زواج المُغتصِب من الضحية في العراق.. نقاش قانوني وحقوقي
عاد الجدل مجدداً حول المادة 398 في قانون العقوبات العراقي إلى واجهة النقاش، والتي تنص على إسقاط جريمة المغتصب بحق الضحية إذا تزوّج منها.
يأتي وجه الاعتراض ومواقف الرفض من الفريق المناهض للمادة القانونية الخاصة بالاغتصاب، كون أن المرأة الضحية تمارس عليها ضغوط اجتماعية في غالبية الأحيان للقبول بالزواج من المغتصب خوفاً من "الفضيحة".
ويسوقون أسباباً من بينها أن الاغتصاب جريمة لا يمكن تجاوزها ونسيان آثارها وتداعيات فعلها عبر عرض الزواج من الضحية، وفي الوقت ذاته قد يشجّع ذلك على تنامي تلك الظاهرة في المجتمع العراقي.
المدافعون عن وجود تلك المادة يرون أن إسقاط الجريمة لا يتم إلا عند إبرام عقد زواج صحيح يرتكز على رضا الطرفين.
وأورد المجلس القضاء الأعلى "أنّ زواج المجني عليها من الجاني لا يتم إلا بموافقتها ولا تجبر على إجراء عقد الزواج وفي حالة رفضها فإنّ الإجراءات القانونية تستمر بحق الجاني إلى صدور القرار النهائي من المحكمة المختصة".
وتنص المادة 398 من قانون العقوبات المرقم 111 لسنة 1969 على أنه إذا عُقِد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل من بينها "الاغتصاب" والمجني عليها أوقف تحريك الدعوى والتحقيق فيها.
القانونية فاطمة ماجد، التي تعنى بقضايا حقوق المرأة، تقول: "عادة ما توضع الصيغ القانونية من قبل أي مشرّع لمراعاة النظام العام للمجتمعات بما لا يخلق حالة من التضاد".
وتضيف ماجد لـ"العين الإخبارية" إنها تعكف ضمن فريق تطوعي على إقامة ورش وندوات تثقيفية تستهدف التوعية بشأن عدم الرضوخ إلى الضغوط التي قد تضطر المرأة المجني عليها للتنازل عن حقوقها في تلك القضايا والتكتم على الجاني.
في السياق، تؤكد أمل كباشي، المدير التنفيذي لـ"شبكة نساء العراق"، إحدى منظمات المدني، أن "استمرار سريان نص تلك المادة يعد انتهاكاً صارخاً بحق كرامة المرأة وحقوقها وبما يؤسس لاتساع جرائم مثل هذا النوع في البلاد".
وتوضح كباشي لـ"العين الإخبارية"، أن "هناك جهود كبيرة بذلتها المنظمات المعنية لتغيير تلك المادة التي باتت لا تنسجم مع التطورات الزمنية والحقوقية وخاصة ما يتعلق بتمكين المرأة وتحصين كرامتها من الانتهاك والمصادرة".
وتتابع: "بات لزاماً تغيير تلك المادة وتعديلها وخصوصاً أن الكثير من الدول الإقليمية والعربية عمدت إلى إلغاء نصوص مواد قانونية كانت تكافئ المغتصب بالزواج من الضحية من بينها الأردن التي ألغت نص المادة 308 من قانون العقوبات عام 2017 وكذلك في المغرب ضمن المادة 475 من قانون العقوبات عام 2014".
وتلفت نائبة مدير منظمة حرية المرأة في العراق، جنات الغزي، إلى أن "النص القانوني الذي يشرعن زواج الضحية المغتصبة بمثابة هدية تقدّم إلى الجاني على ما اقترفه من جرم عظيم".
وتضيف الغزي لـ"العين الإخبارية" أن "منظمة حقوق المرأة وبمعية مؤسسات تطوعية أخرى ماضية باتجاه المطالبة والتغيير للكثير من المواد القانونية التي تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان وكرامة العيش ولكن الأوضاع السياسية التي يعيشها العراق ما بعد مشهد الانتخابات لا تسمح بتداول وتمرير مثل تلك الإرادات".