نزاع السودان.. هل يصمد «إعلان الطوارئ» في الخرطوم؟
تصاعد كارثي لوتيرة الحرب في السودان؛ في مناطق واسعة ابتداء من الخرطوم، وحتى دارفور غربي البلاد، وصل الأربعاء، إلى خطوة إعلان حالة طوارئ في العاصمة من قبل الجيش.
خطوة اعتبرها محللون «متأخرة»، مؤكدين أنها «لن تصمد طويلا»، في ظل سيطرة قوات "الدعم السريع" على قرابة 90% من أراضيها.
ورغم اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" من الخرطوم منتصف أبريل/نيسان 2023، إلا أن السلطات لم تعلن حالة الطوارئ رغم حالات الانفلات الأمني والنهب والسرقة وانتشار المظاهر العسكرية والحربية.
إذ قال والي (حاكم) ولاية الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، إن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وافق على توصية ولايته للتعامل مع الأجانب؛ وإعلان حالة الطوارئ.
ووفق بيان صادر عن إعلام حكومة ولاية الخرطوم، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، فإن "البرهان وافق على توصية الولاية للتعامل مع ما سماه الوجود الأجنبي"، زاعما "مشاركة أفراد منهم في القتال إلى جانب قوات "الدعم السريع"، وهو ما سبق ونفته، مؤكدة «عدم مشاركة أي أجنبي في صفوفها»، واعتبرتها «دعاية من أجل تشويه صورتها»، بحسب قولها.
ووفق إحصائية رسمية، فإن السودان يستضيف نحو مليوني أجنبي؛ عاد معظمهم إلى بلدانهم بعد اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان 2023، فيما تتهم السلطات آخرين بالمشاركة في القتال بجانب قوات "الدعم السريع".
ويسيطر الجيش السوداني، على محلية كرري شمالي مدينة أم درمان، وأجزاء من أحياء أم درمان القديمة، فيما تخضع مناطق "أم بدة" في أم درمان، وأجزاء واسعة من العاصمة الخرطوم، والخرطوم بحري تحت سيطرة قوات "الدعم السريع"، بينما تنشط حكومة ولاية الخرطوم في إدارة الولاية من محلية كرري.
رسالة طمأنة
وبالنسبة إلى الكاتب والمحلل السياسي، عباس عبدالرحمن، فإن إعلان حالة الطوارئ في العاصمة الخرطوم، يهدف إلى تطمين المواطنين بالعودة إلى منازلهم، وتثبيت حقيقة أن الجيش السوداني فرض سيطرته على العاصمة بشكل كامل.
وأوضح عبد الرحمن في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن عودة النازحين مرة أخرى إلى ديارهم في مدن الخرطوم الثلاث، (الخرطوم، بحري، وأم درمان) محفوفة بالمخاطر، إذ لا تزال قوات "الدعم السريع"، تهاجم وتقصف في كل الاتجاهات حتى المناطق التي يسيطر عليها الجيش بشكل كامل شمال مدينة أم درمان، ومنطقة "كرري" مقر الحكومة الحالية.
محاصرة ظاهرة التهريب
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، الطاهر أبو بكر، إن سلطات ولاية الخرطوم، تريد تطبيع الحياة في مدن العاصمة الخرطوم، وفرض سيطرتها على السلع الغذائية والمحروقات في ظل تفشي ظاهرة التهريب.
وأشار أبو بكر في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "هناك دعوات للمواطنين بالعودة إلى منازلهم في مدن الخرطوم، ما يترتب على الخطوة توفر كل الخدمات الضرورية من الغذاء والدواء والكهرباء والمياه."
وأضاف أن "إعلان حالة الطوارئ يهدف إلى محاربة الظواهر السالبة، خاصة تهريب السلع الاستراتيجية كالدواء والدقيق والسكر والمحروقات."
وتابع: "لا أعتقد أن إعلان حالة الطوارئ سيصمد طويلا، في ظل سيطرة قوات الدعم السريع بصورة شبه كاملة على العاصمة الخرطوم".
ضوابط أمر الطوارئ
ويختص أمر الطوارئ الذي اطلعت عليه "العين الإخبارية"، بتنظيم وضبط الرقابة على السلع الاستراتيجية والمحروقات والخبز ومدخلاته داخل ولاية الخرطوم.
والسلع التي تدخل في نطاق تطبيق أمر الطوارئ تتمثل في المحروقات (البنزين، الجازولين، وغاز الطبخ)، والخبز ومدخلاته (الدقيق، السكر، وزيت الطعام).
وحسب الضوابط؛ يمنع منعا باتا تداول السلع الواردة في أمر الطوارئ خارج نطاق القنوات المصدق لها من الجهات الرسمية وتشمل السلع العابرة للولاية أو السلع المخصصة للولاية.
وطبقا للضوابط؛ فإن أي وسيلة نقل أو أفراد يتم ضبطهم وبحوزتهم هذه السلع بدون تصديق من السلطات المختصة والقنوات الرسمية يعتبر تهريب أو شروع في تهريب هذه السلع على أي وسيلة نقل أو أفراد إبراز المستندات الرسمية عند مراجعة أو ضبط الشحنة التي تحمل السلع الواردة في أمر الطوارئ وفي حالة فشله في إبراز المستندات الرسمية في الحال يعتبر قد خالف أمر الطوارئ ولا يعتد بأي مستندات لاحقه بعد ضبط المخالفة
وكل من يخالف الأمر عن طريق ارتكاب الفعل أو المشاركة أو التحريض أو المعاونة أو الاتفاق أو التستر تنطبق علية العقوبات التالية: السجن لمدة لا تزيد عن 10 سنوات، ومصادرة السلع والوسيلة المنقول بها أو المخزن بها لصالح وزارة المالية ولاية الخرطوم، بالإضافة إلى الغرامة المالية.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيلا وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.