إيران والرد على إسرائيل.. هل يخرج «المارد» من «القمقم»؟

اختارت إسرائيل أن تراهن على الحل العسكري لمواجهة سعي إيران المستمر منذ عقود لامتلاك قدرات نووية.
ورغم ما قد تسببه العملية الإسرائيلية من أضرار كبيرة للبرنامج النووي الإيراني، إلا أن التحدي الحقيقي سيظهر لاحقًا، وفق مجلة «فورين أفيرز».
فإيران، ورغم محدودية خياراتها للرد المباشر، إلا أنها قد تلجأ إلى الخيار الأخطر والأكثر ترجيحًا، وهو الانسحاب من التزاماتها بشأن الحد من التسلح النووي، والبدء فعليًا في تطوير أسلحة نووية.
والتعامل مع تداعيات هذا السيناريو على المدى الطويل سيكون التحدي الأكبر لإسرائيل والولايات المتحدة، إذ قد يؤدي فشل الطرفين في احتوائه إلى تحويل الرهان الإسرائيلي من وسيلة لمنع إيران نووية إلى عامل يسرّع تحقيق هذا الهدف.
خيارات خطيرة
لا تزال المواجهة بين إسرائيل وإيران في بدايتها، ويصعب التنبؤ بمدتها أو بحجم الأضرار التي قد تلحقها إسرائيل، إلا أن قدرة طهران على الرد أو حتى إنهاء الحملة الإسرائيلية تعاني من قيود كبيرة. بحسب المجلة.
وفي هذا الصدد، لفتت المجلة إلى أن المسافة الشاسعة بين البلدين، إلى جانب منظومات الدفاع الإسرائيلية المتطورة، تحدان كثيرًا من قدرة طهران على استخدام قواتها الجوية ضد إسرائيل، كما أن الهجوم البري مستحيل تقريبًا بسبب الحواجز الجغرافية وقوة الجيش الإسرائيلي.
ولذلك، يبقى الرد العسكري المباشر محدودًا بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، والتي أظهرت حتى الآن فعالية محدودة أمام الدفاعات الإسرائيلية.
ورغم أن محاولات الرد السابقة في أبريل/ نيسان وأكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي كشفت عن نقاط "ضعف" في القدرات الإيرانية، كما تقول المجلة إلا أن طهران قد تشعر بضرورة الرد حفاظًا على هيبتها، خاصة بعد تطويرها لقدراتها الصاروخية والمسيرة بدعم روسي.
ومن المرجح أن تلجأ إيران لهجمات صاروخية أو بطائرات مسيّرة، سواء بضربة واحدة كبيرة أو عدة هجمات متفرقة، لكن إسرائيل تراقب منصات الإطلاق وقد تنفذ ضربات استباقية.
ورغم ذلك، ترى "فورين أفيرز" أنه لا يتوقع أن تحقق هذه الهجمات تأثيرًا كبيرًا، "فالدفاعات الإسرائيلية قوية، والذخائر الإيرانية محدودة التأثير، وحتى في حال حدوث اختراقات، فستكون الأضرار أقل بكثير من تلك التي قد تتكبدها إيران جراء الهجوم الإسرائيلي".
القدرات الإلكترونية
من الخيارات الأخرى المتاحة أمام إيران- وفق المجلة- تنفيذ هجمات إلكترونية، فقد طورت طهران قدراتها السيبرانية ونجحت في شن هجمات على أهداف إسرائيلية، مثل تعطيل الكهرباء عن مستشفيات في صيف 2023، لكن تل أبيب ردت بإغلاق محطات وقود إيرانية.
ويظل الغموض سيد الموقف في هذا المجال، إذ يصعب على كل طرف معرفة إمكانات الآخر، ومع أن إيران قد تحقق بعض النجاحات، إلا أن إسرائيل تتفوق عمومًا في هذا المجال، كما أن المجتمع الإيراني أكثر هشاشة أمام الاضطرابات الداخلية.
إطلاق المارد من القمقم
الرد الأخطر من إيران قد لا يكون فوريًا، بل يظهر على المدى البعيد. إذ قد تتخذ طهران قرارًا بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي لعام 1968، وتعلن صراحة أنها ستسعى لامتلاك قنبلة نووية كوسيلة ردع ضد الهجمات "غير المبررة".
وتمتلك إيران بالفعل كميات كافية من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع عدة قنابل نووية، ويُعتقد أن هذه المواد موزعة في عدة مواقع يصعب تدميرها جميعًا بضربة واحدة.
كما أن إيران لديها مواد خام وأجهزة طرد مركزي غير معلنة يمكن دمجها بسهولة في برنامجها النووي، وبدون وجود مفتشين دوليين سيصعب على الاستخبارات الغربية رصد أو تدمير المواقع الجديدة، خاصة إذا زادت إيران من تحصينها.
وبدون اتفاق جديد، قد تنجح إسرائيل في تأخير البرنامج النووي الإيراني لعام أو اثنين، لكنها في الوقت نفسه قد تفتح الباب أمام إيران نووية في المستقبل القريب. هذا ما خلصت إليه المجلة.