راشد الغنوشي.. نهاية زعيم "إخوان تونس" تقترب
بات تنظيم الإخوان في تونس وعلى رأسه راشد الغنوشي في حالة هلع شديد بعد أوامر استدعائه من قبل سلطات التحقيق بتهم الإرهاب.
ويرى مراقبون أن نهاية وشيكة تطل برأسها لزعيم إخوان تونس، راشد الغنوشي، الرجل الثمانيني الذي انطلق في شبابه كإرهابي ليحاسب على جرائم سياسية ارتكبها على مدار 60 عاما، إذ بدا في حالة من الفزع خوفا من اعتقاله.
حالة الهلع التي تسيطر على راشد الغنوشي وعصابته دفعت جبهة ما تسمى بـ"الخلاص" التابعة لتنظيم الإخوان بقيادة نجيب الشابي إلى عقد ندوة صحفيّة طارئة، أمس الإثنين، في محاولة يائسة لإيهام الرأي العام الدّاخلي والخارجي بأن القضايا التي تلاحق بالغنوشي وأفرادا من عائلته وقيادات تنظيمه هي "قضايا سياسيّة ولا علاقة له بقضية جمعية نماء".
الشابي الذي فشل في تبرئة ساحة الغنوشي لامتلاك الأجهزة التونسية أدلة قاطعة على ممارسة زعيم الإخوان لأعمال الإرهاب، حاول استعطاف الرأس العام بأن " الغنوشي أخبره بأنه سيتم اعتقاله يوم الثلاثاء المقبل 19 يوليو بسبب قضية جمعية نماء الخيرية".
هذا الخوف، وفق خبراء مرده إلى أن الغنوشي تيقّن بأنّ ملفّ الجهاز السرّي المالي "قضيّة نماء" موضوع الشكوى المقدمة من هيئة الدفاع عن شكري بلعيد و محمد البراهمي، والمرفقة بأدلّة خطيرة تدين زعيم الإخوان وتنظيمه الإرهابي.
وتلقى الغنوشي بالفعل إخطارا من السلطات القضائية لاستجوابه بصفته متهما في القضية المرتبطة بالتمويلات المشبوهة لجمعية “نماء” الخيرية مع أكثر من 30 إخوانيا آخرين والمثول للتحقيق يوم 19 يوليو الجاري.
ويواجه الغنوشي ثلاث قضايا منها شبهة غسل الأموال والاعتداء على أمن الدولة التونسية إضافة إلى ملف الاغتيالات السياسية.
وكانت السلطات التونسية بدأت التحقيق في ملف القضية، إثر شكوى تقدمت بها لجنة الدفاع عن القياديين شكري بلعيد، والقومي محمد البراهمي، اللذين تم اغتيالهم عام 2013، حيث وجهت اتهامات لجمعية خيرية بالحصول على تمويلات مجهولة المصدر من الخارج.
وفي حديث قال رضا الرداوي، عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، إن الجمعية تأسست في 2011 تحت اسم "نماء تونس" وكان هدفها تشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتورطت في جرائم التسفير (تسفير شباب تونسي للقتال بمناطق النزاع والحروب) وتم فتح تحقيقات أولية سرعان ما لاحقتها يد حركة "النهضة" الإخوانية عبر ذراعها في القضاء، وتم وقف تلك التحقيق.
وأوضح الرداوي، أن الجمعية كانت تتخذ من "تشجيع الاستثمار" غطاء لها، فيما "كان دورها الباطني إدارة ملف تسفير الشباب إلى بؤر الإرهاب مقابل مبالغ مالية يتم تحويلها إلى حساباتها البنكية".
وأشار إلى أن "أحد الأطراف المتهمة هو شخص يدعى ناجح الحاج لطيف،وهو يدير أعمال راشد الغنوشي، وأحد أذرعه الخفية، وكان وكيلا لشركة تنشط في مجال "النسيج" بتونس، وهذه الشركة بريطانية في الأصل وتم طرده منها، لكنه خلال إدارته للشركة، كان يستغل الحساب الإلكتروني للشركة الثانية في إدارة الأعمال الإدارية والمالية المشبوهة مع حركة النهضة".
ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن لحظة محاسبة الغنوشي اقتربت خاصة بعد فتح الملفات الأخيرة والتي تؤكد ارتكابه لتلك الجرائم.
ومعلقا يقول حسن التميمي، الناشط والمحلل السياسي التونسي، إن الاشتباه في علاقة الغنوشي وعدد من قيادات الإخوان، بتهم تتعلق بالإرهاب وتبييض الأموال، سبق أن كشفتها تحقيقات النيابة التونسية وهيئة الدفاع عن القياديين اليساري شكري بلعيد و القومي محمد البراهمي الذين تم اغتيالهم في عام 2013.
وأوضح حديث لـ"العين الإخبارية" أن هيئة الدفاع سلمت للقضاء التونسي ملفا وأدلة إثبات تدين الغنوشي وعصابته بعد تورطه في قضية جمعية ”نماء تونس” التي تمّ تأسيسها سنة 2011 والمتورطة في قضايا التسفير إلى بؤر التوتر وقد تدخّل المدعي العام الموالي للإخوان بشير العكرمي، لتجميد التحقيقات حول تلك الجمعية التي تحصّلت على أموال من الخارج".
وأضاف أن الهيئة كشفت بالأدلة عن وجود شخص يدعى "ناجح حاج طيب" تم تكليفه بإدارة الإجراءات المالية لصالح حركة النّهضة وزعيمها راشد الغنوشي"، لافتاً إلى أن " حاج طيب استعمل حسابين ماليين بقطر، تجاوزت المبالغ التي وضعته فيهما من 15 إلى 20 مليون دولار، و كانت حركة النهضة تقوم بسحب هذه المبالغ نقدا ويتم إدخالها إلى تونس عبر مطار تونس قرطاج".
وتابع أن "محاسبة الغنوشي هي رسالة لكل من أجرم في حق البلاد وشعبها ولمن تلاعب بأمن تونس وسلامتها طيلة العشر سنوات الأخيرة".
وأكد أن " تخوف الغنوشي وهلعه من مكانية توقيفه يوم الثلاثاء المقبل في قضية الجهاز المالي السري للإخوان هو دليل على ما تعيشه جماعة الإخوان في تونس وبيادقها من حالة هلع وارتباك".
بدوره، قال منصف عزوز، الناشط السياسي إن حركة النهضة استطاعت بسط نفوذها في تونس خلال العشر سنوات الماضية عبر جهازين سريين، الأول جهاز مالي سري، والثاني جهاز سري مخابراتي عسكري.
وأكد في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "حركة النهضة تخفت وراء جمعيات ومنظمات مشبوهة ووظفتها كمصادر تمويل لها، ما يعني أنه يتم ضخ أموال من تنظيم الإخوان في الخارج إلى تونس عبر هذه الجمعيات ويتم تحويلها إلى الغنوشي وحزبه"، موضحا :" أنها الأموال الطائلة التي كانت تتحرك داخل تونس من دون حسيب أو رقيب".
يشار إلى أن قضية الجهاز السري للنهضة تفجرت منذ شهر أكتوبر / تشرين الأول عام 2018، عندما كشف فريق هيئة الدفاع عن ملف اغتيال البراهمي وبلعيد، وجود وثائق وأدلة تفيد بامتلاك النهضة لجهاز سري أمني مواز للأجهزة التونسية، تورط في اغتيال المعارضين، وأعمال التجسس واختراق مؤسسات البلاد، فضلا عن ملاحقة خصوم الإخوان، لكن القضاء التونسي لم يحسم بعد تلك القضية.
والثلاثاء الماضي، جمد القضاء التونسي الحسابات البنكية لرئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي واثنين من عائلته.
وأذنت اللجنة التونسية للتحاليل المالية (حكومية)، للبنوك التونسية والديوان الوطني للبريد (حكومي) بتجميد أموال رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي وابنه معاذ وصهره رفيق عبدالسلام (وزير الخارجية الأسبق)، والأمين العام السابق لحركة النهضة ورئيس الحكومة الأسبق للحركة حمادي الجبالي وابنتيه.
ويتعلق هذا القرار، بجمعية نماء الخيرية وبتهمة الحصول على تمويلات من الخارج مجهولة المصدر.