يبدو أن مرحلة حاسمة تقترب من منطقة مشتعلة بطبيعتها السياسية، وليست بحاجة إلى مزيد من الأزمات.
فهي تعاني من مشكلات سياسية واقتصادية وحروب ومشكلات متنوعة، هذه المنطقة هي الشرق الأوسط التي يريدها الجميع، وفي الوقت ذاته يرغب الجميع في التخلي عنها، أمريكا ترسل عبر وكلائها ومسؤوليها رسائل واضحة بأنها سوف تغادر المنطقة ولكنها في الوقت ذاته تستمر في التدخل في كل صغيرة وكبيرة وتتفاعل مع كل مشكلات المنطقة، الشرق الأوسط منطقة جاذبة وطاردة في الوقت ذاته، ولكن شروط البقاء فيها قاسية، فالدولة التي ترغب في البقاء في الشرق الأوسط عليها أن تتقبل سلوك هذه المنطقة كما هو، وأن تتقبل تقلبات هذه المنطقة بكل ارتياح وأن تدفع ثمن ذلك بصمت.
في بداية عام 2018م، تحدث الرئيس الأمريكي السابق ترامب عن حجم الأموال التي صرفتها أمريكا في الشرق الأوسط وبلغت سبعة تريليونات دولار، ولأن هذا الرقم كبير ومرهق فإن أمريكا لم تعد مستعدة لصرف مثل هذه المبالغ مرة أخرى، ولكن ما إن جاء الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض حتى تغيرت المفاهيم، فسياسة الرئيس بايدن تجاه المنطقة تتطلب منه إنفاق المزيد من الموارد الأمريكية كونه يرغب في العودة إلى الاشتغال بواحدة من أهم المشكلات في المنطقة ألا وهي قضية السلاح النووي الإيراني.
السؤال يقول هل المنطقة مستعدة للمخاطر النووية..؟ أمريكا تحاول إيقاف البرنامج النووي وإيران لن تعود للمربع الأول، فحتى توقفها عن الاستمرار في البرنامج النووي سيعتمد على ما حققته من إنجازات في هذا المجال حتى لحظة توقيع اتفاقية جديدة مع أمريكا وحلفائها، إذن ما هي المخاطر النووية التي نتحدث عنها؟ أولاً: الموقف الإيراني اليوم مختلف عما كان عليه أيام الرئيس أوباما، فقد اختبرت إيران الجدية الأمريكية، خاصة لجوء أمريكا إلى عمل عسكري ضدها في زمن رئيس ظهر للعالم وكأنه العدو الأكثر شراسة ضدها، ولكنه لم يقدم سوى عقوبات اقتصادية تم اختراقها من قبل النظام الإيراني بمساعدة الكثير من الدول التي تعجز أمريكا عن توجيه النقد المباشر لها.
ثانياً: إسرائيل التي تدرك حجم التطور الذي تحقق في البرنامج النووي الإيراني منذ انسحاب الرئيس ترامب في شهر مايو من عام 2018م، ومن المؤكد أن أمريكا لن تكون قادرة على إثبات أن النوايا الإيرانية صادقة تجاه إسرائيل التي لا تتوانى عن مهاجمة المفاعلات النووية الإيرانية بشتى الطرق وبشكل متكرر، ودائماً ما تهدد إيران بالانتقام من إسرائيل ولكن شيئاً من ذلك لن يحدث على الإطلاق لأسباب تدركها إيران التي تعرف المساحات السياسية والعسكرية التي تتحرك من خلالها فيما يخص إسرائيل والمنطقة.
ثالثاً: لا يمكن ضمان الأخطاء التقنية التي يمكنها أن تسبب كارثة بيئية في المنطقة في حال قررت إسرائيل أن تمارس الدور العسكري بنفسها وتضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وهذا أمر مرجح عطفاً على الجهود الأمريكية المتواضعة في سبيل إعادة إيران إلى اتفاق نووي جديد.
لم تعد ورقة إيران محصورة على أمريكا وحدها، فقد تحولت إلى ورقة عالمية لمنافسي أمريكا في المنطقة، وهذا ما يفسر اللغة الناعمة التي تستخدمها إدارة الرئيس بايدن مع إيران، في محاولة لبقاء إيران في انتظار الجانب الأمريكي في أمرها النووي، ولكن السيناريو الأكثر اقتراباً يشير إلى أن أمريكا لن تكون قادرة على النجاح في إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران دون مساهمة من دول المنطقة، خاصة الدول الخليجية، على الجانب الآخر هناك قلق إقليمي من ألا يطول انتظار إسرائيل حتى تتمكن إيران من الحصول على قنبلة نووية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة