بالفيديو.. الرباط كنز مغربي بين ضفاف الأطلسي وأبي الرقراق
مدينة الرباط، شكّلت بموقعها الجغرافي الاستراتيجي وإطلالتها الساحرة على المحيط نقطة جذب سياحية على مر العصور.
تمتلئ العاصمة المغربية الرباط بعدد من المنشآت الحضارية والثقافية، فاردة معالمها بين عذوبة نهر وملوحة بحر، كجسر يربط تاريخها العريق بالحاضر وبالمستقبل، في جمال وتنوع، يأخذ زائرها في رحلة عمرها أكثر من 27 قرنا من الزمن.
وشكلت مدينة الرباط، بموقعها الجغرافي الاستراتيجي وإطلالتها الساحرة على المحيط الأطلسي عبر مصب نهر أبي رقراق؛ ومناخها المتوسطي، على مر العصور نقطة جذب.
وتظهر الأبحاث أن تاريخ تشييد "شالة" المدينة الأثرية (الرباط القديمة التي بنيت على مشارف النهر) يعود إلى القرن السادس أو السابع قبل الميلاد. أسسها ملوك الأمازيغ قبل أن يحتلها الرومان، ويغيروا من معالمها.
وبعد رحيل الرومان عن المدينة، انتقلت شالة إلى العهد الإسلامي المغربي؛ حيث تتابع عليها الأدارسة والزناتيون والمرابطون والمرينيون. وتأسست شالة كما هي عليه اليوم في عصر المرينيين بالقرن الثالث عشر الميلادي، واشتهرت بخلوة كان يعتزل فيها كثير من الأدباء والشعراء، والتي تغزل بها الأمير والشاعر الأندلسي لسان الدين بن الخطيب.
وخارج أسوار "شالة" شيد المرابطون رباطا محصنا (وهو أصل التسمية)، وخلال العهد الموحدي عرفت المدينة إشعاعا تاريخيا وحضاريا، حيث تم تحويل الرباط (الحصن) على عهد عبد المؤمن الموحدي إلى قلعة محصّنة لحماية جيوشه وأسس "رباط الفتح" وهي نواة المدينة المحصنة التي شملت -بالإضافة إلى القلعة- مسجدا ودارا للخلافة.
وشيد السلطان يعقوب المنصور الموحدي سورا عُرف بالسور الموحدي، بلغ طوله 2263 مترا. وهو يمتد من الغرب حتى جنوب مدينة الرباط، ويبلغ عرضه 2.5 متر وعلوه 10 أمتار، وهذا السور مدعّم بـ74 برجا، كما تتخلله 5 أبواب ضخمة. وهو سور مميز للعاصمة، جزء منه يفصل المدينة العتيقة عن الرباط الحاضرة العصرية.
وتجذب مدينة الرباط القديمة السياح بهندستها المعمارية الفريدة وزخارفها المتميزة، وتشابك معروضات سوقها "السويقة" من منتجات من يد الصانع المغربي (زرابي وألبسة جلدية وحلي، وقفاطين بصنعة رباطية أصيلة، وجلابيب تبرز تمازج الخصوصية المغربية بأحدث صيحات الموضة العالمية)، ومنتجات مجالية وتوابل وأعشاب عطرية ومحال أكل محلي، يفصلها تنوعها عن المجال العصري ويربطها به من خلال شارع محمد الخامس، الذي يمتد كشرايين للمدينة تتوسطه بناية البرلمان المغربي.
وتنتصب "قصبة الأوداية" شاهدة بدورها على الامتداد التاريخي والثقافي للمدينة، مصنفة كتراث عالمي، تشكل شرفة على مصب أبي رقراق في المحيط الأطلسي. تتكون من مبانٍ متميزة المعمار ومن سور وباب أثري يُعَدان من رموز الفن المعماري، ومسجد معروف بالجامع العتيق. والأوداية من أهم أماكن السياحة بمقهاها الأصيل وحديقتها الأندلسية وشوارعها الضيقة وإطلالتها الساحرة.
في البدء كانت القصبة قلعة محصنة، شيدها المرابطون، ازدادت أهميتها في عهد الموحدين، جعلوها رباطا على مصب نهر أبي رقراق، وبعد إهمال طالها استوطنها الموريسكيون (القادمون من الأندلس)، فزرعوا بها النغم والشجر، أنطقوا أسوارها والحجر، وأعادوا لها الحياة.
بالمقهى الموريسكي كما يسميه المؤرخون بقي النقش موشوما يؤرخ للعصور يجذب سياحا من كل المعمور، ويوشوش للرسامين والفنانين بسر الجمال المكنون. احتفظ بالمكان لزواره بإطلالة متميزة تعاد في الزمان وترشف حكاية في كل حين مع شاي بنعناع.
وبالزاوية المقابلة من المدينة تنتصب صَومعة حَسّان علامة مميزة للرباط، وهي مصنفة ضمن قائمة اليونسكو للتُّراث العالميّ، تتميز بكونها أحد معالم الفن الإسلاميّ والأندلسيّ. بنيت لتكون مئذنة لمسجد في عهد السلطان يعقوب المنصور يبلغ ارتفاع المئذنة 44 مترا وهي غير مكتملة البناء يحيط بها العديد من الأعمدة.
وبداخل السور المحيط بالمسجد التاريخي ينبري في التاريخ المعاصر للمدينة معمار فريد من نوعه "ضريح محمد الخامس" الذي يحفظ مقابر السلطان (بطل تحرير المغرب من الاستعمار الفرنسي والإسلامي) وولديه الملك الراحل الحسن الثاني والأمير عبد الله، بني سنة 1971 ويُعَد من أبرز معالم العاصمة المغربية.
وتُعَد الرباط عاصمة ثقافية، ومدينة متاحف وجامعات، تشمل متحف الأوداية المقام في مبنى يعود للقرن السابع، ويعرض قطعا فنية مختلفة من الخزف والحلي والملابس التقليدية وبعض المخطوطات من عصر الموحدين، ومتحف الفنون الشعبية مقابل مجمع الصناعات التقليدية، ومتحف الآثار القديمة في المدينة الحديثة، ويقدم للزائر نماذج من القطع التي تعود إلى عصر ما قبل التأريخ، وأخرى إلى العصر الإسلامي الوسيط، كما يوجد بالرباط أكبر مسرح بالمغرب وعدة قاعات رسمية للمعارض التشكيلية.