رغم تشابه الظروف.. لماذا لا يعاني ريال مدريد مثل برشلونة؟
يبدو نادي برشلونة غارقا في بحر من الأزمات المالية والرياضية، التي أفقدته بريقه في الآونة الأخيرة، عكس غريمه الأزلي ريال مدريد.
أزمة برشلونة باتت معلنة وواضحة خلال عام 2020 بسبب التداعيات الاقتصادية السلبية جراء تفشي جائحة كورونا، والتي أثرت سلبا على باقي أندية أوروبا وعلى رأسها ريال مدريد، نتيجة تأثر مصادر دخل تلك الأندية.
وبالرغم من تأثر ريال مدريد وبرشلونة، وكذلك بقية أندية أوروبا بتداعيات جائحة كورونا، فإن أحوال النادي الكتالوني تسير من سيء إلى أسوأ، لدرجة أنه اضطر للتخلي عن نجمه التاريخي ليونيل ميسي في صيف 2021 مجانا بسبب الأزمة المالية.
في السطور التالية تحاول "العين الرياضية" الإجابة على سؤال "لماذا لا يعاني ريال مدريد مثل برشلونة؟"، رغم تشابه الظروف بين العملاقين.
استقرار إداري
ينعم ريال مدريد بأوضاع إدارية مستقرة عكس الوضع في برشلونة، الذي يعاني منذ فترة من حالة فوضى ناجمة عن الحروب والنزاعات الداخلية بين الأعضاء.
ويقضى فلورنتينو بيريز حاليا ولايته الثانية كرئيس لريال مدريد، والتي بدأت عام 2009، ليعاصر آخر 3 رؤساء للنادي الكتالوني وهم خوان لابورتا (مرتين) وساندرو روسيل وجوسيب ماريا بارتوميو، بجانب مجلسي إدارة انتقاليين.
بيريز فاز برئاسة ريال مدريد بالتزكية في 2009، وهو ما تكرر خلال 3 دورات انتخابية متتالية (2013 و2017 و2021)، وهو أمر وإن كان يشير لشيء من الديكتاتورية، فإنه أيضا يؤكد قوة رجل الأعمال الإسباني ونفوذه، وبالتالي الحصول على قدر لا بأس به من الاستقرار، والأهم هو جعل جميع أعضاء النادي على قلب رجل واحد.
في العام الماضي كشفت وسائل الإعلام عن قيام جوسيب ماريا بارتوميو رئيس برشلونة السابق، بدفع مبالغ لشركة علاقات عامة، من أجل تشويه صورة عدد من أساطير الفريق الكتالوني على رأسهم ليونيل ميسي وجيرارد بيكيه والمدرب بيب جوارديولا والقائد التاريخي كارليس بويول، وعرفت بفضيحة "بارسا جيت".
وأشارت الإذاعة إلى أن شركة "NiceStream" قدمت تقريرا إلى إدارة برشلونة في ديسمبر/ كانون الأول 2018، صنفت فيه مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى قسمين، وهما داعمي بارتوميو ومنتقديه، وأن الأمر نفسه ينطبق على الرئيس الأسبق ساندرو روسيل (2010-2014).
ومؤخرا كشفت إذاعة "كادينا سير" أن 4 من مساعدي خوان لابورتا، الرئيس الحالي الذي أعيد انتخابه بعد استقالة بارتوميو في 2020، قاموا في وقت سابق بحملة مماثلة تحت قيادة ماريا إلينا فورت، نائبة رئيس البارسا الحالي.
وعملت الحملة على نشر معلومات مخالفة لساندرو روسيل وضد إدارة بارتوميو لمدة 8 سنوات، وهو ما يدفع للاعتقاد بأنهم ليسوا مجرد مشجعين لبرشلونة يعبرون عن آرائهم، لكنهم أقرب شبها بمنظمة صغيرة تعمل للحصول على مكاسب معينة.
ريال مدريد يسقط أحيانا ضحية لتسريبات من هذا النوع، وكان أحدثها تسريبات صوتية لبيريز يشن فيها هجوما لاذعا على عدد من أساطير النادي، لكن هذه الفضيحة كانت أقل قوة وتأثيرا من "بارسا جيت"، خاصة لأنها كانت بمثابة تعبير من رئيس النادي عن رأيه، وليست حملة منظمة من النادي أو مسؤوليه.
خطة واضحة
في ظل استقراره الإداري، يسير ريال مدريد وفق خطة واضحة تنظم له أولوياته سواء على الجانب الرياضي أو المادي، عكس برشلونة الذي تتصف خطواته بشيء من العشوائية.
وفي السنوات القليلة الماضية، تخلى ريال مدريد عن استراتيجية "الجالاكتيكوس" القائمة على ضم نجوم بارزين بمبالغ باهظة، وبات "الملكي" يميل أكثر للاعتماد على المواهب الشابة، سواء من خريجي أكاديميته أو من أبناء الأندية الأخرى.
وبالرغم من أن الاعتماد على الشاب هو في الأساس جوهر فلسفة برشلونة، فإن النادي الكتالوني لم يعد يلزم نفسه بهذه القاعدة مؤخرا، وبات أكثر فوضوية فيما يتعلق بمشاريعه الرياضية، حيث دفع مبالغ ضخمة في تعاقدات فشل أغلبها في تحقيق المطلوب، قبل أن تعيده الأزمة المالية مجبرا لخيار الأكاديمية.
كذلك يلتزم ريال مدريد بمجموعة من القواعد الصارمة التي تنظم علاقته بلاعبيه، من بينها على سبيل المثال تمديد عقود اللاعبين كبار السن (30 عاما فأكثر) لمدة عام واحد فقط في كل مرة، وفي أغلب الأحيان لا يبدي "الملكي" أي مرونة في التعامل مع تلك القاعدة.
إنفاق مدروس
تحركات ريال مدريد المالية، وخاصة المتعلقة بالتعاقدات الجديدة ورواتب اللاعبين، تشير إلى أنه يعمل وفقا لخطة محكمة، وأنه تعلم الدرس القاسي من أزمة كورونا.
في الصيف الماضي، أوضحت صحيفة "ABC" الإسبانية الفارق بين ريال مدريد وبرشلونة من النواحي المالية على مدار السنوات القليلة الماضية، وأشارت إلى أن البارسا مديون بأكثر من مليار ونصف يورو تقريبا، عكس "الميرينجي" الذي يعيش أحوالا مالية أفضل.
الصحيفة أبرزت أن الفارق بين الناديين يكمن في العمل المؤسسي (ريال مدريد)، والإدارة العشوائية العاطفية (برشلونة).
وضربت الصحيفة مثالا بأن مستحقات ميسي وقتها كانت تكلف خزائن برشلونة 135 مليون يورو كل عام، بخلاف الأجور المرتفعة الأخرى لباقي اللاعبين، بينما رفض ريال مدريد الرضوخ لضغوط كريستيانو رونالدو لزيادة راتبه لما يقرب من ثلث هذا المبلغ، حتى لو تسبب هذا في رحيل نجمه الأسطوري والتاريخي، وهو ما حدث بالفعل في صيف 2018.
المفارقة أن برشلونة فقد ميسي مجبرا في صيف العام الماضي، بسبب أزمته المالية وارتفاع فاتورة الأجور، حيث منعته لوائح الدوري الإسباني من توقيع عقد جديد مع النجم الأرجنتيني المخضرم بسبب فشله في رفع سقف الرواتب.
يذكر أن تقرير "ABC" أفاد أن برشلونة قادر على تخصيص مبلغ 234 مليون يورو فقط للرواتب، بينما يستطيع ريال مدريد دفع 473.3 مليون يورو، أي الضعف تقريبا.
aXA6IDMuMTQyLjE5OC41MSA=
جزيرة ام اند امز