قطر وتقرير خاشقجي.. تساؤلات مشروعة
أكد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر دعم بلاده للسعودية في كل ما من شأنه تعزيز أمن واستقرار وسيادة المملكة.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي من أمير قطر، مساء أمس الأحد.
الاتصال الهاتفي الذي جاء بعد 3 أيام من نشر تقرير الاستخبارات الأمريكية بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، خلا من الحديث عن موقف الدوحة من التقرير الأمريكي.
كما سبق الاتصال القطري صدور بيانات رسمية تضمنت مواقف تضامن صريحة وقوية واضحة من جميع دول مجلس التعاون تدعم الموقف السعودي الرافض للتقرير الأمريكي، المبنى على استنتاجات وافتراضات مسيئة وغير صحيحة حول المسؤولية عن تلك الواقعة التي حصلت عام 2018.
وقالت وكالة الأنباء القطرية الرسمية، إن "الشيخ تميم عبر عن دعم بلاده الراسخ للسعودية"” دون أي إشارة إلى التقرير الأمريكي، ما يفسر بأن الأمر عبارة عن " حديث عام" يمكن أن يفسر لصالح دعم السعودية في مواجهة الهجمات الحوثية الإرهابية ضد المملكة، على عكس مواقف دول الخليج الأخرى التي رفضت بشكل واضح ما تضمنه تقرير الاستخبارات الأمريكية.
استياء واسع
وأكد مراقبون ومحللون للشأن الخليجي أن تأخر قطر في الإعلان عن دعمها المملكة، ودعم صدور مواقف واضحة منها في هذا الشأن، أثار استياء واسعا داخل المملكة.
واعتبروا أن "الصمت القطري الرسمي غريب وغير مبرر ".
وكانت قطر الدولة الخليجية الوحيدة التي لم يصدر عنها بيان صريح عن تأييدها للموقف السعودي الرافض لتقرير الاستخبارات الأمريكية بشأن مقتل خاشقجي.
ورفضت الرياض التقرير الذي نشرته واشنطن، الجمعة، قبل أن تصدر مواقف رسمية من الإمارات والبحرين والكويت وسلطنة عمان والبرلمان العربي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، مؤيدة للموقف السعودي الرافض للتقرير المبنى على تكهنات واستنتاجات.
وعقب دقائق من نشر التقرير الأمريكي، أصدرت الخارجية السعودية بيانا أكدت فيه أن "حكومة المملكة ترفض رفضاً قاطعاً" ما ورد في التقرير.
وأكدت أنه تضمن "استنتاجات مسيئة وغير صحيحة عن قيادة المملكة ولا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال"، كما تضمن "جملة من المعلومات والاستنتاجات الأخرى غير الصحيحة".
أمور هامة أغفلتها "الجزيرة"
وبين مراقبون أن ما يثير الاستياء من الموقف القطري، التغطية الإعلامية لقناة "الجزيرة" القطرية حيث وصفوها بـ" المنحازة ضد السعودية والمحرضة على المملكة وقيادتها".
وأشاروا إلى أن الجزيرة أسهبت في تغطية مفتوحة في الحديث عن التقرير الأمريكي وتداعياته، بجانب استضافة محللين وضيوف مناهضين لقيادة المملكة، ومشككين بالمحاكمة التي جرت في الرياض لقتلة خاشقجي.
وقامت وسائل إعلام ممولة من قطر ومغردين موالين لها بتبني مواقف مناهضة للمواقف الخليجية المشتركة، وفتح المجال لأصوات معادية للمملكة للتعبير عن وجهات نظرهم الحاقدة على المملكة وقيادتها.
وضمن التساؤولات المشروعة التي طرحها المراقبين أيضاً هو ما الهدف من قيام قناة الجزيرة ووسائل الإعلام القطرية بإغفال ذكر الكثير من الأمور التي تشكك في مصداقية التقرير الأمريكي؟.
وبينوا أن من أبرز تلك الأمور أن التقرير مبني على استنتاجات وتقييم للاستخبارات الأمريكية، ولا يوجد به أي أدلة تدين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أو أي معلومات أو شهادات تؤيد الاستنتاج الأمريكي.
وأوضح المراقبون كذلك أن التقرير الأمريكي امتلأ بعبارات تشكك في صحته، من قبيل "نقدر، نتوقع، نظن، من المحتمل، لا نعرف".
ولفتوا إلى أن البند الأساسي الذي يبني عليه التقرير تقييمه واستنتاجه، بشأن إنه "من غير المرجح أن يقوم المسؤولون السعوديون بعملية من هذا النوع دون إذن ولي العهد"، سبق أن فنده الأمير محمد بن سلمان نفسه في لقاء سابق مع برنامج "60 دقيقة"، بثته شبكة "سي بي إس" الإخبارية الأمريكية في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وقال الأمير محمد بن سلمان آنذاك إن "البعض يتوقع أنني يجب أن أعرف ما يفعله 3 ملايين موظف في الحكومة السعودية يوميا! من المستحيل أن يرسل الثلاثة ملايين تقاريرهم اليومية إلى القائد أو ثاني أعلى مسؤول في الحكومة السعودية".
ولفتوا إلى أن وسائل إعلام قطر أغفلت أيضا إبراز شفافية المملكة في التعامل مع القضية منذ البداية وإصدار أحكام نهائية ضد المدانين.
وفي 7 سبتمبر/أيلول الماضي، صدرت أحكام نهائية بلغ مجموعها 124 سنة بحق 8 متهمين بمقتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
أحكام قطعت بموجبها السعودية الطريق أمام كل محاولات الابتزاز والتحريض وحملات الافتراء الممنهجة، وأفشلت محاولات تسييس القضية بغرض استهدافها.
وأثبتت الرياض للعالم كله مدى نزاهة واستقلالية قضائها ومصداقيتها في كشف الحقائق ومعاقبة المدانين وحرصها الدائم على مواطنيها داخل وخارج البلاد.
إعادة تصويب المواقف
ولفت مراقبون إلى أن تغطية "الجزيرة" اصطدمت باصطفاف خليجي عربي شعبي ورسمي مع المملكة وولي العهد السعودي.
وأثارت تلك التغطية والمواقف استياء نخبة من الشخصيات السياسية والمجتمعية ونشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين ما إذا كان لدي قطر نوايا صادقة وجدية لتحقيق مصالحة بعد اتفاق العلا.
وبين المراقبين أن الكرة الآن في ملعب قطر لإبداء حسن النوايا وتلافي تداعيات مواقف سابقة اتخذتها، وإعادة تصويب سياستها، والاصطفاف بجانب أشقائها في دول الخليج لدعم موقف المملكة.
aXA6IDMuMTQ1Ljc2LjE1OSA= جزيرة ام اند امز