تقارب أنقرة ودمشق.. هل يزيد "الأزمة الصامتة" بين إيران وسوريا؟
قلق إيراني يتزايد وضغوط من وراء الأبواب المغلقة، في محاولة لإعادة ضبط علاقات طهران مع دمشق، في وقت يرى مراقبون أن عدم دعوتها للاجتماع الثلاثي لوزراء دفاع روسيا وتركيا وسوريا في موسكو، الأسبوع الماضي، مؤشر على إنهاء هيمنة طهران على القرار السوري.
وفسر خبراء إيرانيون ووسائل إعلام تابعة للحكومة تجاوز طهران وغيابها عن الاجتماع الثلاثي بأنه بداية لإبعادها عن المشاركة في تسوية الأزمة السورية، ويتماشى مع تقارب أنقرة-دمشق، حيث تتزايد الاتهامات التركية إلى إيران باستخدام حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة ضدها.
تجاوز إيران
وتعقيبا على ذلك، قال محلل الشؤون الدولية الإيراني حسن بهشتي بور، لموقع "خبر أون لاين"، إن "تكرار اللقاءات بين موسكو وأنقرة ودمشق دون وجود طهران يعني تجاوز إيران"، لافتاً إلى أنه "إذا عملت إيران مع تركيا وروسيا في سوريا فإن عملها سيتقدم بالتأكيد بشكل أفضل، ويمكنها تحقيق أهدافها بشكل جيد".
واعتبر بهشتي بور أن عدم دعوة إيران لمثل هذا الاجتماع يتماشى مع التقارب الحاصل بين روسيا وتركيا، مضيفاً أن "روسيا بعد الهجوم على أوكرانيا بدأت تعاونا جديدا مع تركيا للالتفاف على العقوبات، لذلك فهذه القضية ليست فقط في سوريا، بل هي قضية العلاقات الروسية التركية برمتها".
وأضاف: "أعتقد أننا يجب أن ننتظر الاجتماعات القادمة ونرى ما إذا كان سيتم تجاهل إيران مرة أخرى في العمليات المستقبلية، وإذا تكررت هذه المسألة يمكن القول إن هناك مؤشرات على أنهم يريدون تجاوز إيران".
إبعاد إيران ليس غريبا
بدوره، رأى فيروز دولت أبادي، سفير إيران السابق لدى تركيا، في مقابلة مع صحيفة "اعتماد"، أن غياب إيران عن المفاوضات السورية مع روسيا وتركيا ليس غريبا، وتحتاج كل من تركيا وروسيا إلى العمل معًا للحد من الأزمة السورية".
وأضاف دولت أبادي: "على حد علمي، فقد خرجت إيران تمامًا من دائرة التطورات في سوريا، والجهود التي تبذلها قواتنا لمحاربة داعش وإعادة بشار الأسد إلى الحكومة لم تُستغل، ولا توجد خطة سياسية لمواصلة تلك الجهود".
وأشار الدبلوماسي الإيراني إلى أن تركيا تفضل التفاوض مع سوريا لتقليل خطر المشكلة الكردية، لأن الظروف لا تسمح لأنقرة بالاستعانة فقط بالقوة العسكرية في صراع واسع النطاق في العراق وسوريا لمواجهة الأكراد المعارضين".
وتساءل دولت أبادي "إذا كنا شريكا استراتيجيا إلى سوريا فلماذا لم يتم دعوتنا لحضور طاولة المفاوضات الثلاثية في روسيا؟".
وعن التقارب بين أنقرة ودمشق، قال إن "المعارضة السورية فقدت كفاءتها، وهي ليست سوى حركة يمكن لتركيا استخدامها أحيانًا كرافعة سياسية، لكن ليس لها قيمة تشغيلية وأنشطة تنفيذية".
أول تعقيب رسمي
وبشأن غياب إيران عن الاجتماع الثلاثي في موسكو، قال المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني، خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي، الإثنين، إن "طهران أصرت دائما على الحل السياسي لا الحل العسكري فيما يتعلق بالتطورات في سوريا وهي مصرة على هذا الموقف".
وأضاف كنعاني: "اعترفت سوريا وروسيا وتركيا بدور إيران الحاسم في محاربة الإرهاب في سوريا ودعم الحكومة والأمة السورية ودعم وحدة أراضي هذا البلد وعملية حل الأزمة".
تأجيل زيارة رئيسي لدمشق
وتضاربت الأنباء حول زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للعاصمة دمشق والتي كانت متوقعة يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي لكنها لم تتم.
فيما تحدثت تقارير عن إرجاء موعد هذه الزيارة دون تحديد موعد معين، فيما قال دبلوماسيون غربيون إن الحكومة الإيرانية ضغطت على الرئيس السوري بشار الأسد للحصول على "تنازلات واتفاقات سيادية" في سوريا مقابل المساعدة في حل الأزمة الاقتصادية الحادة في مناطق سيطرة الحكومة.
وبحسب موقع " ميدل إيست مونيتور"، قال عدد من الدبلوماسيين الغربيين، لم يرغبوا في الكشف عن أسمائهم، إن طهران "فاجأت" الأسد بتقديمها مسودة هذه الاتفاقات أثناء التحضير الإيراني لزيارة الرئيس إبراهيم رئيسي لسوريا.
وأضافت المصادر أن صفقة أخرى عرضتها طهران على دمشق تشبه تلك التي تم توقيعها نهاية عام 2015 بين حكومة الأسد وموسكو بشأن إنشاء قواعد عسكرية روسية في حميميم وطرطوس، والتي منحت الروس تنازلات عسكرية ودبلوماسية واسعة النطاق، منها على سبيل المثال يجب محاكمة المواطنين الروس أمام المحاكم الروسية إذا ارتكبوا جريمة في سوريا.