الليرة اللبنانية نحو انهيار جديد.. كيف سيتحرك مصرف لبنان؟
تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار في السوق الموازية (السوداء) إلى مستوى قياسي جديد يقترب من 50 ألف ليرة لكل دولار واحد.
ووصل سعر الليرة، اليوم الجمعة، أمام الدولار إلى 49.1 ألف ليرة لكل دولار، في المقابل سجل سعر صرف الليرة أمام الدولار مستويات 38 ألفاً على منصة صيرفة، بحسب مواقع محلية تتابع سعر صرف الليرة أمام العملة الأميركية في السوق السوداء.
وشهد لبنان خلال عام 2022 عدد 27 عملية اقتحام للبنوك من قبل المودعين المطالبين بودائعهم المحتجزة، لكن ما تم استرداده 430 ألف دولار فقط.
رصد تقرير دولي الآثار الكارثية للانحدار الاستثنائي بأرقامه وسرعته الذي يضرب المؤشرات الرئيسية المعتمدة في قياس نوعية الحياة في لبنان، ليخلص إلى تصنيف بيروت في المرتبة 240، أي قبل الأخيرة بمرتبتين فقط، ضمن صفوف المدن "الأسوأ" بفعل النتائج المترتبة على تدهور مشهود في البيانات المقارنة للقدرة الشرائية، وكلفة المعيشة، ومعدل سعر المنزل كنسبةٍ من الدخل، وذلك ربطاً بالانهيارات المتواصلة للعملة الوطنية.
وبالتوازي، حافظت العاصمة اللبنانية على موقع الصدارة بين المدن العربية المشمولة في المسح الاستقصائي الخاص بمؤشر ارتفاع كلفة المعيشة، لتحتل معها المرتبة 46 عالمياً.
وأظهرت الإحصاءات الأحدث الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي في لبنان، أن متوسط الزيادة السنوية في مؤشر تضخم الأسعار بلغ نحو 190% قياساً بالنتائج الموثقة بنهاية شهر نوفمبر الماضي، لترتفع بذلك النسبة التراكمية للغلاء إلى نحو 2000%، بحصيلة ثلاثة أعوام من الأزمات المالية والنقدية المتواصلة، وفق ما نقلته صحيفة الشرق الأوسط.
وجاء الارتفاع السنوي في مؤشر التضخم نتيجة تسجيل جميع مكوناته زيادات محسوسة ومطردة، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية، بنسبة 171%، وسجلت أسعار النقل ارتفاعاً بنسبة 182%.
وبرزت زيادات قياسية وصلت إلى 235% في احتساب تكلفة السكن التي تشمل تكاليف الماء والغاز المنزلي والتيار الكهربائي والمحروقات، فضلاً عن الارتفاع غير المسبوق في تكلفة الصحة بنسبة 172%، فيما ارتفعت تكلفة التعليم التي قفزت بنسبة 191%. بينما ارتفعت تكلفة الاتصالات بنسبة 226%.
سيناريوهات مصرف لبنان
في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2023، سمح المركزي اللبناني بقرار أصدره اليوم للأفراد والمؤسسات بشراء الدولار من المصارف عبر منصة "صيرفة" دون حدود، بسعر 38 ألف ليرة للدولار الواحد، أسفر ذلك عن تراجع فوري في سعر صرف الدولار لدى السوق السوداء إلى نحو 43 ألف ليرة للدولار، انخفاضا من مستويات 48 ألف ليرة سجلها خلال تعاملات صباح اليوم.
وبالأمس وصل حجم التداول على منصة صيرفة (Sayrafa) إلى 50 مليون دولار بمعدل 38000 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وفقاً لأسعار صرف العمليات التي نُفذت من قبل المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة.
ويُعد فتح منصة صيرفة للجميع ودون تحديد سقف لعمليات شراء الدولار منها، عاملاً مساهماً في تخفيف الطلب على الدولار في السوق السوداء، وهو سيناريو فعّال في تراجع سعر صرف الدولار لدى السوق السوداء، كما أنه محاولة حكومية لتقليل حجم الكتلة النقدية التي بحوزة اللبنانيين، بحسب خبراء أسواق المال في السوق اللبنانية ووسائل إعلام محلية.
ورغم أن مصرف لبنان دخل المعركة ضد المضاربين الذين تحولوا إلى تجار في السوق السوداء، يبدو أن عودة ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية، هو مؤشر على أن منابع توفير الدولار لدى مصرف لبنان قد نضبت، وأن سيناريو منصة صيرفة لن يستمر طويلاً، ولا بد من حيلة جديدة يسحب بها مصرف لبنان كتلة الدولارات النقدية من الأسواق، لعودة تهدئة الأسعار من جديد لمستويات 35 ألف دولار لكل ليرة واحدة.
وثمة سيناريو آخر وهو أن يخفض مصرف لبنان سعر الليرة مرة أخرى مثلما فعل في ديسمبر/كانون الأول 2022، عندما خفضها إلى 38 ألف ليرة لكل دولار واحد، فربما يخفضها مجدداً على منصة صيرفة إلى ما يتراوح بين 40 و45 ألف دولار، مع تشديد الرقابة على تداولات السوق السوداء، بحيث يجفف منابع السوق السوداء ويسحب الدولارات من الأسواق مما يمكنه من السيطرة على الوضع وخفض سعر صرف الدولار في لبنان للمستويات المعتدلة.