"رمضان والثورة في مصر".. كتاب يقتفي شهر الصيام بمحطات تاريخية
كتاب جديد صدر أخيرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب يتتبع شهر رمضان برؤية تاريخية وبحثية مختلفة تتضمن عروض نجيب الريحاني ومنيرة المهدية
صدر أخيرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب "رمضان والثورة في مصر" للكاتب والصحفي المصري خالد أبو بكر، الذي يطرح قراءة بحثية لشهر رمضان الكريم الأول بعد 3 من ثورات مصر الكبرى.
يبدأ المؤلف بحثه بالسؤال الذي يصفه بـ"الوجودي": هل يكتب الصحفي التاريخ؟" وهو السؤال الذي اعتبره بوابة إجبارية للخوض في مشروعه، الذي بدأه بباب صحفي ثابت يومي نُشر خلال شهر رمضان الأول بعد ثورة يناير عام 2011، ثم طوره فيما بعد ليصبح مشروعا أكثر توسعا بين دفتي كتاب يقع في 412 صفحة، يحاول من خلاله قراءة الحاضر من مرآة الماضي، معتبرا أن التعقب الزمني والوثائقي للثورات المصرية (1919 - 1952 - 2011) يبرز تشابه الأسئلة والأجواء العامة التي كانت تسود في كل منها رغم اتساع المساحات الزمنية بين وقوعها، وأن "مساحة التشابه بينها أكبر من مساحة الاختلاف" على حد تعبيره.
يُشارك المؤلف قارئه تحديات كتابه الأحدث الذي يتسع للكتابة التاريخية والصحفية، ووضع نصب عينيه أهدافا محددة لبحثه، من خلال تحديد القضايا التي كانت تشغل المجتمع المصري خلال شهر رمضان الأول بعد كل ثورة قامت في مصر في العصر الحديث، واستعان لبلورة هدفه الرئيسي بعدة مسارات بحثية، بداية من رصد الكيفية التي استقبل بها الشعب المصري شهر رمضان الأول بعد كل ثورة، ورصد التغييرات التي طرأت على هذا الاستقبال بفعل مثل حركة أسعار السلع، ورصد حالة الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط، ودور المرأة المحوري، وغيرها من المشاهد المستجدة على الحياة الاجتماعية.
يحاول المؤلف البحث عن إجابات عن سؤاله "الوجودي" لدى أساطين مهنة الصحافة والكتابة في الشرق والغرب، منهم المؤرخ البولندي كريستوف بويمان المهتم بتطورات الكتابة التاريخية، وتوقف عند رأيين مختلفين لدى كل من الصحفي المصري محمد حسنين هيكل والصحفي اللبناني البارز رياض نجيب الريس، ويقول أبو بكر في هذا: "خلصت من إجابة الأستاذ هيكل أنها تؤكد أن الصحفي يجب ألا يكتب تاريخا عاصره وعايشه.. في حين أن إجابة الأستاذ الريس تمنح الصحفيين شرعية مقاربة التاريخ باعتبار أننا يوميا نكتبه في غرف الأخبار.. وأزيد أنا وأقول إننا أحيانا نصنعه.. أو نوجهه.. فإذا كان المؤرخ يتعامل مع حدث انتهى أو استوت ثمرته -إن صح القول- فإننا من يتابعه منذ أن يكون فكرة.. فبذرة.. فشجرة وارفة الظلال.. فثمرة فوق هذه الشجرة.. مستوية.. تسر الناظرين أو المؤرخين.. الذين يأتون لقطفها (على الجاهز)".
هذه النظرة المشهدية للتماس بين الصحافة والتاريخ، لمحت له هيئة تحرير الكتاب في مقدمة الكتاب بوصفه وعيا من الكاتب بالاتجاه الجديد في الكتابة التاريخية، أو "التاريخ الجاري" أو "التاريخ الآني" الذي لا يعيره الكثير من كتاب التاريخ اهتماما، متحيزين للاتجاهات المألوفة التي تقتضي مرور فترة زمنية بين وقوع الأحداث وبين التأريخ لها تكفي لظهور معظم الوثائق التي تؤمن موضوعية المؤرخ، فيما اعتبر المؤلف أن الصحافة مصدر وثائقي أولي لكتابة التاريخ.
تحرر المؤلف من التسلسل الزمني في حركة التاريخ من الماضي إلى الحديث فالأحدث، وبدأ كتابه من "التاريخ الآني" برمضان ثورة يناير 2011 التي خصص لها الباب الأول من الكتاب، ثم باب ثانٍ لرمضان ثورة 23 يوليو 1952، والباب الثالث خاص برمضان ثورة 1919، وقدم الكتاب تعريفا للكثير من الشخصيات الوارد اسمها في الكتاب سواء كانوا زعماء وطنيين أو غير وطنيين أو مؤرخين أو صحفيين، أو زعامات نسائية، أو نجوما وفنانين، وغيرهم.
ويصدر الكتاب بالتزامن مع الاحتفالات بمئوية ثورة 1919 هذا العام، متيحا قراءة توثيقية لفصول الثورة التي اندلعت ضد الاحتلال البريطاني من منظار شهر رمضان، واستعرض حكاياتها وشعاراتها الأبرز مثل "عاش الهلال مع الصليب"، وهو أحد عناوين فصول الكتاب، وكذلك عبر المرور على الأحداث السياسية المحتدمة آنذاك بالتوازي حكايات الحركة الفنية وقتها، ومنها عروض الفنان نجيب الريحاني المسرحية التي كان يحرص على تقديمها على مدار شهر رمضان الفضيل، وكذلك الفنانة منيرة المهدية التي كانت تقدم حفلات شبه يومية في رمضان 1919، التي كانت لا تخلو من الأهازيج الوطنية المرتبطة بالأوضاع السياسية الملتهبة في البلاد، ومنها أغانٍ خاصة بالزعيم سعد زغلول، وفصل خاص عن المرأة وروعة بطولاتها في 1919، واستشهد الكاتب بعدد من المراجع والشهادات القيمة عن تلك الفترة منها شهادات المؤرخ البارز عبدالرحمن الرافعي.
يصدر الكتاب ضمن سلسلة "تاريخ المصريين" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وتعنى تلك السلسلة بإثراء ونشر الدراسات والمؤلفات التاريخية الملتزمة بمعايير البحث العلمي، ولا تهتم فقط بتاريخ الحكام والنخب والنظم السياسية، إنما تهتم بنحو خاص بتاريخ الشعوب والموضوعات والقضايا التاريخية في مختلف المجالات؛ الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية.
وسبق أن صدرت للكاتب المصري خالد أبو بكر، مواليد 1975، عدة كتب أبرزها "الجنرال الثائر سعد الشاذلي"، و"بناظير بوتو.. ضحية الأقدار"، وقام بتحرير وتوثيق مذكرات أمين عام جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى "كتابيه"، وكذلك كتاب اللواء أسامة المندوه "خلف خطوط العدو".
aXA6IDMuMTUuMTg2LjU2IA== جزيرة ام اند امز