لماذا يتجه «المركزي المصري» لخفض الفائدة؟ خبير يحدد 3 أسباب
توقع الخبير المصرفي، محمد عبدالعال، أن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة بين 1% و2% في اجتماعه الأخير للعام الحالي.
وأوضح عبدالعال لـ"العين الإخبارية"، أن هذا التوجه يأتي مدعومًا بثلاثة عوامل رئيسية، أولها قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة مؤخرًا، وثانيها تراجع الضغوط التضخمية، وثالثها استقرار سعر الصرف وتوافر العملات الأجنبية، مضيفًا أن المركزي قد يستغل المساحة المتاحة حاليًا لمناورة السياسة النقدية، ويقرر خفضًا إضافيًا للفائدة.
وأضاف أن معدل التضخم السنوي في المدن انخفض إلى 12.3% خلال نوفمبر/تشرين الثاني مقارنة بـ12.5% في أكتوبر/تشرين الأول، ما يمثل دلالة على نجاح السياسة النقدية في كبح الضغوط السعرية، ويتيح المجال لمزيد من التيسير النقدي دون المساس باستقرار الأسعار، خاصة في ظل بقاء أسعار الفائدة الحقيقية عند مستويات مرتفعة نسبيًا.
معدل العائد الحقيقي في مصر
وأشار إلى أن معدلات العائد الحقيقي الحالية تسمح بمزيد من التيسير النقدي، لافتًا إلى أن الأرقام الأخيرة للتضخم تمثل مفاجأة إيجابية، رغم تأثير زيادة أسعار الوقود بشكل محدود، ما يعكس قدرة الاقتصاد على امتصاص صدمات الأسعار الأخيرة.
وأضاف أن البنك المركزي يتمتع حاليًا بمساحة كافية للتحرك، مدعومًا بتحسن الوضع الخارجي للاقتصاد، بما في ذلك ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية إلى مستوى قياسي تجاوز 50 مليار دولار، وزيادة تحويلات المصريين بالخارج، وتحسن إيرادات قناة السويس، ما يعزز قوة الجنيه ويحد من الضغوط التضخمية المستوردة.
وأشار إلى أن التوقعات السائدة في الأسواق تميل إلى خفض أسعار الفائدة بما يتراوح بين 100 و200 نقطة أساس، وهو خفض متوازن يدعم النشاط الاقتصادي ويحفز استثمارات القطاع الخاص، دون الإخلال باستقرار السوق أو عودة الضغوط السعرية، مضيفًا أن قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة مؤخرًا يمنح المركزي المصري هامش حركة أوسع دون مخاطر تتعلق بتدفقات رؤوس الأموال.
دورة التيسير النقدي
وأكد أن أي خفض محتمل للفائدة سيكون استكمالًا لمسار بدأه البنك المركزي منذ بداية العام، حيث جرى خفض الفائدة بنحو 625 نقطة أساس حتى الآن، بعد موجة تشديد قوية فرضتها ظروف التضخم المرتفع خلال العامين الماضيين.
وكان البنك المركزي قد رفع أسعار الفائدة 1900 نقطة أساس بين مارس/آذار 2022 ومارس/آذار 2024 لمواجهة موجة التضخم الحادة، قبل أن يبدأ في أبريل/نيسان 2025 دورة خفض تدريجية عبر 4 اجتماعات بإجمالي 625 نقطة أساس، ليستقر سعر الفائدة عند 21% للإيداع و22% للإقراض، فيما يصل سعر العملية الرئيسية إلى 21.5%.
أما عن التوقعات للعام المقبل، فتوقع استمرار سياسة التيسير النقدي خلال 2026، مع إمكانية خفض تدريجي يتراوح بين 500 و800 نقطة أساس على مدار العام، شريطة استمرار تراجع التضخم واستقرار الأوضاع العالمية، وعدم حدوث صدمات سعرية حادة في الطاقة أو السلع الأساسية.
وشدد على أن التحدي الرئيسي أمام السياسة النقدية في المرحلة المقبلة يتمثل في تحقيق توازن دقيق بين دعم النمو الاقتصادي وتحفيز الاستثمار من جهة، والحفاظ على استقرار الأسعار وقوة العملة المحلية من جهة أخرى، مؤكدًا أن المؤشرات الحالية ترجح كفة التيسير المدروس وليس الخفض الحاد أو المتسرع.
مؤشرات الاقتصاد المصري
وفي مؤشرات الاقتصاد الكلي، شهدت مصر تحسنًا ملحوظًا، حيث ارتفعت صافي الاحتياطيات الدولية إلى مستوى قياسي بلغ 50.2 مليار دولار في نوفمبر 2025، وزادت تحويلات المصريين بالخارج إلى 3.7 مليار دولار في أكتوبر، إلى جانب نمو إيرادات قناة السويس، ما انعكس في ارتفاع قيمة الجنيه بنحو 7% منذ بداية العام مقابل الدولار.
كما أكد صندوق النقد الدولي، أن المركزي حافظ على سياسة نقدية متشددة، متبعًا نهجًا حذرًا وتدريجيًا لخفض التضخم، متوقعًا استمرار الإدارة الدقيقة لدورة التيسير النقدي، وسط مؤشرات على استمرار ضغوط التضخم وعدم ترسخها بشكل كامل، مع الإشارة إلى دور السياسات المالية والنقدية المتشددة في استقرار الأسواق والقضاء على نقص العملات الأجنبية.