الرقة السورية.. حياة من ثقوب الرصاص
من ثقوب ناجمة عن إطلاق نار، تتراءى أشباح أطفال يلعبون في ساحة تطوقها أنقاض مباني استطاع جزء منها أن يستعيد الحياة من جديد.
"ساحة النعيم" في الرقة السورية، كانت حتى وقت قريب تعرف بأنها المكان الذي شهد قيام تنظيم داعش بصلب وعرض رؤوس ضحاياه، لكنها اليوم باتت تضم مقهى يشي بأن المدينة بدأت تستعيد عافيتها.
المقهى المبني حديثًا بجوار أحد مواقع القصف التي كانت تملأ مدينة الرقة منذ أربعة أعوام، هو فقط أحد مظاهر التغيير الكامل في ملامح المدينة، بحسب صحيفة "التايمز" البريطانية.
كانت "العاصمة" السابقة لتنظيم داعش، الواقعة على أطراف الصحراء حيث كان محمد إموازي، المعروف باسم الجهادي جون، يستعرض أسراه، قد تعرضت لهجمات صاروخية بريطانية وأمريكية عام 2017.
لكنها اليوم، تعج وتصطف المقاهي في شوارعها، ويقول المسؤولون إن عدد سكانها تجاوز ما كان عليه قبل الحرب مع هروب السوريين من العنف والفقر بالمناطق الأخرى من البلاد إلى الأمان النسبي الموجود بها.
"الوضع الاقتصادي بالديار مروع"، هكذا قالت جونية صيان، التي انتقلت إلى الرقة مع أطفالها من قرية قرب دمشق، مضيفة: "تدمر منزلي في الحرب. لا عمل هناك، والأسعار مرتفعة للغاية. لذا، جئنا إلى هنا."
تعيش صيان في مبنى سكني تدمر جزئيًا كغيره من المباني، خلال غارة جوية للتحالف عندما أخرج حلفاء الغرب بقيادة الأكراد مسلحي داعش.
ومن الثقوب الموجودة بالجدران الناجمة عن إطلاق النار، يمكن إلقاء نظرة على الأطفال الذين يلعبون بالساحة المدمرة. وبالرغم من أنها ليست مثالية، لكنها آمنة، كما أن ابنها الوحيد على الأقل وظيفة لإعالتهم.
وبعمله بمطعم للدجاج يجني الابن نحو 90 دولارًا شهريًا، وهو مبلغ بالكاد يعتبر ثروة لكنه تقريبا ضعف ما يتقاضاه عن العمل في دمشق، لكن هذا لا يمنع أن المدينة تعاني جراء العقوبات الغربية وشهدت انهيارا في قيمة عملتها مشابه لما تعيشه جارتها لبنان حيث يحتفظ كثير من السوريين بأموالهم في مصارفها المنهارة.
وعندما أخرج داعش من الرقة، كان تلك واحدة من أعنف الحملات العسكرية في التاريخ الحديث. واضطر الجيش المهاجم، قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن الأكراد عليها، للقتال من مبنى إلى آخر لطرد مسلحي التنظيم.
وعملت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على تطوير تكتيك استثنائي مع حلفائهم البريطانيين والأمريكيين، ومع تقدمهم، حددوا بؤر داعش عبر منصات حاسوب مرتبطة بقاعدة البيانات المركزية. وبعد ذلك، يتم نقل الإحداثيات من مقرات الحلفاء مباشرة إلى أنظمة توجيه الصواريخ.
وقد تمكن هذا التكتيك من الحفاظ على أراوح كثير من أفراد "قسد"، لكن يظل عدد المدنيين الذين قتلوا بالميدان والعالقين بالأقبية تحت مواقع داعش، محل نزاع كبير.
لكن ما لا يختلف عليه أحد هو أن المدينة سويت بالأرض بطريقة نادرًا ما ترى حتى في الحروب الحديثة. وشمل الدمار شبه الكامل مدارس ومستشفيات وخدمات أساسية.
وقالت أسما حبال (36 عاما)، التي جاءت من حلب: "عندما وصلنا هنا لم يكن هناك أحد"، مشيرة إلى أن عائلتها كانت مدفوعة جزئيًا بالخوف؛ فبعضهم كان مطلوب لدى النظام والرجال الآخرين على الأقل سيتم استدعائهم للخدمة العسكرية.
و لايزال كثير من حطام الرقة موجودا، ولا يزال هناك انعدام للأمن، مع عمليات اعتقال منتظمة لما تقول السلطات إنهم خلايا نائمة تابعة لداعش. لكن مقارنة مع القتال الدائر في مناطق أخرى والدمار الاقتصادي، تبدو الرقة بوضع جيد.
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuMTgwIA==
جزيرة ام اند امز