اللاجئون.. جمرة نار تؤرق ضمير أوروبا وتختبر قيمها
مظاهرات في ألمانيا تحت شعار "أوقفوا الموت في البحر المتوسط" ردا على إجراءات إيطالية للتضييق على مراكب إنقاذ المهاجرين غير الشرعيين
بملابس صفراء كتلك التي ترتديها فرق الإنقاذ البحري، تظاهر المئات في مدن ألمانية مطلع الأسبوع الجاري، للمطالبة بتأمين طرق هروب اللاجئين إلى أوروبا عبر البحر، ما يعكس انقساما عميقا في القارة العجوز التي يؤرق ضميرها جمرة اللاجئين وتختبر قيمها.
ونهاية الشهر الماضي رفضت السلطات الإيطالية استقبال سفينة لإنقاذ المهاجرين من الرسو في موانئها في ثالث رفض من نوعه خلال الشهر نفسه، وبعد ساعات من انتهاء اجتماع للقادة الأوروبيين بشأن الهجرة خيم عليه التوتر.
- وزير الخارجية الأمريكي: ترامب وبوتين بحثا أزمة سوريا وإعادة اللاجئين
- ليبيا.. إنقاذ 156 مهاجرا غير شرعي شمال شرق طرابلس
المظاهرات في ألمانيا، جاءت كرد فعل على السياسات الجديدة لحكومات يمينية وصلت للسلطة بفضل هاجس الهجرة غير الشرعية.
وخرجت مظاهرات جديدة في ألمانيا، السبت، تضامنا مع عمليات الإنقاذ البحري للاجئين، التي تقوم بها سفن خاصة تابعة لنشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان.
وشهدت دوسلدورف ومدن أخرى مظاهرات دعما لتأمين طرق هروب اللاجئين عبر البحر إلى أوروبا.
وتحت شعار "الجسر البحري يخلق موانئ أكثر أمانا"، جابت المظاهرات شوارع مدينة دوسلدورف الألمانية، ومن بين ما طالب به المشاركون، السماح للقوارب الخاصة بإنقاذ اللاجئين في البحر والتوجه إلى الموانئ الأوروبية دون أن يكونوا معرضين للعقاب، كما طالبوا باستقبال لائق إنسانيا للاجئين.
وانتقدت متحدثة في ختام المظاهرة، رفض السلطات قيام قوارب إنقاذ (خاصة) بمساعدة اللاجئين ووصفتها بأنها "تقاعس عن تقديم مساعدة واجبة"، وقالت: "يجب على أوروبا ألا تخون قيم التضامن والكرامة الإنسانية".
ومنذ بدء الحرب الأهلية في سوريا شهدت أوروبا موجة تدفق غير مسبوقة للاجئين إلى شواطئها فيما كانت تكافح للسيطرة على الهجرة غير الشرعية من أفريقيا في ظل استغلال مهربي البشر فوضى خلّفها ما يُسمى "الربيع العربي".
وتحت إلحاح الخوف من التأثير المحتمل لموجات اللاجئين والفزع من العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش الإرهابي، راج الخطاب اليميني الشعبوي وحققت أحزابه انتصارات مكنتها من الوصول للسلطة في أكثر من عاصمة أوروبية.
وكان اتحاد مكون من عدد من الأحزاب والمنظمات والنقابات العمالية إضافة إلى "اتحاد دوسلدورف تقاوم" اليمين المتطرف، قد دعوا إلى تلك المظاهرة.
وزير النقل الإيطالي دانيلو تونينلي، كان قد أعلن في بيان له، نهاية يونيو/حزيران الماضي، أنه تلقى طلبا رسميا من وزارة الداخلية التي يقودها اليميني ماتيو سالفيني، برفض دخول السفينة التابعة لمؤسسة "بروآكتيفا أوبن آرمز" الإسبانية الخيرية، معللا ذلك بأنها تشكل خطرا على النظام العام.
وخلال أقل من شهر منذ توليه السلطة قاد سالفيني سياسة حكومية جديدة لإغلاق الموانئ في وجه سفن المنظمات الخيرية التي تنتشل المهاجرين من قوارب يكدسهم فيها المهربون.
لكن ألمانيا التي حقق فيها اليمين، تقدما في الانتخابات الأخيرة، لا تزال تكافح على ما يبدو للحفاظ على الوجه الإنساني للقارة.
وشهدت مدن ألمانية منها بيليفيلد، وماينز، وغيرهما مظاهرات الأسابيع الماضية من أجل إعلان التضامن مع عمليات الإنقاذ في البحر المتوسط، كان الدافع الرئيسي لها هو الرحلة الحائرة لسفينة الإنقاذ الألمانية "لايف لاين" في البحر المتوسط في يونيو/ حزيران الماضي، عندما رفضت دول الاتحاد الأوروبي استقبال المهاجرين، الذين كانوا على متن السفينة.
وانتهى المطاف بالسفينة "لايف لاين" التي كانت تقل 230 مهاجرا في مالطا بعد رفض إيطاليا استقبالها، كما رست سفينة أكواريوس التي كانت تقل 630 مهاجرا في إسبانيا بعد إجراء إيطالي مماثل.
وبين رفض اليمين المتطرف استقبال اللاجئين، وتحركات نشطاء تحت شعار "أوقفوا الموت في البحر المتوسط"، لا تزال أوروبا تبحث عن إجابة لسؤال المهاجرين الإجباري.