ما يطرحه نظام الحمدين اليوم هو أقرب لأن يكون أن العرب يقفون مع الدول المهددة لاستقراره تاريخياً إيران وتركيا وإسرائيل
دعوة نظام الحمدين إلى إنشاء نظام إقليمي يضم إيران وتركيا، بجانب كونها تأتي كمشروع مضاد لمحاولات العرب لاستعادة مجالهم السياسي، كما أوضح معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، فإنها كذلك ليست سوى انتقال هذا النظام للعب دور تخريبي لكل ما يخص التماسك العربي في المكشوف دون أي خجل أو تحفظ، حيث لم يعد هؤلاء يخفون نواياهم الحقيقية التي كانوا يمارسون بها "سياسة التقية"، بل أصبحنا اليوم نراهم يتعاملون أيضاً مع الإسرائيليين ضد العرب والقضية الفلسطينية التي أوهموا فيها الشعوب العربية بأنهم يعملون أكثر من غيرهم لحلها.
يبدو أن نظام الحمدين لا يهمه الشأن العربي بأكمله، وأن تركيزه على بث الفوضى هو غاية الطموح والمسعى الأخير له، وكأن الآخرين أهم من العرب، بل كان يتساءل العرب ما الدافع القطري إلى كل هذه الرغبة في تخريب وزعزعة الاستقرار العربي مع أنه سوف يناله جزءاً منها؟.
بكلام سياسي فإن موالاة قطر لأعداء العرب باتت تتم جهراً، وفي كل وسائل الإعلام، حتى بتنا لا نتفاجأ بتصريحات السياسيين القطريين بالتخطيط ضد المصالح العربية؛ التي كانت بعض المواقع الإعلامية والصحف الصفراء تسرّبها لنا بين الحين والآخر، بل إن بعض خطاباتهم السياسية في المحافل الدولية باتت تصنف النظام الإيراني المعروف بعدائه التقليدي للعرب بأنه أشرف من الدول الشقيقة والعربية، فباتت قطر وكأنها تقول إنها لم تعد تكتفي بالاتصالات السرية مع كل من يهدد الاستقرار العربي، بل دخلت في هذا اللعب من بابه الواسع، فاستعانت باللوبي الصهيوني في واشنطن، مؤخراً، لممارسة الضغط على الدول المقاطعة لها (السعودية، والإمارات، والبحرين ومصر) .
في مراجعة مواقف دولة قطر وتصريحات مسؤوليها خلال الفترة الأخيرة، أكاد أجزم بأن نظاماً غير صادق ومتلوناً سياسياً لا يمكنه أن ينجح في إقناع الرأي العام العربي، خاصة بعد أن تم فضحه إعلامياً، والدليل موقف أهل غزة من السفير القطري، حيث كانت هذه الساحة الحقيقية لقطر في خداع الشعوب العربية، نتيجة لوجود حركة حماس التابعة لتنظيم الإخوان.
لكن مهما طال الكذب سيأتي يوماً وتنكشف فيه أساليب الخداع والتدليس القطري، وبالتالي بدأت هذه الشعوب تقطع حبال نظام الحمدين الذي سلك مجال تحركه تجاه الدول المعادية للعرب ما يوضح استمرار سياسة التخبط التي ينتهجها، فهو نظام نجح في فترة باصطناع البراءة، سواء في التخطيط ضد العرب أو في أية محاولة لتعديل سلوكه السياسي، إلى أن اتضحت مواقفه حالياً لتصبح قطر هي الدولة التي تخطط ضد الشعوب العربية.
في الحقيقة تسبب نظام الحمدين في إضاعة الكثير من المشاريع السياسية العربية، سواء من خلال خلق خلافات لا أساس لها بواسطة آلته الإعلامية "قناة الجزيرة"، أم من خلال التلاعب بالمواقف السياسية بين العرب، حيث تجد أن قطر تقف شكلياً مع الفلسطينيين ولكن علاقتها مع إسرائيل تقول عكس ذلك، كما أن موقفها غريب في اليمن حيث تساند الحوثيين مع أنها تدرك أنهم جماعة تهدد أمن منطقة الخليج، وتستهدف السعودية تحديداً خدمة لأجندات إيرانية. والأمر لا يختلف كثيراً عندما تعمل قطر على زعزعة استقرار مصر خدمة لمشروع تنظيم "الإخوان المسلمين" بقيادة تركيا.
يبدو أن نظام الحمدين لا يهمه الشأن العربي بأكمله، وأن تركيزه على بث الفوضى هو غاية الطموح والمسعى الأخير له، وكأن الآخرين أهم من العرب، بل كان يتساءل العرب ما الدافع القطري إلى كل هذه الرغبة في تخريب وزعزعة الاستقرار العربي مع أنه سوف يناله جزءاً منها.
ربما الإجابة على التطور الجديد أصبح واضحاً، وهو أن هذا نظام الحمدين يخدم أجندة سياسية لدول وتنظيمات عجزت عن زعزعة المواقف العربية، كما أن هذا الموقف أفقده كل وسيلة لبراءته المتصنعة ومحاولاته لخداع العالم، ولم يعد له أمل في إقناعهم بها، وبالتالي لا مجال أمامه إلا للعب على المكشوف، لأنه لن يكون في مأمن خلال الفترة القادمة، خاصة أن المؤشرات الميدانية في الملفات الخلافية العربية بدأت تُحسم لصالح العرب، فإيران عليها ضغط دولي وداخلي لن تستطيع التعامل مع قطر، وتركيا تخوض صراعاً سياسياً مع الغرب وعسكرياً في سوريا، أما الإخوان المسلمين فيكاد يكونون قد انتهوا بالفعل وإن بقي فكرهم ولكنه مشتت نتيجة لقوة الضربات التي تلقوها.
الشيء المؤسف في كل هذا هو أن كل ما يفعله نظام الحمدين هو إصراره لخدمة أعداء الدول العربية دون أي خجل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة