تمرد الشرق وشكوك القصر.. محاولة الانقلاب تؤجج «عواصف» كينشاسا
محاولة الانقلاب في الكونغو الديمقراطية تؤجج عواصف الدولة الغنية بالنفط والتي تعاني منذ فترة طويلة من تمرد بمناطقها الشرقية.
وبدأت أحداث المخطط الانقلابي في الساعات الأولى من صباح الأحد الماضي عندما هاجم مسلحون مقر إقامة وزير الاقتصاد فيتال كاميرهي في حي غومبي الواقع على مقربة من "قصر الأمة" حيث مقر الرئيس فيليكس تشيسيكيدي.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الجنرال سيلفان إيكينغي في رسالة مقتضبة بثها التلفزيون الرسمي أن قوات الدفاع والأمن أحبطت "محاولة انقلاب".
واعتُقل نحو 40 مهاجما بينهم أمريكيون كما قُتل 4آخرون، بحسب إيكينغي.
ومن بين القتلى قائد المجموعة كريستيان مالانغا، وهو كونغولي يحمل الجنسية الأمريكية وجندي سابق.
شكوك
لا تزال العديد من الأسئلة من دون إجابة، لكن إحدى انعكاسات محاولة الانقلاب قد تكون بث الشكوك بين أعضاء الائتلاف البرلماني الحاكم المعروف باسم "اتحاد الأمة المقدس، بحسب كريستيان موليكا منسق منظمة "ديبول" غير الربحية.
وانتَخب ائتلاف "الاتحاد المقدس" في 23 أبريل/نيسان الماضي كاميرهي مرشحا لقيادة الجمعية الوطنية (البرلمان)، بعد أشهر من التوترات بين أحزاب الائتلاف الداعمة للرئيس تشيسيكيدي لكنها لم تتمكن من الاتفاق على مرشح.
وقال الباحث والمدير التنفيذي للمعهد الكونغولي إيبوتيلي فريد باوما إن "جماعة فيتال كاميرهي مقتنعون بأن شخصا ما حاول تصفيته، وأنه كان الهدف".
وأضاف موليكا لوكالة فرانس برس: "قد يكون هناك عنصر من الشك لدى فيتال كاميرهي الذي اعتبر الأمر محاولة اغتيال وليس انقلابا".
وأُعيد انتخاب تشيسيكيدي، الذي يتولى السلطة منذ 2019، في 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي بحصوله على أكثر من 73 % من الأصوات، فيما حصل أنصاره على 90 % من مقاعد البرلمان.
حيلة؟
هناك أيضا من يعتقد أن محاولة الانقلاب كانت "حيلة"، إذ قال كثيرون في كينشاسا إنهم يعتقدون أن الهجوم كان بمثابة وسيلة لإلهاء السكان عن المشاكل التي تواجه البلاد.
وجمهورية الكونغو الديمقراطية من بين أفقر 5 دول في العالم، وفقا للبنك الدولي، ويعيش ثلاثة أرباع السكان على أقل من 2,15 دولار يوميا بحسب أرقام 2023.
وقال موليكا إن الانقلاب الفاشل في العاصمة يمكن أن "يضفي الشرعية على قرارات استبدادية باسم الأمن"، ويؤدي إلى "تقلص المساحة الديمقراطية" وهو ما ستعاني منه المعارضة في المقام الأول.
تداعيات
تصوّر محاولة الانقلاب جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل سلبي وتساهم في "رسم صورة دولة هشة (و) أجهزة أمنية فاشلة"، بحسب موليكا.
ويرزح شرق البلد الأفريقي تحت وطأة نزاع بين جماعات مسلحة منذ 3 عقود. لكن الصراع اشتد منذ عودة حركة إم23 (مارس 23) المتمردة قبل عامين واستيلائها على أراض من الجيش الكونغولي في مقاطعة شمال كيفو (شرق).
واحتمال الاعتبار أن محاولة انقلاب الأحد الماضي جاء بتحريض من الخارج قد يزيد من عدم الثقة تجاه الدول الأجنبية المشتبه برغبتها في زعزعة استقرار الكونغو الديمقراطية، بحسب ما قاله الخبيران.