قطر في إيطاليا.. إرهاب يدنس المساجد والتعليم ويلوث الاستثمارات
سمير عز الدين، الخبير المغربي في شؤون المجموعات المتطرفة، يقول إن قطر نجحت في خداع روما عبر مقترحات تعاون تشمل بالأساس الجانب التعليمي
المساجد والاستثمارات والتعليم.. 3 ركائز أساسية تعتمد عليها الدوحة لزرع التطرف في إيطاليا، في إطار مخطط أوسع لاستنساخ نسخة قد تكون أكثر بشاعة من الخراب الذي أحدثته بالشرق الأوسط.
ومع أن "أوراق قطر" المتطايرة منذ فترة كشفت، استنادا إلى وحدة تخزين بيانات موثقة، الدعم القطري للإرهاب في إيطاليا، إلا أن الأدلة والبراهين ما انفكت تتقاطر في كل مرة، لتقصف آمال الدوحة بالحصول على تعاطف دولي ينجيها من ورطة دعمها للتنظيمات الإرهابية.
سمير عز الدين، الخبير المغربي في شؤون المجموعات المتطرفة، تطرق إلى مصادقة البرلمان الإيطالي على اتفاق بين روما والدوحة، يعطي الضوء الأخضر لافتتاح مدارس قطرية في إيطاليا.
وفي حديث لـ«العين الإخبارية»، قال عز الدين، تعليقا على القرار: إن وجهة النظر السياسية للسلطات الإيطالية تختلف، بشكل أو بآخر، عن الموقف الشعبي أو الرأي العام.
وأضاف أن «قطر نجحت في خداع روما عبر مقترحات تعاون تشمل بالأساس الجانب التعليمي، مستندة في ذلك إلى حجم الجالية العربية وخصوصا المغاربية (تونس والجزائز والمغرب وليبيا) الموجودة في هذا البلد».
واعتبر أن الدوحة سبق وأن تغلغلت في إيطاليا تحت غطاء الاستثمار، حيث استحوذت مجموعة الاستثمار القطرية، في 2012، على دار الأزياء الإيطالية الفاخرة فالنتينو، كما اشترت الدوحة بالعام نفسه مجمّع كوستا أزميرالدا السياحي الفاخر في جزيرة سردينيا، علاوة على عدة استثمارات أخرى في مجال الطيران.
وحذر الخبير من أن هذه الرغبة الجامحة في الاستثمار في إيطاليا لا تأتي بناء على مفهوم الاستثمار الخارجي المتعارف عليه، بل بغرض إيجاد قنوات لتحويل الأموال للجمعيات التي تنشئها هناك، والتحايل بالتالي على القوانين الصارمة في البلد الأوروبي حول تمويل الجمعيات الأجنبية.
وبخصوص اتفاقية التعليم الأخيرة بين قطر وإيطاليا، أشار عز الدين إلى أن القرار سيمنح الدوحة الضوء الأخضر لتفعيل أكبر أهدافها، وهو استهداف النشء، تحت يافطة المدارس القطرية التي ستكون مناهجها ملغمة بالتطرف، وهذا يدل على أن المخطط القطري لاختراق إيطاليا ليس مجرد مسار مرحلي، وإنما يشكل هدفا على المدى البعيد والمتوسط.
وبالنسبة للخبير، فإن الاتفاقية الأخيرة تعد أخطر الاتفاقيات بين الجانبين، محذرا من أن إيطاليا فتحت من حيث لا تشعر لقطر أبواب تعزيز مشاريعها المتطرفة في البلاد وفي القارة العجوز بشكل عام، كما منحتها أيضا وسيلة للتبجح والإفلات من الأسئلة المحرجة حول روابط الدوحة بالتنظيمات الإرهابية.
تمويل بناء المساجد
الأيديولوجيا العمياء لنظام قطر تجعله لا يتوانى عن توظيف دور العبادة لتحقيق مآربه، حيث يستخدم تمويل بناء المساجد في إيطاليا مبرِّرا للتحويلات المالية الضخمة التي يحولها لحسابات أذرعه المسمومة هناك، والمتموقعة بالبلد الأوروبي تحت يافطة الجمعيات الإسلامية.
عز الدين لفت إلى ما كشفت عنه وثائق قطر، قاعدة البيانات المسربة التي فضحت بالأدلة، تورط الدوحة في تمويل الإرهاب في أوروبا وإيطاليا تحديدا.
وتابع: «الدوحة استعملت مؤسسة قطر الخيرية التي تمول أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، لتمويل بناء العديد من المساجد بإيطاليا، ووزعت في 2014 وحدها 22 مليون يورو في إيطاليا، جزء كبير منها موجه لبناء أماكن العبادة».
واستدرك: «ولكن في الواقع، فإن معظم تلك الأموال لا تذهب بالفعل لبناء المساجد، وإنما ما يحدث فعلا هو تشييد بعض دور العبادة لاستخدامها مكانا لاستقطاب وتجنيد العملاء وزرع التطرف في عقول الأجيال الثانية والثالثة للمهاجرين بشكل خاص، فيما يتوزع الجزء المهم على رجال الدوحة لتمويل أنشطة مريبة أخرى».
أنشطة مريبة لطالما لاقت استنكارا في إيطاليا، حيث طالب النائب البرلماني عن رابطة الشمال اليمينية المتطرفة، باولو جريمولدي، في أكثر من مناسبة، بالتحقيق حول مصدر ووجهة التدفق المالي القطري الموجه لبناء المساجد.
"أوراق قطر" والصاروخ والرهينة
كثيرون اعتقدوا أن فرنسا كانت أكثر بلدان أوروبا استهدافا بالتمويلات القطرية المشبوهة، لكن كتاب «أوراق قطر»، الصادر العام الماضي للصحفيين الاستقصائيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرنو، أظهر أن إيطاليا هي الدولة التي استثمرت فيها الدوحة أكثر من غيرها.
وبحسب الكتاب، أقامت الدوحة أكثر من 56 مشروعا في إيطاليا بقيمة 22 مليون يورو، وتمركزت استثماراتها بشكل أساسي في جزيرة صقلية، وبمدن سارونو في بياتشينزا وبريشيا والساندريا.
كما دعمت اتحاد الهيئات الإسلامية بمبالغ خيالية لتلويث المساجد بالفكر الظلامي، واستقطاب الشباب المهاجر وغسل أدمغته تمهيدا لاستقطابه وتجنيده ضمن المجموعات الإرهابية التي تشكلها الدوحة وتستخدمها معاول خراب في أوروبا.
ورغم أن الكتاب بما تضمنه من وثائق ومؤيدات شكلت قنبلة ناسفة بوجه قادة قطر، إلا أن الدويلة غاصت تحت ركام عارها لفترة، قبل أن تطل مرة أخرى حين انحسر مد الاستنكار بشكل بديهي بفعل مرور الوقت.
وفي يوليو/تموز 2019، ضبطت الشرطة الإيطالية صاروخ جو- جو في حالة تشغيل جيدة ويستخدمه الجيش القطري، في حادثة فجرت استنكارا واسعا، ومطالبات بالتحقيق في الوجود القطري بإيطاليا.
كما حذرت منظمات محلية من أن الدوحة قد تضرب استقرار إيطاليا في حال حدوث أي تضارب للمصالح في عدد من الملفات، وخصوصا الليبي، مشيرة إلى أن الدور القطري المشبوه قد يكلف روما الكثير على المدى المتوسط.
وقبل أسبوعين، سلط العديد من وسائل الإعلام الإيطالية الضوء على دور الدوحة المشبوه في إطلاق سراح عاملة الإغاثة الإيطالية سيلفيا رومانو التي اختطفتها حركة الشباب الصومالية في نوفمبر تشرين الثاني 2018.
وتحدث الإعلام الإيطالي عن الدور الذي قام به مقربون من نظام تميم بن حمد أمير قطر للإفراج عن الرهينة، حيث قالت صحيفة "كورييا" المحلية: إن قطر تساعد الحركات المتطرفة وتدفع لها أموالا بشكل غير مباشر لمساعدة هذه الفصائل الخطيرة، مشيرة إلى أن الدوحة دفعت أكثر من مليار دولار على شكل فدية لإطلاق سراح مواطنين.
فيما قالت صحيفة "تى جى 24" الإيطالية إن قطر لديها اتصالات مهمة مع الشباب الصومالية، وتعتبر الدوحة من بين الداعمين الرئيسيين للحركة الإرهابية.