من المؤسف حقا أن قطر قد استخدمت منظمة خيرية وإنسانية لأغراضها الخفية.
منذ نهاية عام 2019 حتى بداية العام الحالي، بدا أن الصحفيين الأوروبيين أصبحوا أكثر صراحةً في نشر حقيقة الحلوى القطرية السامّة، منظمة قطر الخيرية غير الحكومية. وفي كل يوم، هناك المزيد من الدول التي تجرؤ على التنديد بها. ففي فبراير الماضي، اتّهمت بعض وسائل الإعلام المنظمة القطرية بتوجيه نحو 130 مليون دولار إلى الإرهابيين في سوريا في شكل أسلحة وإمدادات.
وتأسست مؤسسة قطر الخيرية سنة 1984، وقد قامت بعملٍ خيري وإنساني مثير للإعجاب لسنوات عديدة. الجزء السيئ من عمل المنظمة هو أن الحاكم الحالي لدولة قطر أراد استخدامها كحصان طروادة لفرض مساعيه المتمثلة في نشر تيار الإخوان المسلمين، ضمن أمور أخرى.
منذ منتصف عام 2019، بدأت الأصوات ترتفع في المملكة المتحدة في وسائل الإعلام مُعبّرةً عن القلق حيال أنشطة منظمة قطر الخيرية. فقد تم التحذير من عمل هذه المؤسسة في المملكة المتحدة، لا سيما ما تعلّق منه بتوزيع ملايين الجنيهات على المساجد وغيرها من المنظمات البريطانية بعيداً عن الرقابة
نشرت تسريبات ويكيليكس سنة 2009 معلوماتٍ أظهرت أن مؤسسة قطر الخيرية أثارت بالفعل قلق المخابرات الأمريكية حول علاقتها بالإرهابيين الذين دعمتهم مالياً. وسبق لـ"بن لادن" نفسه أن ذكر هذا المعطى، مؤكداً أن هذه المؤسسة كانت تُستخدم لتمويل عمليات القاعدة في الخارج.
وفي عام 2013، عندما كان الكواري مديراً لمؤسسة قطر الخيرية، ظهر تقرير يُشير إلى صلاته بمساعدة الجماعات الإرهابية في سوريا. واستند التقرير إلى صور للإرهابيين وهم يوزعون مساعداتٍ مقدمة من طرف قطر الخيرية.
وفي يونيو سنة 2017، اضطرّت قناة الجزيرة القطرية لنشر مقال تُفنّد فيه أسباب اعتبار كل من المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة لقطر كداعم مادي وأيديولوجي للإسلاميين المتطرفين. وفي خضم ذلك، تأثرت العديد من المنظمات غير الحكومية وحتى الأمم المتحدة نفسها معنوياً بسبب ربطها علاقاتٍ مع المنظمات غير الحكومية القطرية، من غير أن يكون لها علم بأنشطة قطر، بطبيعة الحال.
وعملت قطر الخيرية مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي وأوكسفام ومنظمة كير والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وغيرها. ومن دون التشكيك في نزاهة وصدق جميع هذه المنظمات والجمعيات غير الحكومية، وظّفت قطر الخيرية حسن نوايا تلك المؤسسات للتموضع وتحسين صورتها.
بريطانيا
منذ منتصف عام 2019، بدأت الأصوات ترتفع في المملكة المتحدة في وسائل الإعلام مُعبّرةً عن القلق حيال أنشطة منظمة قطرية الخيرية. فقد تم التحذير من عمل هذه المؤسسة في المملكة المتحدة، لا سيما ما تعلّق منه بتوزيع ملايين الجنيهات على المساجد وغيرها من المنظمات البريطانية بعيداً عن الرقابة.
ودفع الضغط الكبير، الذي بدأ يُمارس عليها في بريطانيا، مؤسسة قطر الخيرية إلى استخدام منظمة غير حكومية أخرى في المملكة المتحدة تُسمى صندوق نكتار ترست ومؤسسة راف الدولية، بعد نشر تقارير تُشير إلى تورطها في تمويل الإرهاب.
فرنسا
يعود الفضل في كشف مخططاتها في فرنسا وأوروبا إلى صحفيين اثنين شرعا في نشر نوايا مؤسسة قطر الخيرية منذ عام 2016. فقد نبّها إلى أهداف هذه المنظمة غير الحكومية ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين وتدخّل قطر في الشؤون الإسلامية الأوروبية.
وحذّر الصحفيان من قيام قطر الخيرية قبل عامين باستثمار 72 مليون يورو في 113 مشروعاً في أوروبا، وفي عام 2016 أكد الرئيس التنفيذي للمؤسسة، صلاح الحمادي، أنها قامت بالفعل بإنشاء 138 مركزاً إسلامياً في أوروبا وكندا وأمريكا. خدمت هذه المراكز جماعة الإخوان المسلمين في الغرب بكونها مشتلة لتفريخ الإرهابيين الذين سافروا لاحقاً للقتال في الشرق الأوسط وحالياً في أفريقيا.
إسبانيا
قررت قطر الخيرية أن تكون إسبانيا هي الدولة الثالثة من حيث الأهمية بالنسبة لمشاريعها في أوروبا. وتُعتبر الجالية الإسلامية في إسبانيا قليلة العدد نسبياً مقارنةً بالدول الأوروبية الأخرى، لكن كما هو الحال في إيطاليا، كانت قطر قد توقّعت بالفعل وصول أعداد كبيرة من المسلمين من المغرب وبالتالي سعت إلى توجيههم. إن إجراء تحليل بسيط لعدد المساجد التي بُنيت لكل 1000 مسلم في إسبانيا بتمويل من قطر، يوضّح بما لا يدع مجالاً للشك نوايا هذا البلد للهيمنة على الخطاب الإسلامي.
ألمانيا
قد تتسبب الأرقام في الوقوع في الخطأ في بعض البلدان، فعلى سبيل المثال في ألمانيا يُعتبر استثمار قطر الخيرية الأقل نسبة مقارنة ببعض البلدان الأخرى. ويرجع ذلك لوجود اتفاقات مع جمعيات أخرى، ما دام الهدف المشترك هو نشر خطاب جماعة الإخوان المسلمين، وحينها تدخل تركيا على الخط عن طريق منظمات مثل "ديانيت" أو ميي غوروس" لتنفيذ الأجندات.
إيطاليا
تم اختيار هذا البلد من قبل قطر لإقامة أكبر استثمار لها، فقد تم صرف أكثر من 22 مليون يورو منذ عام 2014 لتمويل 47 مسجداً في عموم البلاد. ونظراً لتأثيرها الكبير في المشهد الليبي، توقّعت قطر أن تكون إيطاليا وجهة الهجرة إلى أوروبا، وبالتالي فإن عدد المسلمين سيزداد، وهو ما سيمنحها فرصة أكبر لتلقين هؤلاء المهاجرين الجدد برامج التبليغ التي تنفّذها قطر الخيرية.
من المؤسف حقاً أن قطر قد استخدمت منظمة خيرية وإنسانية لأغراضها الخفية. لقد استغرق الأمر بضع سنوات حتى تعي أوروبا حقيقة حصان طروادة القطري. وفي النهاية، كشفت هذه المنظمة عن نفسها بعد تعيينها مديرين انتهى بهم الأمر في قوائم الإرهابيين في العالم، وتركها إرثا لا يُمحى من التعاون مع الإرهابيين في الشرق الأوسط.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة