دراسة تكشف تأثير كورونا على الاقتصاد المصري
مصر آمنة من وقع فيروس كورونا في ضوء الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومة، إلا أنه لا يمكن التنبؤ بسرعة انتشار الفيروس مستقبلا
يعد فيروس كورونا من أخطر الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي، حيث إن جميع الأزمات المالية السابقة واجهتها الحكومات من خلال السياسات الاقتصادية، أما أزمة كورونا فهي تهدد المورد البشري بصورة واضحة ومباشرة، ومن ثم فإن تداعياتها تعد الأخطر على الاقتصاد العالمي وتتطلب سياسات مختلفة لمواجهتها.
ويختلف الوضع في مصر، فهي آمنة من وقع الأزمة المباشر، في ضوء الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومة، إلا أنه لا يمكن التنبؤ بسرعة انتشار هذا الفيروس خلال الفترة المقبلة.
ومع افتراض انحسار أثر العدوى، وإمكانية السيطرة على الفيروس، إلا أن هناك العديد من قنوات انتقال أثر هذه الأزمة إلى الاقتصاد المصري، خاصة في ظل ارتفاع درجة انكشافه على الاقتصاد الصيني، فعادة ما تأتي الصين كأهم شريك تجاري لمصر، سواء على مستوى السلع أو الخدمات وكذلك انتقالات رؤوس الأموال.
ويرصد تقرير صادر من مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، حصلت "العين الإخبارية" على نسخه منه، أهم قنوات انتقال الأزمة إلى الاقتصاد المصري، في محاولة لاستقراء أثرها:
الواردات السلعية
يؤثر هيكل الورادات المصرية من الصين على انخفاض مرونة الطلب على هذه الواردات، حيث تمثل الواردات الصناعية ومستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة نحو 80% من حجم الواردات، ومن ثم هناك صعوبة في ترشيدها أو إحلالها بالإنتاج المحلي على الأقل في الأجل القصير.
وبمرور الوقت وانخفاض المخزون من الخامات لدى المصانع والشركات يجب البحث عن أسواق بديلة، ومن ثم قد تكون هذه فرصة سانحة للمنتج المحلي في الإحلال محل الواردات.
فرصة للصادرات
هناك فرصة أكبر للصادرات المصرية للنفاذ لأسواق تصديرية جديدة، في ظل تراجع الصادرات الصينية إليها.
أسعار النفط
انعكست التوقعات بانخفاض النمو في الصين على تراجع الأسعار العالمية للنفط، كما قلصت وكالة الطاقة الأمريكية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2020، مع تأثير تفشي الفيروس على معدلات الاستهلاك في الصين.
الأمر الذي سيؤثر على تسعير النفط في مصر، خاصة بعد الإعلان عن تطبيق آلية التسعير التلقائي على بعض المنتجات البترولية منذ يوليو 2019، ومراجعتها كل ربع سنة، وفقًا للتطور في السعر العالمي لبرميل خام برنت، وتغير سعر الدولار أمام الجنيه.
تحويلات المصريين بالخارج
على الرغم من برامج تقليص العمالة الأجنبية وسياسات توطين الوظائف التي تتبناها دول الخليج منذ فترة، فقد ارتفع إجمالي تحويلات المصـريين العاملين بالخارج إلى 6.7 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2020/2019، في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، بمعدل زيادة 13.6% على أساس سنوي، وبقيمة تعادل 803.6 مليون دولار.
وبلغت نحو 5.9 مليار دولار خلال ذات الفترة من السنة المالية السابقة، إلا أنه من المتوقع تبني هذه الدول سياسات انكماشية استجابة لتراجع أسعار النفط، وخفض معدلات الإنفاق، وهو ما قد يؤثر على تحويلات المصريين بالخارج في الفترة المقبلة.
البورصة
تأثرت تعاملات البورصة المصرية خلال الآونة الأخيرة سلبا بتطورات أداء الاقتصاد العالمي، وتقلبات الأسواق الناشئة، والتراجعات التي شهدتها البورصات العربية والعالمية خلال الفترة الأخيرة، جراء تصاعد حدة الحرب التجارية بين كل من أمريكا والصين، وتقلب أسعار النفط، والتوترات الجغرافية-السياسية، وتوجه البنوك المركزية عالميا نحو خفض سعر الفائدة في ظل تيسير الأوضاع المالية العالمية.
ومن ثم فهناك مخاوف من تراجع أداء البورصة المصرية في ظل ما شهدته الأسواق العالمية من اضطرابات بأسواق المال مع مخاوف فيروس كورونا، بالإضافة إلى أثر العامل النفسي الذي يمارس دورا كبيرا على سلوك المصريين المتعاملين في البورصة، حيث يبادرون باتخاذ اتجاهات بيعية وقت الأزمات وهو ما اتضح في العديد من الأزمات السابقة سواء المحلية أو العالمية.
الاستثمارات المباشرة
يبلغ عدد الشركات المؤسسة لدى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة لدولة الصين 1560 شركة، بإجمالي استثمارات تبلغ 854 مليون دولار و35 ألف دولار ، وتعد الصين أحد أبرز الشركاء الاستثماريين مع مصر، ويبلغ ترتيبها 21 بين الدول المستثمرة.
ومن الصعب تأثر هذه الاستثمارت بأزمة كورونا لما تتمتع به من استقرار، مقارنة باستثمارات محافظ الأوراق المالية التي تعد عرضة للتقلبات والتذبذبات من حين لآخر تبعا لرغبات المستثمرين والتطورات قصيرة الأجل.
وتتنوع الاستثمارات طويلة الأجل ما بين القطاع الصناعي بإجمالي عدد 807 شركات، والقطاع الخدمى بإجمالي 518 شركة، كما تعمل نحو 79 شركة في القطاع الإنشائي و85 شركة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، و52 شركة في القطاع الزراعي و19 شركة بقطاع السياحة.
السياحة
يعد هذا القطاع من أكثر القطاعات عرضة للتذبذبات وتأثراً بالصدمات، ومن ثم من المتوقع تفاقم أثر تراجع السياحة القادمة من شرق آسيا التي تعد من الأسواق السياحية الواعدة، ويمتد الأثر السلبي إلى الخدمات المرتبطة بها كخطوط الطيران والفنادق والتجزئة، وتشغيل العمالة.
سلة العملات
على البنك المركزي المصري مراجعة الوزن النسبي لليوان الصيني في مكونات سلة العملات في ضوء تراجع قيمته، للتحوط ضد التقلبات في الفترة المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد المصري يتميز بتنوعه، فضلا عما تم من إصلاحات اقتصادية أسفرت عن تعافي أغلب المؤشرات الاقتصادية، مما يمكنه من تفادي الآثار السلبية لأزمة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، بل الاستفادة من الأزمة في العديد من القطاعات الواعدة.
وبصفة خاصة قطاع التعهيد الذي تتمتع فيه مصر بمزايا تنافسية أبرزها رأس المال البشري وتنافسية تكاليف التشغيل، مما مكنها أن تحتل ترتيبا متقدما في سوق صناعة التعهيد العالمية، حيث بلغت حصة مصر في خدمات التعهيد لتكنولوجيا المعلومات والخدمات القائمة عليها نحو 16% بنهاية هذا العام.