التي لم تغير موقفها،
زيارات أخرى، قام بها الجبير، كانت للعاصمة العمانية، وواشنطن، وبريطانيا التي زارها أيضاً وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، لبحث قضايا الإرهاب والتطرف.
وفي زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى برلين، استثمر محادثاته مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الإثنين، لبحث التطورات الراهنة المتعلقة بقطر، فضلاً عن بحث سبل التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات القائمة بالمنطقة.
وكذلك زيارة قام بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة للقاهرة، التقى خلالها السيسي، بحثا فيها تضافر الجهود لوقف تمويل الإرهاب.
قائمة الجهود المكوكية لم تقتصر على الزيارات لكنها شملت المحادثات التي تلقتها الدول الأربع، حيث أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مكالمة هاتفية، ناقشا خلالها الأزمة القطرية، وعلى الإرهاب.
- مباحثات سعودية أمريكية حول مكافحة تمويل المنظمات الإرهابية
- سفراء السعودية ومصر والبحرين والإمارات يجتمعون بمسؤول في الخارجية البريطانية
إدانة "مؤكدة" على لسان صاحبها
وكانت من بين مساعي قطر إظهار قرار المقاطعة على أنه حصار تصريحات أدلت بها وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حاول من خلالها الدفاع عن بلاده، لكنه على العكس أثبت بصورة مؤكدة إدانة بلاده بدلاً من تبرئتها.
وقال الوزير القطري، إن "بلاده ليست الوحيدة الداعمة للإرهاب وإنها تقع في أسفل قائمة الدول المتورطة في جرم تمويل الإرهاب".
ودفعت التصريحات خبراء القانون الدولي بمطالبة الدول العربية بالعمل على مقاضاة قطر دولياً بعد تصريح وزير خارجيتها، الذي اعترف فيه بدعم بلاده للإرهاب.
دائرة العزلة تتسع
اتسعت دائرة المقاطعة ولم تشمل الدول العشر التي كان آخرها جزر القمر، لكنها توّجت بتأييد من دول مثل إريتريا التي اعتبرت المقاطعة خطوة في الاتجاه الصحيح تنطوي على تحقيق كامل للأمن والسلام في المنطقة، وردود فعل لدول أخرى مثل تونس التي أجرت تحقيقاً حول وجود عمليات تمويل مشبوهة، لوزارة الدفاع القطرية على أراضيها.
وفي الكويت، قررت السلطات الأمنية استدعاء المواطنين الثلاثة الذين شملتهم قائمة الإرهاب الصادرة من السعودية ومصر والإمارات والبحرين، وهو رد فعل يصب في صالح الدول ويؤكد فشل قطر في كسب أي تعاطف حتى ولو كان إقليمياً.
أما الصين، فأوضحت موقفها عندما قال وزير الخارجية الصيني لنظيره الإيراني، إن الحفاظ على الهدوء والاستقرار في الخليج هو الأفضل للجميع.، كذلك أستراليا التي طالب فيها برلمانيون أستراليون بلادهم بحظر الخطوط الجوية القطرية، وقطع العلاقات الاقتصادية مع الدولة، التي اتهمت برعاية الإرهاب في الشرق الأوسط.
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjUg جزيرة ام اند امز