لبنان وصندوق النقد.. خبراء يوضحون لـ"العين الإخبارية" سيناريوهات ما بعد الاتفاق
لاقى الاتفاق المبدئي بين لبنان وصندوق النقد الدولي حالة من الارتياح في بيروت على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
ووصف حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الاتفاق مع صندوق النقد بالإيجابي، وأعرب في حديث لوكالة "رويترز" عن أمله في "تلبية الشروط المسبقة التي يحدّدها صندوق النقد الدولي في اتفاق على مستوى الخبراء، مع لبنان من أجل الحصول على موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على برنامج".
وأشار إلى أن "المركزي" تعاون مع الصندوق وسهّل مهمّته"، واصفا الاتفاق بالحدث الإيجابي الذي سيساهم في توحيد سعر الصرف.
من جهتها، رحّبت جمعية مصارف لبنان "بتوقيع الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي الذي يشكّل خطوة أولى في مسار تطبيق برنامج الصندوق"، وأعلنت أن "العمل الجدي بدأ اليوم والعِبرة تكمن في إمكانية تطبيق كافة الإصلاحات الطموحة المحدّدة في الاتفاقية والتي ترقى إلى درجة عالية من الأهمية.
واعتبرت أن "برنامج صندوق النقد الدولي هو المخرج الوحيد الحيوي للأزمة الحالية غير المسبوقة، ويشكّل ضرورة لاستعادة الثقة وإيقاف النزيف الذي ما زال يطال الاحتياطيات المالية المتبقية".
الفجوة المالية
وأضافت: منذ بداية الأزمة والفجوة المالية تتفاقم بمعدّلات متسارعة وخطرة، لا سيما بسبب سياسات دعم الاستيراد والتدخل في سوق القطع. وبالفعل، التأخر في معالجة الأزمة، الذي دام عامين ونصف العام، فاقم الفجوة بما يقارب الـ٣٥ مليار دولار".
من هنا شدّدت "على أهمية الإسراع في إقرار كافة التشريعات والإصلاحات اللازمة لتفعيل تطبيق برنامج كامل لصندوق النقد الدولي، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر قانون الكابيتال كونترول الذي طال انتظاره، واستراتيجية اقتصادية شاملة وإدارة مستدامة للدين، بالإضافة إلى إصلاحات الحوكمة.
توزيع الخسائر
وأوضحت أنه "رغم أن جمعية مصارف لبنان لم تحصل على تفاصيل الخطة المالية لإعادة الهيكلة وتوزيع الخسائر على كافة القطاعات المعنية، إلا أنها تبقي أبواب القطاع المصرفي مفتوحة أمام أي حلّ للخروج من هذه الأزمة. وهي تتوقع أن تشمل الخطة توزيعاً عادلاً للخسائر على الحكومة ومصرف لبنان، نظراً لتراتبية المسؤوليات وبهدف تعزيز عملية استعادة المودعين لودائعهم".
بدوره أثنى البطريرك الماروني بشارة الراعي على خطوة الاتفاق وقال بعد لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، أنه استوضح منه خلال اللقاء "حول بعض النقاط عن الاتفاق مع صندوق النقد"، مؤكدا " أنه تم الاتفاق على جميع المراحل، وعلى خطة الإصلاح، والأمور أصبحت جاهزة، ومن الممكن أن نبدأ فورا بتطبيق الاتفاق، وعلى الحكومة أن تبادر إلى تقديم مشاريع القوانين إلى المجلس النيابي".
ولفت أيضا إلى أن الرئيس عون أكد "أن العمل في هذا الاتفاق لن يتوقف بعد إجراء الانتخابات النيابية في ظل حكومة تصريف أعمال، فهناك استمرار لعمل السلطة وقد اتخذت القرارات في هذا الموضوع قبل إجراء الانتخابات ويجب مواصلة العمل بها".
إشادة أمريكية
وكانت السفارة الأمريكية في بيروت أعلنت في بيان لها أن "الولايات المتحدة ترحب بالاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه بين لبنان وصندوق النقد الدولي، وأن لبنان ملتزم ببرنامج إصلاح طموح وشامل"، وحثّت "على الإسراع في إصدار التشريعات اللازمة وتنفيذ المتطلبا كافة".
صدمة إيجابية
ورأت الخبيرة الاقتصادية اللبنانية فيوليت غزال، أن الاتفاق مع صندوق النقد أحدث صدمة إيجابية، لكن على المدى القصير وتفاعل معه السوق إيجابيا، وخلق ارتياحا بأن لبنان أصبح على سكة التعافي، خاصة أن الاتفاق تحدث عن 3 مليارات دولار يحصل عليها لبنان على دفعات لمدة 4 سنوات، فالسوق اللبنانية تتلمس أجواء إيجابية وربما تستشعر بأن عودة لبنان إلى المجتمع الدولي ستكون عبر صندوق النقد الدولي.
وقالت في حديث لـ"العين الاخبارية": "أن هذه الأمور مرتبطة ببعضها البعض، فهو سيكون له تأثير من الخارج إلى الداخل ومن الداخل إلى الداخل، وعلينا مراقبة الآثار التي تمتد على المدى المتوسط والطويل".
وأضافت:" هناك خطورة أن يتلاشى هذا الاتفاق بسبب الشحن السياسي الذي من المتوقع أن ترتفع حدته تزامناً مع الانتخابات النيابية، كما أنه مرتبط بنوعية السلطة التي ستتسلم البلد بعد الانتخابات".
وسألت هل ستفرز هذه الانتخابات رئيس جمهورية جديد وحكومة جديدة؟، وهل سيتم احترام الاستحقاقات الدستورية؟ لأن هذا الأمر سينعكس مباشرة على التزام لبنان لبنان بخطة صندوق النقد، فالالتزام بالمواعيد الدستورية يعني التزام السلطة الجديدة مع صندوق النقد الدولي.
وأردفت: "أما على المدى الطويل فعلينا الانتظار ما إذا كانت السلطة السياسية ستلتزم بالإصلاحات المطلوبة من الصندوق وهل ستستطيع تنفيذها، خاصة أن هذه الإصلاحات تطلبها الدول من لبنان منذ عام 2000، ولم يتحقق منها شيئا بل بالعكس انفجرت الأزمة الاقتصادية وبقي الفساد على وضعه".
وشددت على أن الاتفاق الذي عقد هو مبدئي وليس نهائياً ولا يعني أن لبنان حصل على 3 مليارات دولار.
وأشارت إلى أن انخفاض الدولار فور الإعلان عن الاتفاق سببه تعطش السوق للصدمة الإيجابية، ولكن تبقى الأمور رهن تطورات المشهد السياسي أو الانتخابي".
ولفتت إلى أنه إذا وصلنا إلى فراغ دستوري أو رئاسي فالأمور ستنقلب، لأنه ليس هناك بعد أي عوامل إيجابية أو بنوية يبنى عليها بشكل منطقي تستطيع تخفيض الدولار".
وأوضحت: "لبنان لم يبدأ بعد بإصلاحاته، ولم يبدأ بسياسة توحيد سعر الصرف ولم يقر الموازنة العامة ولا قانون الكابيتال كونترول، هذه الأمور من المؤكد مؤجلة إلى ما بعد الانتخابات في 15 مايو/أيار لأنه لا تستطيع هذه السلطة أن تلزم غيرها بخطوات محددة، فالمؤكد أنه لا عوامل أساسية تساعد على خفض الدولار بطريقة موثوقة".
aXA6IDMuMTUuMjAzLjI0MiA= جزيرة ام اند امز