إعلام قطر في عام على المقاطعة.. غرف للفبركة وتزييف الحقائق
غابت الحقائق عن حصيلة الدوحة لعامها الأول من المقاطعة، لكن ما غيبته الأخيرة استحضره الإعلام المحايد حول العالم
تعليمات مركزية يصدرها النظام القطري، فتتلقاها شبكات ومليشيات إعلامه الداخلية والخارجية، لتتناوب عليها طوال فترة محددة قبل صدور تعليمات جديدة.
حلقة لا تنتهي من التعليمات يغرق فيها الإعلام القطري منذ مقاطعة بلاده، قبل عام، من قبل كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، حتى باتت جميع المقالات والتحليلات والبرامج التلفزيونية وحتى السوشيال ميديا، متشابهة باهتة تكرر نفس المصطلحات والشعارات الجوفاء.
بيادق تلميع وتشويه
الأزمة القطرية يعرفها الإعلام الدولي المحايد بأنها نتاج لكسر الدوحة ثقة جيرانها في منطقة الخليج العربي، ولإصرارها على دعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار وتجديد أدواتها في ذلك.
وبناء على ذلك، يصف هذا الإعلام قرار الرباعي قطع علاقاته مع الدوحة بـ"المقاطعة العربية"، وهو ما تدعيه قطر "حصارا" مع كل ما يحمله هذا المصطلح من شحنة عدوانية وظلم وتعد على الآخر.
توصيف يشكل نواة السياسة الإعلامية القطرية، وتتشارك فيه جميع وسائل الإعلام بهذا البلد، حتى أن مطلعين على الشأن الداخلي يقولون إن أي سهو في استخدام هذا المصطلح يعرض صاحبه للتوبيخ إن لم يكن أكثر من ذلك.
أما بقية الأذرع، فتقوم على حملات إعلامية متواترة، تأخذ بعين الاعتبار جميع ما تكتبه الصحافة في دول المقاطعة، للرد عليها بشكل فوري سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وفي الذكرى الأولى للمقاطعة التي تصادف الخامس من يونيو/حزيران الجاري، وتواكبها "العين الإخبارية" بتغطية خاصة، تسلط الدوحة الضوء على "نصر" مزعوم لأميرها تميم، لأن نظامه لم يسقط في العام الأول من المقاطعة، مدعية أن الأخير أحبط بذلك آمال وأهداف جيرانه.
غير أن المبالغة في التركيز على هذا الجانب، وجعله محور السياسة الإعلامية الحكومية، كشف بوضوح الارتباك الحاصل في عمق النظام، والزلزال الذي أثارته المقاطعة في بلد تعرى ضعف بناه التحتية في الكثير من المجالات.
مبالغةٌ قابلها تجاهل شبه تام من قبل الإعلام الإقليمي والدولي، وهو ما أحبط الدوحة ودفعها إلى محاولة القفز إلى الواجهة بين الحين والآخر، لاستعادة أضواء يبدو أنها انحسرت إلى الأبد عن ملف تجاوزته الأحداث، وأغرقه الملل جراء تعنت طال أمده.
غرف فبركة إعلامية
تقارير إعلامية دولية تناولت كيفية إدارة الدوحة لأزمتها على الصعيد الإعلامي، مشيرة إلى أن هذا البلد جنّد وسائل الإعلام في عدة دول، عبر دفع الرشاوى والتمويلات.
وفي كل وسيلة إعلامية، تخصص غرفة عمليات لفبركة الأخبار على المقاس، وتصوير الريبورتاجات، وتمثيل مشاهد تضمن في أشرطة وثائقية، وتسجيل شهادات للرأي العام مدفوعة الثمن وغيره من الممارسات اللاأخلاقية.
استثمارات ضخمة خصصتها الدوحة لتلميع صورتها وتشويه صورة دول المقاطعة، وكلما نفذت أفكارها، تقوم بتحريك أحد بيادقها في أي ركن من العالم، أو تصدر قرارا لافتا، مثل لائحة إرهابها الصادرة في مارس/ آذار الماضي، أو القرار الأخير بسحب البضائع والسلع المستوردة من السوق القطرية.
فالقرار الأخير بدا من الواضح أنه يأتي ضمن استعدادات الدوحة للاحتفال بعام من وهم "الصمود" في مواجهة ما تدعيه "حصارا"، وفي إطار صورة مغلوطة تريد تسويقها للرأي العام المحلي والدولي، في وقت تئن فيه جميع المؤشرات الاقتصادية تحت ثقل مقاطعة قد تطول وقد تجبر الدوحة على أسوأ الحلول بالنسبة إليها.
حسابات ختامية ملفقة
نهاية الأسبوع الماضي، غرّد مكتب الاتصال الحكومي القطري بهاشتاغ «قطر – تمضي – قدمًا»، في رسالة مركزية تزعم بأن البلاد لا تشكو من أي ارتدادات للمقاطعة، وأنها تجاوزت العام الأول بأمان، وهو العنوان الذي تكرر مؤخرا، في معظم الصحف القطرية المحلية وفي الأبواق التابعة لها في الخارج.
وكما جرى تزييف جميع المفاهيم المتعلقة بحقيقة موقف دول المقاطعة، فقد كان من البديهي أن تأتي تقييمات حساب ختام العام الأول من المقاطعة خاليا من المصداقية، محشوا بكم لافت من المغالطات والتزييف والتزوير.
حساب أسقط عمدا تكاليف كثيرة تكبدها النظام القطري في مواجهة عزلته الإقليمية، ولشراء الذمم والمواقف لتلميع صورته دوليا، وهو المعروف بسخائه في تجديد أدواته، ودفع الملايين من أجل تصدير صورة إعلامية على المقاس.
غابت الحقائق عن حصيلة الدوحة لعامها الأول من المقاطعة، لكن ما غيبته الأخيرة استحضره الإعلام المحايد حول العالم، ليقدم كشف حساب فضح تزييفا بات من شعارات إعلام الدوحة مدفوع الثمن.