معرض فني يقتفي "أثر الفراشة" في ذكرى ميلاد محمود درويش
"رفّة" هو عنوان معرض تشكيلي جديد بالقاهرة يتخذ من قصيدة "أثر الفراشة" للراحل محمود درويش إلهاما لموضوعه الفني.. تعرف عليه.
مع حلول ذكرى ميلاده الـ 78 هذه الأيام، لايزال الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش يُلهم الفنون بشتى صُورها، فما أن تطأ عتبة جاليري "سومة آرت" بالقاهرة حتى تستقبلك لافتة من حروف محمود درويش الخالدة:
أثر الفراشة لا يُرى
أثر الفراشة لا يزول
وهو مطلع القصيدة الذي اختار كل من الفنانين التشكيليين المصريين أسامة المنعم ونهاد سعيد التمهيد به لجمهور معرضهما المشترك "رفّة"، الذي يشرع الباب أمام عالم "أثر الفراشة" بكل ما فيها من مُعطيات شغلت النظريات الفيزيائية والرياضية، وما تحتويها تلك النظرية من شُحنات شعرية توجتها قصيدة الراحل محمود درويش "أثر الفراشة".
يقول الفنان أسامة المنعم لـ"العين الإخبارية" إن هذا المعرض هو احتفاء بمحمود درويش، وأن ثيمته وجدت سبيلا من وحي كلمات قصيدته "أثر الفراشة" التي كانت مصدر إلهام رئيسي لفكرة المعرض.
ويضيف المنعم: "شغلتنا نظرية (أثر الفراشة) كواحدة من النظريات والقضايا التي كُتبت فيها آلاف الكتب وكانت مصدر إلهام للسينما كذلك، انطلاقا من الافتراض الشهير الذي يذهب إلى أن عملًا بسيطًا قدر رفة جناح فراشة يمكنه أن ينتج إعصارًا على الجانب الآخر من الأرض".
يعتقد البعض أن تأثير الفراشة هو واحد من أروع النظريات في تاريخ العلوم، وكان مفهومه الغامض مصدر إلهام للعديد من الباحثين والفنانين والكُتاب، حتى أن محمود درويش أطلق على آخر دواوينه عنوان قصيدته "أثر الفراشة" التي يصفها درويش بقوله:
هو جاذبيةُ غامضٍ
يستدرج المعنى، ويرحل
حين يتضح السبيلُ
هو خفة الأبدىِّ في اليوميّ
أشواق إلى أعلى
وإشراق جميل
أثر الفراشة لا يُرَى
أثر الفراشة لا يزول
يبحث الفنانان عبر ثيمات درويش في قصيدته عن مواطن الغموض، والخفة، والأثر واستدراج المعاني في معرضهما، ويبحران من أجل إعداد معرضهما في مزيد من القراءات النظرية عن واحدة من أكثر النظريات إثارة للجدل المعروفة باسم "أثر الفراشة" و هو مصطلح صكَّه عالم الأرصاد والرياضيات ورائد نظرية الفوضى الأمريكى إدوارد نورتون لورينز.
ويعتبر أثر الفراشة هو جوهر نظرية الفوضى، والتي عادة ما ترتبط بالرياضيات أو الفيزياء، و لكن كلا الفنانين هنا يتأملان في جوهر هذه النظرية من خلال عدسة مختلفة، بصرف النظر عن الأرقام والرسوم البيانية، فهما يسعيان إلى تذكيرنا من خلال أعمالهما بأن هذه العلوم تؤثر بشكل مباشر على حياتنا اليومية وأن العالم لا يتبع نمطًا يمكن التنبؤ به، وسواء شئنا أم أبينا، فالفوضى جزء من حياتنا، قضية صغيرة يمكن أن تولد عواقب كبيرة.
استعان أسامة المنعم في تشكيله باللون والنحت الذي كان الوسيط الفني الأقرب لتعبيره الفني لمفهوم "الأثر"، فظهرت في بعض لوحاته كتتبع لأثر محفور في دروب غير مأهولة أو مجهولة، كتصغير لفكرة العالم بكل غموضه، بكل ما لهذا الأثر من إحالات يسكنها أثر رفة جناح الفراشة بنظرة بانورامية.
وصنعت الفنانة نهاد سعيد تفاصيل لونية دقيقة تُحاكي بها جاذبية الأثر عبر تكويناتها اللونية التي تتطاير وتتناثر في تحليق مستمر، كما استخدمت وسائط بصرية كالخيوط لخلق مساحات تعبيرية أوسع رغم شِباك خيوطها الضيقة لتُحيك بها مشهدية الأثر الحُر والشاسع والمُربك لرفرفة فراشة.
شارك الفنان أسامة المنعم في أكثر من 40 معرضا جماعيا منها ٩ معارض خارجية، وحصل على العديد من الجوائز ومنها: الجائزة الكبرى للعمل الفني صالون الشباب الثاني والعشرون، أوسكار مهرجان الإبداع الثالث، جائزة الصالون في الرسم صالون الشباب الـ20، وجائزة راتب صديق في التصوير الملون، والجائزة الثالثة في التصوير الضوئي المباشر صالون النيل السادس، المقتنيات الرسمية لدى متحف الفن المصري الحديث، والهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية، ومتحف الصورة المعاصرة ببراونشفيج- ألمانيا الاتحادية.
وشاركت الفنانة نهاد سعيد في العديد من المشروعات الفنية في مصر مع فنانين من أنحاء العالم لإحياء ودمج الثقافات المختلفة، من بينها بينالي الحفر الفني في عدة دول، وتبحث دائما في مشروعها الفني عن إحساس السلام الداخلي وتقبل الطبيعة، الموت والسعادة في الحياة الأخرى.
ويستمر معرض "رفّة" حتى يوم 24 مارس آذار الجاري.