مكالمة تميم وروحاني.. استنجاد متبادل وبحث عن دور تخريبي جديد
مكالمة أمير قطر للرئيس الإيراني تحمل أبعاد استنجاد متبادل، في ظل الخناق الذي بدأت تتأثر به إيران، والمأزق الذي يعاني منه "تميم".
أظهرت المكالمة الهاتفية بين أمير قطر، تميم بن حمد، والرئيس الإيراني حسن روحاني، قبل أيام، أبعادا تحمل استنجادا متبادلا، في ظل الخناق الذي بدأت تتأثر به إيران، على خلفية العقوبات الأمريكية، في ظل عمل نظام "ولاية الفقيه" على زعزعة استقرار المنطقة، وعدم الالتزام بالاتفاق النووي، والمأزق الذي يعاني منه "تميم"، مع دخول المقاطعة العربية عامها الثاني، وتأثر الاقتصاد القطري والاحتياطي النقدي، حيث يطل استنجاد متبادل بين نظام تضربه العقوبات، لا يستطيع استكمال ما حدث العام الماضي، بعد 5 يونيو/حزيران 2017، من دعم الإمارة المقاطعة.
وعلى حد قول سياسيين ومتخصصين في ملفات الشرق الأوسط، فإن المكالمة التي شهدت بحثاً عن دور قطري جديد في زعزعة استقرار المنطقة، استُقطعت مساحة كبيرة منها، عن مصير خطة الحلف الإيراني-القطري في دعم الحوثيين، في ظل الانتصارات المتكررة في اليمن لقوات التحالف، لدعم الشرعية، بجانب المقاومة اليمنية ضد التنظيم الحوثي، لتطل حالة من تصفية الحسابات مغلفة بالمعاتبة، بحسب محللين سياسيين، حول عدم توفير الدوحة التمويل المطلوب لتنظيم الحوثي، لمنع تحرير "الحديدة" على يد التحالف العربي، وفي الوقت نفسه، مدى التقصير من قوات الحرس الثوري في الدعم العسكري لـ"الحوثي"، في المعارك الدائرة في "الحديدة"، ليصل الأمر إلى هروب فلول "الحوثي" من مواقعهم، تاركين السلاح والعتاد.
ويتحدث عن ذلك، مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث والدراسات رمضان أبو جزر، الذي قال إن الاتصال الذي جمع "روحاني" و"تميم"، والإعلان عنه في هذه الأثناء، ونحن على أبواب انتصار كبير في اليمن، هو دليل انزعاج وغضب متبادل في باطنه، وفي ظاهره شد أزر كل منهما للآخر، والتباحث في إذا ما كان لقطر دور جديد آخر تقوم به، في محالة لإنقاذ الحوثيين في اليمن، بعد أن عجزت إيران والحرس الثوري في تقديم العون اللازم، الذي يوقف الانتصارات للتحالف في اليمن، بعد أن عجزت إيران عن تقديم الدعم للانقلابيين في الحديدة، لا سيما أن انتهاء معركة الحديدة، سيؤهل المنطقة إلى وجه جديد في التعامل السياسي، وسيزداد وضع قطر صعوبة إلى جانب مقاطعة دول الجوار إليها، لا سيما مع عمل قناة "الجزيرة" كذراع إعلامية للمليشيات الإيرانية في اليمن، لدرجة أن هذه القناة باتت في قالب قناتي "المنار" و"العالم"، وهنا يتضح أن أمير قطر يحاول جاهداً، تثبيت العلاقة مع إيران.
وأوضح "أبو جزر"، لـ"العين الإخبارية"، أن "تميم" رغب من خلال المهاتفة في أن يقول إن قطر لها خيارات أخرى، تعلن فيها التحدي لدول المقاطعة، بدلاً من الإصلاح والعودة عن سياسات دعم الإرهاب، وذلك يؤكد أنها متمسكة بأحضان محور إيران وتركيا وإسرائيل، وهذه ليست خيارات الشعب القطري، ولكنها خيارات تنظيم "الحمدين"، وسيكونون الخاسرين بعد تحرير الحديدة وصنعاء، ولكن المؤكد بالاتصال، أن قطر تمر بأزمة كبيرة، فقدت الأصدقاء بعد أن خسرت الإخوة، فتوجهت إلى إيران تستنجد بالفارسي المتربص بأمن دول الخليج، وكأن أمراء قطر فقدوا أي حاضنة عربية أو أوروبية، وانتصارات الشرعية في الحديدة، ستضع التحالف على أبواب صنعاء، لتفقد قطر وإيران باباً مهماً في مواجهة دول المقاطعة، التي تضم الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، وأيضاً فقدان الدوحة جانباً مهماً "بروباجندي"، يتعلق بأنها تدعم الإنسانية، في ظل حجم المساعدات التي تقدم من السعودية والإمارات إلى اليمنيين في هذا التوقيت، ومن ثم التفاف الشعب اليمني حول دول التحالف، فنقول بصراحة إن قطر تعاني نفسياً في هذه المرحلة.
أما المحلل السياسي السعودي خالد الزعتر، فقال إن الاتصال الذي جرى بين أمير قطر والرئيس الإيراني، له دلالة في توقيته، فهو اتصال يركز بشكل كبير على الموضوع اليمني، خاصة أن هذه المهاتفة جاءت في وقت تستعد قوات التحالف العربي للسيطرة على مدينة الحديدة، وهو ما سيؤدي إلى تمهيد الطريق أمام إحكام السيطرة على ميناء الحديدة الاستراتيجي، الذي يعد الشريان الرئيسي لإمداد الحوثيين بالسلاح الإيراني، ولذلك فإن سيطرة التحالف العربي عليه سوف تمنع الحوثيين من التزود بالسلاح، وهو ما يعني نهاية المشروع الإيراني في اليمن؛ ليكون هذا الاتصال في التوقيت الحالي بين تميم وروحاني، عنوانه الرئيسي هو العمل على رفع مستوى التنسيق والتعاون لمرحلة ما بعد الحديدة، والعمل على إيجاد بدائل لتزويد الحوثيين بالسلاح.
وأوضح الزعتر، لـ"العين الإخبارية"، أن الاتصال الذي جرى بين تميم وروحاني كشف عن الكثير من الأبعاد في العلاقة بين قطر وإيران، وهو ما يمكن أن نشاهده في اتفاق الطرفين على رؤية موحدة تجاه اليمن، ما يعني أن قطر وضعت نفسها في المحور الداعم للحوثيين بشكل مباشر، بعد أن كان هذا الدعم على استحياء، ويركز بشكل كبير على التغطية الإعلامية المنحازة للحوثيين، أما عن الرؤية الموحدة التي اتفق عليها أمير قطر والرئيس الإيراني، فهي يمكن قراءتها من خلال تغطية الجزيرة الإعلامية، التي أصبحت ذراعاً دعائية للمليشيات الإيرانية في اليمن، ما يعني أنه أصبح هناك تقاسم للأدوار بين قطر وإيران، حيث توفر إيران الذخيرة والسلاح للمليشيات الحوثية، لتتولى قطر الدعم الإعلامي والمالي.