الجفاف وأسواق الطاقة.. تحديات أقوى من رصاص الحرب الأوكرانية
"الجفاف في النرويج" و"نهر الراين في ألمانيا" و"نقل الفحم"، 3 أزمات تهدد أسواق الطاقة عالميا، وتأثيرها أقوى من الحرب الروسية الأوكرانية.
لخص خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي تحديات الجفاف التي تهدد أسواق الطاقة العالمية في 3 تحديات، وهي جفاف في النرويج (التي تسد 25% من احتياجات أوروبا من الغاز) ونقص الطاقة الكهرومائية، ما قد يترتب عليه تخفيض حصص التصدير من الغاز النرويجي إلى القارة العجوز.
والتحدي الثاني هو جفاف نهر الراين في ألمانيا، ما يترتب عليه وقف حركة النقل البحري، والتحدي الأخير هو صعوبة نقل الفحم الذي عادت أوروبا لاستخدامه بعد قطع الغاز الروسي عنها، خصوصا بعد جفاف الأنهار.
أزمة الجفاف
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي إن هناك 10 نقاط يجب مناقشتها عند الحديث عن أثر أزمة الجفاف في أسواق الطاقة، أبسطها هو أن جفاف المياه أو عدم نزول المطر يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه في السدود التي صُممت لتوليد الطاقة الكهرومائية، ومن ثم خفض توليد الكهرباء، والسؤال الآن: ما البديل؟
وأضاف: "تكلمنا سابقا عن موضوع النرويج والمشكلات التي حدثت مع واردات الغاز من روسيا إلى أوروبا، ما دفع إلى الاعتماد بشكل كبير على الغاز النرويجي، والآن هناك جفاف في النرويج، التي تأتي أغلب الكهرباء فيها من الطاقة الكهرومائية، ومع انخفاض منسوب المياه ستنخفض كمية الطاقة الكهربائية المُنتجة".
وتابع: "بإمكان النرويج تعويض كمية الطاقة الكهربائية باستخدام بعض الطاقة التي تصدّرها إلى أوروبا محليًا، ومن ثم ستعاني أوروبا أكثر وأكثر بسبب ما يحدث في النرويج".
وأشار إلى أن تأثير أزمة الجفاف في توليد الكهرباء أصبحت في كل مكان، إذ تظهر الآن في الغرب الأمريكي، والبرازيل، وبعض الدول العربية، التي تشهد انخفاض مستوى المياه في الأنهار والسدود، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض إنتاج الطاقة الكهرومائية.
وأوضح الحجي، خلال الحلقة التي جاءت بعنوان "آثار الجفاف العالمي في أسواق الطاقة والطلب على النفط والغاز"، أن "النقطة الأساسية هنا، أنه بسبب الوضع في أوكرانيا والعقوبات التي فرضها الغرب ضد روسيا، لا توجد بدائل، ومن ثم فإن أثر الجفاف كبير".
ظاهرة جفاف الأنهار
قال مستشار تحرير منصة الطاقة إن هناك نقطة ثانية تتعلق بأزمة الجفاف، وهي جفاف الأنهار، مثل نهر الراين في ألمانيا -على سبيل المثال- الذي يعدّ أساسيا في أوروبا، إذ يعتمدون عليه بشكل كبير.
ولفت إلى أنه تاريخيا -حتى في الولايات المتحدة- عند النظر إلى الخريطة، يُلاحظ أن أغلب المدن الكبيرة تقع على بحيرات وأنهار، لأنها كانت وسيلة النقل الأساسية، حتى إن البحيرات المغلقة فُتِحت قنوات لها، وقد أخذ الأمريكيون هذا الأمر من أوروبا، التي انتشر فيها النقل عبر الأنهار والبحيرات.
ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، عندما تجفّ الأنهار والبحيرات لا يمكن للسفن أن تعبر، لذلك فإن الإشكالية هنا هي أن أغلب الاقتصاد الألماني وجزء كبير من الاقتصاد الأوروبي يعتمد على النقل من خلال الأنهار.
وأضاف: "عند الحديث عن أثر أزمة الجفاف في الطاقة نجد أن الفحم -مثلا- يُنقَل عن طريق الأنهار، إذ تُوَلَّد الكهرباء منه، وأيضًا يُنقَل من خلالها النفط والمشتقات النفطية، مثل البنزين والديزل والزيوت المختلفة التي تستخدمها قطاعات عدّة، مثل المواصلات والصناعات، فإذا توقفت هذه يتوقف كل شيء".
وتابع: "المشكلة هنا أن هناك الكثير من المصانع تقع على هذه الأنهار، تتسلّم مدخلاتها من خلالها، ومن ثم تتوقف هذه المصانع، مثل ما يحدث في الصين، لذلك فإن الأثر كبير جدا، إذ إنه عند جفاف الأنهار يتوقف نقل مصادر الطاقة، ويتوقف نقل المدخلات للمصانع التي تستخدم الطاقة وتولّد أشياء مختلفة منها".
أزمة الجفاف والفحم
قال مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي إن هناك مظهرًا آخر من مظاهر أثر أزمة الجفاف في الطاقة، تتمثل في الفحم الذي تعتمد عليه كثير من الدول بشكل كبير، وعادت أوروبا إليه حاليا في ظل أزمة الطاقة العالمية، وتعتمد عليه في توليد الكهرباء.
وأفاد بأن نقل الفحم عبر الأنهار حاليًا أصبح أمرًا صعبًا، ولكن هناك طرق مختلفة لنقله، خاصة مع العودة إلى استخدامه في دول مثل ألمانيا وإيطاليا وغيرها، ولكن عند الحديث عن الصين والهند والدول الأخرى، نجد أنه لا يمكن استخدام الفحم دون المياه.
وتابع: "حتى عند توليد الكهرباء من الفحم، دون وجود أزمة طاقة على الإطلاق، تكون هناك حاجة إلى المياه، التي تُستخدم في غسل الفحم وتنقيته ونقله، بالإضافة إلى أن المياه تُستخدم في تبريد البخار الناتج عن حرق الفحم، إذ إن محطات التوليد تحتاج إلى تبريد بعد حرق الفحم وإنتاج الكهرباء".
وأوضح أن هناك سببا آخر ومهما جدا في كل أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أن المياه تُستخدم في محطات الفحم لأسباب بيئية، بهدف تحجيم كمية الغازات الناتجة عن حرقه، لأنه يعدّ أكثر مصادر الطاقة تلويثًا للبيئة.
ولفت الحجي إلى أن المياه تقوم أيضا بدور مهم في عزل المواد المتطايرة والذرات الناتجة عن احتراق الفحم في محطات التوليد، والتي تترك أثرا بيئيا سلبيا، إذ إن عدد المواد الناتجة عن الاحتراق والتي تحتاج إلى العزل يصل إلى 9 مواد، أخطرها غاز أكسيد الكبريت، الذي يسبّب المطر الحمضي ومشكلات أخرى، بالإضافة إلى الزئبق السامّ.
وأضاف: "إذن كل هذه الأمور تحتاج إلى المياه، ومن ثم في حال عدم وجود مياه فإنه لن توجد كهرباء، بكل بساطة".
aXA6IDMuMTQ1LjgxLjI1MiA= جزيرة ام اند امز