الركود يقترب.. هل تسرع أمريكا وتيرة تشديد سياستها النقدية؟
من المقرر أن يجتمع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) لمراجعة أسعار الفائدة مرة أخرى يومي 1 و2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وتتوقع وكالة بلومبرج للأنباء أن يُبقي مسؤولو الفيدرالي الأمريكي على نهج تشديد السياسة النقدية ما يمهد الطريق أمام رفع أسعار الفائدة بمعدل 75 نقطة أساس إضافية (0.75%) لتصل إلى 5% بحلول مارس/آذار 2023، وهي زيادات من المرجح أن تقود الولايات المتحدة والعالم إلى ركود اقتصادي.
75 نقطة أساس جديدة
من المتوقع أن تزيد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للاجتماع الرابع على التوالي، عندما يعلن صناع السياسة النقدية قرارهم عند الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت واشنطن الأربعاء المقبل الموافق 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حسب ما جاء في استطلاع رأي أجرته بلومبرج.
وحصل مسؤولو السياسة النقدية على سبب إضافي لمواصلة مسار رفع أسعار الفائدة، حيث أظهرت بيانات رسمية يوم الجمعة 28 أكتوبر/تشرين الأول 2022، ارتفاع تكاليف التوظيف بوتيرة ثابتة خلال الربع الثالث، كما أن مقياس التضخم المفضل لدى البنك المركزي، لا يزال بعيداً أعلى بكثير من هدفه البالغ 2%.
وحسب استطلاع بلومبرج، من المتوقع رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة أخرى في ديسمبر المقبل، ثم بمقدار ربع نقطة خلال كل من الاجتماعين التاليين. وكانت توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي الصادرة في اجتماع سبتمبر/أيلول الماضي، قد أشارت إلى أن أسعار الفائدة ستبلغ 4.4% هذا العام، ثم ترتفع إلى 4.6% في العام المقبل، قبل البدء في عمليات التخفيص في عام 2024.
فيما يرى خبراء الاقتصاد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي مصمم على عدم التحول في سياسته النقدية من حربه ضد التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته في 40 عاماً. سيتجسد الانتقال إلى ذروة أعلى لأسعار الفائدة، في نمو أسعار المستهلك، عدا الغذاء والطاقة، اللذين ارتفعا بأكثر من المتوقع خلال الشهرين الماضيين.
ويُذكر أن استطلاع بلومبرج شارك فيه 40 خبيراً اقتصادياً، وأُجري خلال الفترة من 21 إلى 26 أكتوبر/تشرين الأول الجاري. وللمرة الأولى في استطلاعات الرأي قبيل انعقاد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، يتوقع غالبية خبراء الاقتصاد -ثلاثة أرباعهم- حدوث ركود محتمل في غضون العامين المقبلين، فيما يتوقع أغلب باقي الخبراء حدوث "هبوط حاد" مع فترة يكون فيها النمو صفرياً أو سلبياً في المستقبل.
مؤشرات سلبية للاقتصاد الأمريكي
وكانت البيانات الصادرة الإثنين 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قد أظهرت ارتفاع مؤشر التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 0.3% في سبتمبر، مع تراجع تكلفة البنزين، مما يجعله لا يزال قرب أعلى مستوياته في 4 عقود.
وارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي -الذي يستبعد البنود الأكثر تذبذبًا مثل الغذاء والطاقة- بنسبة 0.5% في سبتمبر/أيلول الماضي على أساس شهري، و5.1% على أساس سنوي. وتراجع معدل الادخار إلى 3.1% في سبتمبر/أيلول الماضي، من 3.4% خلال أغسطس/آب الماضي.
انتعاش هش.. والأسوأ لم يأت بعد
لقد نما الاقتصاد الأمريكي أقوى من المتوقع بنسبة 2.6٪ في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وذلك بعد انكماشه بنسبة 1.6٪ في الربع الأول و0.6٪ في الربع الثاني من العام.
يأتي تقرير الناتج المحلي الإجمالي وسط تحذيرات شبه يومية من الركود من قبل الرؤساء التنفيذيين للبنوك ورجال الأعمال الاقتصاديين ووزراء الخزانة السابقين. لقد قل تركيزهم على معدلات النمو في النصف الأول من العام في حين أصبحوا يركزون على فائض عدم اليقين في المستقبل.
ولكن مع تزايد الخوف، تعد هذه الأخبار بمثابة تذكير بأنه لا أحد يعرف على وجه اليقين ما إذا كان الاقتصاد الأمريكي سيتجه نحو الركود. علاوة على ذلك، يتفق معظم هؤلاء المتنبئين على أنه حتى لو كان هناك ركود، فسيكون خفيفًا.
وفقًا لـ"بلومبرج" يتوقع مراقبو السوق وخبراء الاقتصاد بشكل متزايد حدوث ركود قريب في الولايات المتحدة، حيث قال ديفيد سولومون، الرئيس التنفيذي لمجموعة "جولدمان ساكس" إن الظروف الاقتصادية "ستتشدد بشكل كبير بدءًا من هذه النقطة". بينما قال فرانك بيتيتجاس، رئيس العمليات الدولية في "مورجان ستانلي"، إن عام 2023 يطغى عليه "انعدام اليقين بعض الشيء".
وتوقعت "بلومبرج" أن الركود الأمريكي أمر بات مؤكد فعليًا في الأشهر الـ12 المقبلة، وأن الأسواق تتوقع أيضاً الركود.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTUxIA== جزيرة ام اند امز