«نحو الكارثة».. تداعيات غلق الممرات الإنسانية على أزمة دارفور
معضلة تتعقد وتقود نحو كارثة محققة.. نتيجة باتت حتمية في إقليم دارفور الذي يعاني ويلات النزاع المسلح منذ العام 2003؛ وخلف أكبر أزمة إنسانية من النزوح والجوع وموت الأطفال بسبب الأوبئة.
العقدة الأخيرة في تلك المعضلة، والتي شدد وثاقها غلق أحدث معبر للمساعدات نحو الإقليم من تشاد، وقبله باقي المعابر، جراء الاشتباكات، اعتبر محللون وخبراء لـ"العين الإخبارية" أن لها "انعكاسات إنسانية من الصعب تداركها مستقبلا".
- مساعدات دارفور تتعثر في «الطينة».. اشتباكات الفاشر تهدد بـ«مجاعة»
- خارطة طريق إماراتية شاملة لإنهاء أزمة «الفاشر» شمال دارفور
غلق معبر «الطينة»
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الجمعة، إن "أعمال العنف في محيط مدينة الفاشر بإقليم دارفور تسببت في إغلاق ممر إنساني من تشاد افتُتح حديثا، وإن الوقت ينفد لمنع حدوث مجاعة في هذه المنطقة الشاسعة".
وفي 5 أبريل/نيسان الماضي، قال برنامج الأغذية، إنه تمكن للمرة الأولى منذ أشهر من إيصال الإمدادات الغذائية التي تشتد الحاجة إليها إلى دارفور.
ويُعتبر إقليم دارفور واحدا من الأقاليم السودانية التي مورست فيها كل أنواع الانتهاكات الجسيمة ضد حقوق الإنسان منذ عقدين من الزمان، وبعد اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023، وقضت على مناحي الحياة الاجتماعية، والنفسية، والاقتصادية، والثقافية.
واجتاحت قوات "الدعم السريع" 4 عواصم ولايات أخرى في دارفور العام الماضي، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية، في ظل شح الغذاء والدواء والماء.
موجة نزوح جماعي
وقال برنامج الأغذية العالمي في بيان، إن "أعمال العنف التي وقعت في الآونة الأخيرة في محيط الفاشر أدت إلى توقف مرور قوافل المساعدات عبر معبر "الطينة" الحدودي في تشاد.
يأتي هذا بينما أدت القيود التي تفرضها السلطات المتحالفة مع الجيش إلى منع إيصال المساعدات عبر ممر المساعدات الآخر الوحيد بمدينة "أدري" من تشاد.
وتسببت الهجمات المسلحة في الفاشر، آخر معقل للجيش السوداني في دارفور والتي يقطنها نحو 1.6 مليون نسمة، إلى إطلاق تحذيرات شديدة من موجة جديدة من النزوح الجماعي والصراع الطائفي في إطار الحرب المستمرة منذ عام في السودان.
وحذرت منظمات دولية من اللجوء إلى استخدام الغذاء والدواء سلاحا للتجويع، مع ضرورة فتح المسارات الإنسانية لتوصيل المساعدات الغذائية والدوائية إلى النازحين في دارفور والمناطق المتأثرة بالنزاع في السودان.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
شبح المجاعة
ومع تصاعد وتيرة العنف؛ أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مقتل 2 من سائقيها وإصابة 3 موظفين على يد مسلحين بولاية جنوب دارفور غربي السودان.
وقال بيان صادر عن الصليب الأحمر اطلعت عليه "العين الإخبارية"، إن "اللجنة تؤكد مقتل اثنين من سائقيها على يد مسلحين في جنوب دارفور وأصيب ثلاثة آخرون من الموظفين".
وأوضح أن الفريق كان في طريق عودته من بلدة "ليبا" التابعة لإدارية منطقة "الملم" لتقييم الوضع الإنساني للمجتمعات المتضررة من العنف في المنطقة.
مأساة متفاقمة
ويقول الكاتب والمحلل السياسي، عادل عبدالوهاب، إن "عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى دارفور تفاقم المعاناة الأزمة الإنسانية، خاصة أن بعض المناطق تعاني شبح المجاعة.
وأوضح الشريف في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "على طرفي النزاع فتح جميع الممرات الإنسانية لنقل الغذاء من داخل تشاد إلى إقليم دارفور لمحاصرة الجوع في مخيمات النزوح".
وأضاف: "الناس هناك داخل مخيمات النزوح البائسة يكافحون من أجل الحصول على وجبة أساسية خلال اليوم الواحد".
انعكاسات إنسانية
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، الهضيبي ياسين، إن "ازدياد وتيرة العنف في إقليم دارفور غربي السودان، وما يحدث في الآن بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور؛ له انعكاسات إنسانية من الصعب تداركها مستقبلا على مستوى توفير احتياجات الغذاء ومياه الشرب".
وأوضح ياسين في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "انتقال قضية المساعدات الإنسانية إلى مربع المساومة السياسية من قبل كل طرف، باعتبار أن الجيش لديه رؤية بأن وصول المساعدات إلى إقليم دارفور سيكون محطا للنهب والسلب من قبل قوات الدعم السريع، ما يسهم في ازدياد حجم ممارسة الانتهاكات الإنسانية".
وأضاف: "بالمقابل قد تعتبر قوات الدعم السريع أن دخول المساعدات الإنسانية قد تمنح الجيش السوداني فرصة للظهور بشكل جيد أمام الأسرة الدولية، وأنه حريص وكفيل على توفير كل ما من شأنه دعم ومساعدة السودانيين للبقاء على قيد الحياة".
«أكلوا التراب وورق الشجر»
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023؛ أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وورق الأشجار في دارفور وحتى التراب، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
وبدأ إنشاء مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة في العام 2003.
ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.