عمرو موسى يحتفل بتدشين أول جزء من مذكراته "كتابيه"
احتفل السياسي المصري البارز عمرو موسى بتدشين الجزء الأول من مذكراته، التي تصدر عن دار الشروق للنشر
احتفل السياسي المصري البارز عمرو موسى بتدشين الجزء الأول من مذكراته، التي تصدر عن دار الشروق للنشر، بحضور نخبة من السياسيين والدبلوماسيين والشخصيات العامة والفنانين والإعلاميين.
وشغل موسى على مدار حياته السياسية عددا من المناصب منها مندوب مصر بالأمم المتحدة، ووزير الخارجية، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ورئيس الجمعية التأسيسية لوضع الدستور في 2014.
صدر الكتاب في 654 صفحة من القطع المتوسط تحت عنوان "كتابيه" والذي استمده موسى، كما ذكر في حفل التدشين، مساء الأربعاء، من الآية الكريمة: "فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ» (الحاقة ــ 19).
ويمثل الكتاب الجزء الأول من ثلاثة أجزاء منفصلة، يسرد الجزء الأول منها نشأته حتى أصبح وزيرا للخارجية، وينتهي بخروجه من الوزارة، ويكشف الجزء الثاني من المذكرات خبايا السنوات العشر التي قضاها على رأس الجامعة العربية، أما الجزء الثالث فيروي مسيرته السياسية من 25 يناير/كانون الثاني 2011 وحتى إقرار الدستور فى عام 2014 وتولي الرئيس عبدالفتاح السيسى حكم مصر.
وقال الناشر إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة دار الشروق، التي أصدرت الكتاب، "يسر دار الشروق أن تهدي المكتبة العربية ثلاثة كتب تحمل عنوانًا عريضًا هو «كِتَابِيَهْ» تبدأ بهذا الكتاب، وتضم بين دفاتها مذكرات واحد من ألمع الرجال الذين لعبوا أدوارًا مهمة في التاريخ السياسي والدبلوماسي المصري والعربي في الخمسين عامًا الأخيرة".
وأشار إلى أن موسى في هذه الكتب يقدم نبضات حياة ودفقات فكر، بأسلوب سلس رشيق وجذاب تتجسد فيه متعة القراءة من السطر الأول إلى الأخير، لا يعتمد فقط على الذاكرة البشرية، التي تقف –دون شك– عند حدود بعينها، وينتابها الكثير من عوامل التعرية، أقلها الخلط والخطأ والنسيان.. بل إنه يكتبها من «الوثائق الرسمية».
وأكد المعلم أن الكتاب يتطرق إلى تفاصيل لقاءات موسى بالزعماء العرب، ومواجهاته مع ساسة وسياسات إسرائيل، وجهوده في دعم القضية الفلسطينية، وعلاقته بالولايات المتحدة الأمريكية والقوى الكبرى في العالم، وجهود عمرو موسى في مكافحة البرنامج النووي الإسرائيلي ومكافحة «الهرولة العربية» للتطبيع المجاني مع تل أبيب، لافتا إلى أن دار الشروق لطالما اهتمت بنشر مذكرات أبرز الشخصيات المؤثرة في تاريخ المنطقة.
رئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة ألقى كلمة في الحفل أشاد فيها بكتاب عمرو موسى كونه "مرجعا هاما لكافة الدبلوماسيين العرب"، وقال: "إنّ مذكّرات عمرو موسى لربما تختلف عن سائر أعمال السير الذاتية التي صدرت لسياسيين عرب عملوا خلال النصف الثاني من القرن العشرين.. فتلك المذكرات لا تقصد إلى التبرير والتسويغ، ولا إلى ذكر الإنجازات، ولا إلى التأريخ، أو ذكر نتائج السياسات الإيجابية أو السلبية للدولة المصرية والدول العربية الأُخرى.
وأضاف أن أبرزَ ما فيها هو استعراضُ سيرة رجلٍ امتلك وعياً قوياً بتحديات المسارَين الوطني والعربي، وسط الانسدادات التي نالت من بنية الدولة الوطنية، وليس فقط من سياساتها الداخلية والخارجية، وعلائقها بالعالم، فالدولة المصرية هي أعرقُ دول المنطقة العربية والإفريقية والآسيوية في مجال بناء الوظيفة العامة في الدولة الوطنية الحديثة.
وقال "عمرو موسى يطلِعُنا من خلال سيرته الذاتية أولَ ما يُطلِعُنا على كفاحات المسار الوظيفي في وزارة الخارجية المصرية، والتي كان لها هدفان: العمل المؤسَّسي والمحترف الذي طبع أعمال الدولة المصرية من جهة، والتحديان المتلازمان في هذا العمل: تحدي المواجهة مع إسرائيل من جهة، وتحدي العمل العربي المشترك الذي كان له هدفان أو حَكَمَهُ عاملان أيضاً: دور مصر المتميّز في العمل العربي منذ نشأة وزارة الخارجية المصرية، وقيادتها لهذا العمل منذ قيام الجامعة العربية بالإسكندرية عام 1945".
وأضاف: "مذكرات عمرو موسى أمين الجامعة العربية الأسبق تختلف عن بقية من كتبوا من قبل لأنها لا تبرر ولا تذكر إيجابيات فقط، ولكنها سيرة رجل ملم تماما بتحديات المسار العربي والقومي.
بينما قال الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، الذي خلف موسى في منصبه: "موسى دخل السياسية كمواطن وقدم الكثير ورأس لجنة الخمسين في وقت مضطرب ونجح بالوصول للسفينة لبر الأمان بخروج دستور 2014".
وتحدث عن بداية تعارفه مع موسى:"التقيت موسى في روما عام 59 وكان شابًا واثقًا في نفسه وأصبحنا أصدقاء، مشيرًا إلى أن موسى كان يتمتع بذكاء حاد، ولعب دورًا بارزًا في الدفاع عن مصر وعن القضية الفلسطينية.. وأنه كان مدركًا تمامًا هدف إسرائيل في إضاعة الوقت وللأسف نجحت إسرائيل في ذلك ولا تفلح أي مبادرات أو مؤتمرات، كما أنه أعاد هيكلة الوزارة وأشرف على إعداد مبنى جديد، على أحدث طراز يليق بالدبلوماسية المصرية، وكان وزيرًا ناجحًا.
بينما أشار الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، إلى بداية تعارفه بموسى قائلا: "عندما التحقت بوزارة الخارجية كان لا يزال عمرو موسى سكرتيرًا ثانيًا، لكنه كان لامعا وأنيقا، كان كل من يراه يتنبأ له بمستقبل واعد، وقد رأيته يشق طريقه إلى أن آمن به محمود رياض وإسماعيل فهمي، وزراء الخارجية السابقين، فأدركوا شخصيته المتميزة، فتألق في العمل الدبلوماسي، وكان علامة مضيئة في تاريخ الدبلوماسية المصرية".
وذكر الفقي عددا من المواقف الطريفة التي جمعته بموسى، مؤكدا أن موسى يدرك منحنيات ودهاليز السياسة الدولية، والسياسة الفلسطينية على نحو غير معهود، فهو شخص امتلك التميز الشخصي والكاريزما، إلى جانب الفهم العميق للأمور والسياسات الدولية، ويعطي لمصر كبرياءها في جميع المؤتمرات الدولية، مشيرا إلى أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك لم يعط مساحة لوزير مثلما أعطى مساحة لعمرو موسى.
فيما ذكر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، ذكريات عمله في السلك الدبلوماسي مع عمرو موسى، لافتا إلى أن عمرو موسى شخص يمتلك طموحًا هائلًا ويعرف طريقه جيدًا، ويتسلح بالأسلحة الدبلوماسية، وكل من يرغب أن يكون وزيرًا للخارجية عليه الاقتداء بموسى».
وأكد أن "عمرو موسى، شخصية لا تستلم ولا تنسى، وخدم بلده بأكبر قدر، والوطن أيضًا بادله نفس التقدير، مؤكدًا أنه شخص عف اللسان ولا يخشى الأقوياء ويستطيع مبارزتهم" وقال له: "بلدك كرمتك عدة مرات، وهذا العدد من الحضور اليوم هو بمثابة تكريم لك".
"عمرو موسى له شعبية جارفة في فلسطين وأتمنى أن يزورها مرة أخرى ليدرك بنفسه حجمها".. بهذه الكلمات بدأ نبيل شعث كلمته لافتا إلى أن موسى رفيق النضال الفلسطيني وأنه كان دائما ما يلجأ إليه أثناء مباحثات كامب ديفيد ويستعين بآرائه في المفاوضات قائلا: "وفي أي دولة في أوروبا كانت السفارات المصرية وكأنها سفارتنا بأوامر منه".
واختتم عمرو موسى الحفل بالحديث عن كواليس كتابة مذكراته التي استغرق الجزء الأول منها حوالي عامين، وأنه قام بمراجعتها 7 مرات وتنقيحها العديد من المرات لكي تخرج كمرجع موثق بالوثائق والأدلة على كافة المواقف السياسية التي وردت فيها. وقدم الشكر للحضور ولدار الشروق، قائلا: "خلال العام المقبل ننتهي من الجزء الثاني الخاص بالجامعة العربية وسأعود بالسجلات والوثائق؛ لأشرح المشكلات الحقيقية مثل سوريا والسودان وغيرها».
وذكر في كلمته دور مصر وقوتها الناعمة التي أثرت في تاريخ الشرق الأوسط وأوروبا أيضا التي تمتلئ ميادينها بآثار مصر، وأكد على أهمية عودة مصر لقوتها ووضعها في ظل " الزحف الإيراني" قائلا: «مصر يجب أن تعود لدورها وإلا زادت المنطقة توترا وضياعا، فمصر كانت وستظل صوت العقل والاعتدال».
يبدأ الكتاب الواقع في 18 فصلا باليوم الذي تنتهي فيه مسيرة عمرو موسى كوزير للخارجية المصرية، ومنها يعود بنا في رحلة إلى جذوره ونشأته في أسرة برلمانية منخرطة في الحياة السياسية المصرية منذ القرن التاسع عشر، ويكشف فيها انتماء أسرته لحزب الوفد العريق، وكيف بدأ ولعه بالعمل السياسي منذ نعومة أظافره، حينما خطب في جماهير قرية "محلة مرحوم" بالغربية.
ولد موسى فى 3 أكتوبر 1936م، فى حى منيل الروضة بالقاهرة، وعاش حياة حافلة شارك فيها في صنع القرار العربي والمصري، منذ التحاقه بالسلك الدبلوماسي سنة 1958 والمناصب الكثيرة التي تقلدها، ومنها سفير مصر في الهند (1983 - 1986)، والمندوب المصري الدائم لمصر في الأمم المتحدة (1990 - 1991) وصولا إلى السنوات العشر التي قضاها في منصب وزير الخارجية، ويتضمن الجزء الأول آراءه في الرؤساء المصريين بمنتهى الجرأة، وكذلك في عدد من الرؤساء العرب والدبلوماسيين والسياسيين الذين احتك بهم خلال حياته.