زيارة بايدن للسعودية.. تصحيح بوصلة العلاقات أم مكتسبات اقتصادية
في ظل واقع جيوسياسي جديد ومتغيرات دولية وإقليمية وضغوط اقتصادية، يبدأ الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة هي الأولى لمنطقة الشرق الأوسط منذ توليه منصبه.
وبينما يرى محللون أن الزيارة تستهدف إعادة إحياء التحالف الاستراتيجي الأمريكي الخليجي والتأكيد على التزامات واشنطن تجاه الأمن الإقليمي ودعم دول المنطقة في مكافحة الإرهاب، اعتبر آخرون أنها وسيلة تهدف من خلالها الولايات المتحدة إلى الحصول على بعض المكتسبات الاقتصادية، لا سيما المتعلقة بضخ النفط، وسط وضع اقتصادي بالغ السوء تشهده أمريكا قبل أشهر قليلة على انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.
وأكدوا على أنه بمتابعة تطور العلاقات بين الجانبين على مدار العقد الأخير على الأقل، فإنه في أعقاب كل مرحلة من مراحل التوتر في التعاون والتنسيق تأتي مرحلة أخرى لتبدد الشكوك بشأن مستقبل هذا التحالف الاستراتيجي الهام للجانبين.
فعقب بعض التوترات التي شابت العلاقات الأمريكية الخليجية خلال عهد الرئيس جورج دبليو بوش، بعد غزو العراق عام 2003، جاء الرئيس باراك أوباما ليعيد إحياء وتجديد التزام بلاده تجاه أمن الخليج.
وبعد بعض التوترات التي شابت العلاقات مرة أخرى في أواخر عهد أوباما على خلفية تأييده لموجات ما سُمي "الربيع العربي" الذي صدقت خلاله نبوءة الدول الخليجية بأنه بوابة للفوضى في المنطقة، وكذلك توقيعه للاتفاق النووي الإيراني وغضه الطرف عن انتهاكات طهران في اليمن وتسليحها للانقلابيين الحوثيين، جاء الرئيس دونالد ترامب لتصحيح وضبط مسار العلاقات مرة أخرى.
واستقرت علاقات الجانبين بشكل كبير واتفقا على التصدي لطموحات إيران في المنطقة، لكن قضية أخرى ألقت بظلالها على العلاقات وتسببت في إحداث قدر من الذبذبة فيها مرة أخرى، وهي الأزمة الخليجية.
فإبان تردي العلاقات بين قطر وأربع دول عربية هي السعودية ومصر والإمارات والبحرين، كان موقف واشنطن ملتبسا. وهو ما أضفى مزيدا من التوترات في علاقات أمريكا والخليج، إذ كانت واشنطن تضغط باتجاه المصالحة الخليجية حتى يتسنى لها تطبيق أقصى قدر من العقوبات بحق إيران.
وأدى انسحاب أمريكا الأحادي من الاتفاق النووي الإيراني وتوقيع مجموعة قاسية من العقوبات في تحسين العلاقات مع دول الخليج. لكن بعض ردود الفعل من قبل الرئيس دونالد ترامب كان لها أثر سيئ مرة أخرى في مسار العلاقات حيث تجاهل في عام 2019 القصف الإيراني لمنشآت نفطية سعودية في بقيق وخريص في سبتمبر/أيلول 2019.
واختار ترامب حينها عدم الرد على تلك الهجمات “ما قوّض أربعة عقود من السياسة الأمريكية التي كانت تستهدف الدفاع عن الحقول النفطية في الخليج ضد التهديدات المنبعثة من داخل وخارج المنطقة”، بحسب “فورين بوليسي”.
والآن يصل بايدن، بعدما استمر في تجاهل التزامات أمريكا تجاه الخليج منذ بداية عهده. لكن الواقع الجيوسياسي في المنطقة يفرض نفسه الآن بالفعل.
ووفق محللين غربيين، فإن تحالفات جديدة باتت تخفف من العداوات القديمة. والمراجعات عادت لضبط السياسات وفقا للمصالح الوطنية، وبدأ بحذر بناء جسور دبلوماسية لتعكس آمال السلام والهدوء على جبهات متعددة.
ويعكس هذا مدى التغلغل الذي حدث في المنطقة مع قيام روسيا بملء الفراغ السياسي الذي تركته الولايات المتحدة. كما أن تقاعس الولايات المتحدة عن القيام بدورها فىي حرب اليمن عبر تصنيف جماعة الحوثي الموالية لإيران ضمن قائمتها السوداء للإرهاب شجع هؤلاء على التجرؤ وارتكاب مزيد من الهجمات تجاه أهداف خليجية.
ويبدو أن الأمور في اليمن تتجه نحو التهدئة لكن بعيدا عن أي دور لواشنطن أو المجتمع الدولي. فالسعودية ذاتها قد انخرطت في حوار مع طهران، كما أنها عززت تفاهماتها الاقتصادية والعلاقات التعاونية مع روسيا.
ويعتقد محللون أن الزيارة الأولى لبايدن إلى الشرق الأوسط كرئيس، تهدف بشكل أساسي إلى إعادة تأكيد نفوذ الولايات المتحدة بعد إهمال سنوات ترامب.
ومن المتوقع أن يكون الملف الإيراني حاضرا بقوة في محادثات بايدن مع دول المنطقة. وفي حين يرتقب أن يقدم الرئيس الأمريكي مزيدا من التطمينات فيما يتعلق بأمن الحلفاء، يقع بايدن تحت ضغط من نوع آخر وهو إنقاذ اللحظات الأخيرة للاتفاق النووي مع إيران.
فالاتفاق يمكن أن يضاعف كمية النفط الإيراني في الأسواق العالمية ثلاثة أضعاف. كما أنه وفقا للتقارير، فإن شخصيات عسكرية إسرائيلية بارزة تجادل الآن، على عكس الموقف الذي اتخذه رئيس الوزراء الأسبق ورئيس الوزراء المحتمل بنيامين نتنياهو، بأن صفقة سيئة مع إيران أفضل من عدم وجود صفقة على الإطلاق.
وبحسب المحللين فإنه "كالعادة تبدو نوايا إيران غامضة ومتناقضة. ولأنها منزعجة من أي تحالف إقليمي ضدها، فهي تباشر "انفراجة مع السعودية"، حيث قالت طهران مؤخرا إنها مستعدة لاستئناف المحادثات المباشرة بوساطة عراقية.
aXA6IDE4LjIxOC45NS4yMzYg
جزيرة ام اند امز