العمل الخيري والصدقة في رمضان.. مضاعفة الأجر وفرصة لنشر الخير

يشهد شهر رمضان أبهى صور التكافل الاجتماعي، حيث يتسابق المسلمون في العمل الخيري والصدقة في رمضان، ليصبح الشهر الكريم ساحة للتراحم بين الأفراد.
كما تختلف عادات الناس في الإفطار والسحور، تتنوع سبل العمل الخيري والصدقة في رمضان 2025 التي يحرصون عليها، من إفطار الصائمين وتقديم الصدقات، إلى رعاية الأيتام وإعانة المحتاجين.
فضل الصدقة في شهر رمضان
يظهر العمل الخيري في رمضان في صور متعددة، حيث تنتشر المبادرات التطوعية في مختلف المناطق، ويتسابق المحسنون في مد يد العون لكل محتاج، مما يعكس روح الإحسان التي تميز هذا الشهر المبارك.
يمثل الصيام مدرسة تربوية تغرس في النفوس قيمًا إنسانية رفيعة، حيث يستشعر المسلم معاناة الفقراء والمحتاجين، مما يدفعه إلى البذل والعطاء بسخاء، إيمانًا بحديث النبي ﷺ:
"من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء".
ولذلك، تنتشر موائد الرحمن في المدن والقرى، ويتبارى المتطوعون في إعداد وجبات الإفطار والسحور للمحتاجين، في مشهد يعكس روح الإخاء والتضامن، وفي ذلك دليل على ثواب الصدقة في رمضان.
ما هي أفضل أشكال الصدقة في رمضان؟
وعن أفضل أعمال الخير في رمضان، فلا يقتصر فعل الخير في رمضان على تقديم الطعام والشراب، بل يشمل أيضًا مساعدة المحتاجين بطرق مختلفة، مثل سداد ديون المعسرين، وتوفير الملابس للفقراء، والتكفل بعلاج المرضى. كما يحرص المسلمون على مضاعفة أعمال البر خلال هذا الشهر الفضيل، امتثالًا لحديث النبي ﷺ عندما سُئل:
"أي الصدقات أفضل؟ قال: صدقة في رمضان."
وفي أجواء رمضان الروحانية، تزداد أعداد المصلين في المساجد، حيث تمتلئ بيوت الله بالراكعين والساجدين، ويحرص أهل الخير على توفير سبل الراحة لهم، مثل تقديم المياه والتمور، وتخصيص أماكن لاستقبال كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، مما يعزز أجواء الرحمة والمودة بين أفراد المجتمع.
الفرق بين الصدقة والزكاة في رمضان
بحسب مصادر محلية مصرية، أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية، أن الصدقات تشمل نوعين: المفروضة والتطوعية. المفروضة هي الزكاة، وهي ركن من أركان الإسلام، قال تعالى: «أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ»، كما ورد في الحديث الشريف "بني الإسلام على خمس"، ومن ضمنها الزكاة التي تعد من أركان الدين الأساسيّة.
وأضاف كريمة أن الزكاة تُفرض على أموال معينة، مثل النقدين الذهب والفضة، والعملات الرائجة، وعروض التجارة، وعوائد المستغلات مثل إيجار العقارات. كما تشمل الزكاة الثروة الحيوانية (الأنعام) والزراعة، وهذه كلها تُعرف بـ«زكاة الأموال»، بالإضافة إلى «زكاة الفطر» التي تُؤدى في رمضان.
وأوضح كريمة أن هناك شروطًا محددة في كتب الفقه لدفع الزكاة، وتوزيعها يجب أن يكون وفقًا للمصارف المحددة في القرآن الكريم. وتُوزع الزكاة على ثمانية مصارف رئيسية كما ورد في سورة التوبة: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ».
وأشار كريمة إلى أن مصرف «العاملين عليها» لم يعد موجودًا في عصرنا الحالي، بما أن المؤسسات والجمعيات أصبحت تعمل وفقًا للوائح تطوعية. أما مصرف «في سبيل الله» فيشمل الأعمال ذات المنفعة العامة للمجتمع، فيما يعبر عن التكافل الاجتماعي.
كيف تعوّد طفلك على عمل الخير في رمضان؟
يعد شهر رمضان فرصة عظيمة لتعليم الأطفال حب العطاء والعمل الخيري، حيث يمكن للأهل غرس هذه القيم النبيلة في نفوس أبنائهم منذ الصغر. ومن بين الطرق التي تساعد على ذلك:
- تشجيع الطفل على المساهمة في تحضير وجبات الإفطار للصائمين.
- تخصيص جزء من مصروفه الشخصي للتصدق به.
- إشراكه في أنشطة خيرية بسيطة، مثل توزيع التمر والمياه على المصلين.
- زيارة الأيتام والمسنين، لتعزيز إحساسه بقيمة العطاء واكتساب سلوكيات إيجابية تستمر معه طوال حياته.
كيفية استمرار العطاء بعد رمضان
لكن يبقى السؤال: هل يقتصر العطاء على شهر رمضان فقط؟ إن قيم الإحسان والبر ليست محصورة في أيام معدودة، بل ينبغي أن تكون نهجًا مستمرًا على مدار العام. فقد حثّ القرآن الكريم المسلمين على الإنفاق في كل وقت، حيث قال الله تعالى:
"وَأَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ" (المنافقون: 10).
ومن هنا، فإن استمرار العطاء بعد رمضان يرسخ مبادئ التكافل الاجتماعي، ويجعل الإحسان سلوكًا يوميًا يعزز تماسك المجتمعات.
يعلّمنا رمضان أن الخير لا يرتبط بزمان محدد، بل هو أسلوب حياة يجب أن يلازم المسلم في كل أيامه. فمن اعتاد البذل والعطاء في رمضان، يسهل عليه الاستمرار في ذلك بعده، ليظل الخير متدفقًا، وترسخ قيم التعاون والتآزر بين أفراد المجتمع.