بالصور.. مصحف يدوي من الحرير لإحياء فن الخط العربي في أفغانستان
38 خطاطا أفغانيا رسموا صفحات مصحف من الحرير بخط النسخ مع زخارف إسلامية على 300 متر من الحرير، يزن 8 كيلوجرامات.
في محاولة لاستعادة رونق فن الخط العربي والخطاط العربي، عكف عدد من الخطاطين في أفغانستان على صنع مصحف من الحرير رُسمت كامل صفحاته البالغ عددها 610 باليد، في خطوة يأمل القائمون عليها في أن تسهم في إعلاء شأن أحد فنون الخط المتوارثة منذ قرون.
واستخدم الفنانون أسلوب النسخ المطور في بدايات الرسالة الإسلامية بديلا للخط الكوفي لأنه أكثر سهولة قراءةً وكتابةً. ولم يستخدم الفنانون سوى مواد طبيعية من حجر اللازورد المطحون، والذهب، والبرونز، لإعادة الخطوط المزخرفة الكلاسيكية العائدة لمدرسة الرسم في "هراة" في غرب البلاد، التي كانت تحظى بتشجيع الأباطرة المغول التميوريين في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
وعمل فريق يضم 38 خطاطا وأخصائيا في رسم المنمنمات على مدى عامين لإنجاز هذه التحفة الفنية البالغ وزنها 8.6 كيلوجرام، والتي وصلت أجزاؤها بقطع من الجلد.
وتدرب أكثر الفنانين المشاركين في هذه المبادرة بفضل مؤسسة "توركواز ماونتن" البريطانية التي تتخذ مقرا لها في داخل خان قديم في كابول قامت بترميمه. ويقول الخطاط المخضرم خواجه قمر الدين جشتي لوكالة فرانس برس: "نرمي لضمان استدامة فن الخط في هذا البلد. الكتابة جزء من ثقافتنا". وتحظى فنون الخط العربي المستخدمة بتقدير كبير في البلدان المسلمة وتتمتع بمكانة مميزة بين الفنون الإسلامية.
ونفذ جشتي وخطاطوه عملا متقنا للغاية، واستغرق إنجاز كل صفحة من هذا المصحف يومين متتاليين لنقل الآيات القرآنية وأحيانا أكثر في حال ارتكاب أي خطأ إذ كان يعاد العمل من نقطة البداية. كذلك لزم العمل لأسبوع كامل عن كل صفحة لإنجاز الخطوط المزخرفة المحيطة بالسور القرآنية. ويضيف جشتي: "عندما يكون الأمر مرتبطا بأحد الفنون، من الصعب تحديد سعر.. الله أوكل إلينا هذا العمل والأمر يتخطى بأهميته لدينا الجانب المالي".
300 متر من الحرير الأفغاني
ويوضح محمد تميم صاحب زاده، المخضرم في فن المنمنمات والمسؤول عن الخطوط المزخرفة، أن "كل هذه الألوان مصدرها الطبيعة".
ويلفت لوكالة فرانس برس إلى أن العمل على الحرير للمرة الأولى شكل تحديا حقيقيا؛ إذ إن المواد المستخدمة وهي 305 أمتار من الحرير الأفغاني 100% وضعت سابقا في محلول محضر من حبوب السيلليوم لتفادي تسرب الحبر.
وبدأت "توركواز ماونتن" العمل بكابول في 2006 مع ترميم الخان لحفظ الإرث الثقافي والحرفي الأفغاني الذي يدفع ثمنا باهظا بعد حروب متتالية.
وتتولى المؤسسة الحماية والعمل على تخليد فنون صناعة الخزف والنجارة والنحت الخشبي وصياغة الفضة والمنمنمات والخط.
وتأمل المؤسسة في أن يؤدي إنجاز هذا المصحف إلى طلبيات جديدة في مجال النصوص الإسلامية، بما يتيح استحداث فرص عمل للحرفيين المدربين في معهدها.
ويوضح عبدالوحيد خليلي، مدير المعهد غير الربحي: "سنقدمه في بلدان مسلمة عدة وسنرى إذا كان ممكنا استحداث وظائف دائمة من خلال حمل خريجينا على العمل على نسخ أخرى من القرآن".
وحتى الساعة، يُحفظ هذا المصحف الثمين في صندوق خاص من خشب الجوز مصمم خصيصا لحمايته وموضوع في مقر المؤسسة في حي مراد خاني القديم.
وفي هذا المقر دربت "توركواز ماونتن" ولا تزال آلاف الحرفيين بدعم من هيئة "بريتش كاونسل" البريطانية والأمير تشارلز فضلا عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "يو إس أيد". ويؤكد نايثان ستراوب، مدير "توركواز ماونتن" في أفغانستان، أن "نسخ القرآن على الحرير عمل شديد الندرة"، مشيرا إلى أن هذا المشروع "طريقة رائعة لتدريب طلابنا بما يتوافق مع التقاليد وعلى أعلى مستوى من التميز".
aXA6IDMuMTQ3LjEwNC4xOCA= جزيرة ام اند امز