صور.. صراع البشر والطبيعة: الرمال تبتلع قرية يمنية
طمرت الرمال المتحركة 100 منزل، فيما تحيط الكثبان الرملية بنحو 100 أخرى، في قرية ريفية تقع شمال مديرية المخا بالساحل الغربي لليمن.
سكان قرية الشاذلية في مديرية المخا والبالغ عددهم نحو 2000 نسمة قبل 2016، عندما تمركزت قوات تتبع مليشيا الحوثي في قريتهم الريفية، وكان ذلك سببا رئيسيا في دفع السكان إلى الفرار، تاركين منازلهم تحت رحمة الرمال المتحركة التي تجلبها الرياح الموسمية من مناطق شاسعة تصحرت بسبب عدم انتظام عمليات الري للمساحات الزراعية، لارتفاع تكاليف شراء الوقود، وفرار السكان.
وقال عدد من الأهالي لـ"العين الإخبارية" إن الكثبان الرملية المتحركة ازدادت بشكل أكبر بسبب انعدام وسائل المكافحة، نظرا لغياب السكان الذين أجبرتهم مليشيا الحوثي على النزوح من ديارهم، ما أدى إلى دفن نحو 100 منزل.
وأضافوا أنه قبل قيام مليشيا الحوثي بإجبارهم على النزوح، كان بقاؤهم يساعد في إزاحة الأتربة وكانت عملية مضنية لا تتكافأ بين جهودهم المتواضعة وشراسة الرمال الزاحفة بقوة، وإنما كانت تحقق نوعا من التوازن.
جهود فردية فاشلة
حينما عاد السكان إلى منازلهم، إثر قيام قوات السهم الذهبي بقيادة التحالف العربي، بطرد المليشيات التابعة لإيران، حاولوا حماية المنازل المتبقية كما كانوا يفعلون من قبل، لكنه كان من الصعب عليهم القيام بذلك مرة أخرى بعد أن تراكمت أطنان من الأتربة لتدفن 100 منزل وأحاطت بمثل ذلك العدد من كل جانب.
وأوضح المسؤول الاجتماعي للقرية سليم المرادي لـ"العين الإخبارية" أن الأهالي لم يفقدوا الأمل بحماية منازلهم، إذ يواصلون إزالة كميات من الرمال خلال الليل، لكن الرياح سرعان ما تعيدها خلال ساعات النهار مرة أخرى.. إنه أشبه بصراع لا ينتهي مع الطبيعة".
ويرى "المرادي" وهو أحد الشخصيات الاجتماعية في تلك القرية التي تبلغ مساحتها نحو 5 كم، أن جهود الأهالي الفردية فشلت في إنقاذ القرية من زحف الرمال، وغياب الدور الحكومي كان سببا رئيسيا في جعل السكان يعانون من ويلات الرمال المتحركة طوال السنوات السابقة.
ويشكو المواطنون غياب دور الجهات المختصة عنهم وعدم مساعدتهم في إزاحة تلك الرمال عن منازلهم، كما أن عدم قدرتهم على شراء أراض جديدة للبناء عليها في مناطق أخرى وتحمل تكاليف البناء، أجبرهم على البقاء فيها رغم المآسي التي يعيشونها بشكل يومي.
منازل غطتها الأتربة
خلال جولة ميدانية كان "المرادي" حريصا على تحديد مجموعة من المنازل المبنية من الطين والقش وقد ابتلعتها الرمال التي ارتفعت بنحو ثلاثة أمتار، فيما البعض الآخر منها كانت أسطحها الظاهرة تدل على أنها كانت منازل عامرة بالحياة، قبل أن تطأ أقدام مليشيا الحوثي تلك القرية.
يقول "المرادي" البالغ من العمر نحو 37 عاما، إن بعض المنازل اختفت تماماً تحت أكوام الأتربة، فيما أحاطت بمنازل أخرى من كل جانب وهي في الطريق لابتلاعها.
وترتفع أكوام الأتربة بنحو ثلاثة أمتار، فيما تظهر في منازل أخرى وقد سدت نصف أبوابها في إشارة إلى اقتراب اختفائها ما لم يحصل السكان على مساعدات عاجلة لإزاحة تلك الرمال.
أسر نازحة لم تتمكن من العودة
يصل عدد الأسر النازحة التي لم تتمكن من العودة إلى قرية الشاذلية بعد أن خسرت منازلها نحو 35 أسرة، وأجبرت على التخلي عن العودة من أماكن النزوح طيلة السنوات السابقة.
أما من عادت منها، فإنها لجأت إلى منازل أقرباء لها وتشاركت معها منازلها المتواضعة، لتجد نفسها مضطرة على التأقلم مع الحياة التي أوجدتها الرياح القوية المحملة بالأتربة.
ونظرا إلى أن الأتربة التي تحملها الرياح تدخل في تفاصيل حياتهم اليومية، فإن السكان يضطرون إلى إعداد وجباتهم الثلاث في الأوقات المبكرة من كل يوم، لأن الرياح والغبار الكثيف تزداد حدة في ساعات النهار ولا تتيح لهم تلك الأجواء الصعبة في تحضيرها بأوقاتها المعتادة.
وعود لم تتحقق
منذ أن تمكن السكان من العودة إلى منازلهم ، حصلوا على وعود كثيرة في إزاحة الرمال عن مساكنهم عبر إحضار جرافات ومعدات لنقلها بعيدا.
كما أنهم حظوا بزيارات متكررة لمسؤولين بالسلطة التنفيذية لمديرية المخا، لكن تلك الوعود لم تتحقق منها سوى قدر يسير، وإن كانت المقاومة الوطنية عبر ذراعها الإنسانية، الجهة الوحيدة التي أرسلت جرافة وأزاحت الأتربة عن بعض المساكن الجديدة التي أصبحت عرضة لطمر الكثبان الرملية.