اجتماع الرباط حول ليبيا.. من وراء إحياء دور "الأعلى للدولة"؟
ساعات مرت كالدهر في اجتماعات متوالية بين مجلس النواب وما يعرف بـ"الأعلى للدولة"، في العاصمة الرباط، لتسفر عن بيان وصف بـ"الفضفاض".
ذلك البيان الذي تمخض عنه الاجتماع الذي استمر على مدار يومين، دعا المجتمع الدولي إلى "دعم العملية الانتخابية في ليبيا وفق قوانين متوافق عليها، وعلى أساس مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي، وضمان احترام نتائجها من خلال توفير مراقبين دوليين لضمان السير الجيد لهذا الاستحقاق".
ورغم أن التوافق الذي صدره البيان الختامي، لم يكشف عن البنود التي لاقت قبولا من الطرفين، وماهية القوانين التي يجب التوافق عليها، بعد صدور قانون الانتخابات الرئاسية بالفعل، إلا أن بعضًا من التسريبات الصادرة عن الاجتماع أشارت إلى نوع من الاتفاق على قانون الانتخابات البرلمانية المقرر صدوره خلال أيام.
وهو ما أكده رئيس اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس النواب رمضان شمبش، قائلا إن المشاورات التي جرت في الرباط، تركزت حول قانون الانتخابات البرلمانية، مشيرًا إلى أن ممثلي ما يعرف بـ"الأعلى للدولة" قدموا مشروع قانون للاستشارة والتوافق مع مجلس النواب في ما يتعلق بهذا القانون.
إشارات لافتة
تلك الأنباء القليلة التي خرجت عن الاجتماع أشارت إلى عدة أمور؛ أولها أن قانون الانتخابات الرئاسية الصادر قبل أيام، والذي رفضه "الأعلى للدولة"، بات نافذًا بعد تلقي المفوضية الوطنية العليا للانتخابات نسخة منه.
فيما تمثلت ثاني تلك الإشارات في أن تنظيم الإخوان بات متأكدًا من مضي مجلس النواب قدمًا في إرساء أسس العملية الانتخابية دون الالتفات إلى اعتراضاته التي لم يعد له قبول في الشارع، فهرول مسرعًا لمحاولة اللحاق بالركب.
ثالث تلك الأمور أن اعتراضات ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" على القوانين التي يصدرها مجلس النواب، ما هي إلا نوع من المناكفة السياسية ليست إلا، وهو ما أكده محللون ليبيون استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم، وكشفوا عن دور كبير لتركيا في محاولة إحياء "مجلس الدولة" وتمكين تنظيم الإخوان من ليبيا.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن التوافق المنشود بين مجلسي النواب و"الأعلى الدولة" أمر بعيد المنال بسبب تعنت الإخواني خالد المشري الذي يسعى لعرقلة أي عملية سياسية، مشيرًا إلى أنه لو كان هناك إمكانية لتوافق بين أي من المجلسين، لما لجأت البعثة الأممية لعقد العديد من الملتقيات واللقاءات المحلية والدولية.
وأوضح أن اجتماعات الرباط لم تتوصل إلى أي حل، مشيرًا إلى أن ما يقصده البيان الختامي من "التوافق" هو محاولة للتشويش، فالمفروض أن يحدث هو التشاور لا التوافق، مطالبًا مجلس النواب، بألا يقدم المزيد من التنازلات لـ"الأعلى للدولة".
أهداف خفية
ورغم تحذير المسلاتي مجلس النواب، إلا أنه أرجع عقد اجتماع الرباط لأمرين، أولهما وجود ضغوط دولية على البرلمان الليبي لعقد هذا اللقاء للتشاور مع مجلس الدولة في محاولة للمضي قدما في إجراء الانتخابات دون أية عرقلة من تنظيم الإخوان.
ثاني الأمرين، بحسب المحلل السياسي الليبي، أن يكون اللقاء خطة من البرلمان برئاسة عقيلة صالح، في محاولة لإعطاء صبغة قانونية للقوانين التي صدرت أو تصدر، باعتبار أن الاتفاق السياسي يشترط التشاور مع مجلس الدولة، وهو ما قد حدث في اجتماع الرباط، سواء تمخض الأمر عن اتفاق أم لا، ما قد يجنب القوانين أي طعون أمام المحكمة الدستورية العليا.
وحول الأطراف التي تحاول إعادة إحياء دور ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة"، قال حسين المسلاتي، إنه لا توجد أية أطراف دولية فاعلة تحاول إحياء هذه المجلس باستثناء تركيا، التي تسعى لإعادة إحياء تنظيم الإخوان، ومحاولة فرضه على المشهد، مشيرًا إلى أن ما عداها يحاول إزالة أي عقبات من المشهد السياسي، لضمان الوصول للانتخابات.
بيان فضفاض
المحلل السياسي الليبي رضوان الفيتوري أظهر توافقا مع ما ذهب إليه المسلاتي، وقال في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن اجتماع الرباط عبارة عن مجاملة ومحاولة لذر الرماد في الأعين، ولإعطاء صورة بأن لا إقصاء لأحد، مشيرًا إلى أن البيان الختامي لم يأت بجديد، ولم يتطرق إلى قانون الانتخابات الرئاسية لأنه بت الأمر فيه، بعد إقراره من مجلس النواب، وتسليمه للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
وأوضح الفيتوري أن الاجتماع الذي كان مغلقا، وحضره السفير الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، تطرق إلى قانون الانتخابات البرلمانية، الذي يبدو أن عليه شبه توافق، إلا أنه أكد أنه لم ولن يحدث أي تغيير في الخطوات المقبلة، ولا سيما الانتخابات البرلمانية.
وأشار إلى أن هناك نشاطًا ملحوظًا لـ"مجلس الدولة"، بعد أن استشعر الأخير أنه لا كيل له في الانتخابات، إثر تسلم المفوضية العليا قانون الانتخابات الرئاسية فيما تنتظر قانون البرلمانية، لبدء إعلان الترشيحات وعملية الدعايا الانتخابية.
نهاية السجال
المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي كان له رؤية مختلفة بعض الشيء، وأشار إلى أن اجتماع مجلسي النواب و"الأعلى للدولة" بالمغرب، جاء لوضع حد للسجال الحاصل بينهما، وإرساء آلية للمرحلة القادمة، بحيث تكون الأمور ميسرة لإجراء الانتخابات دون أي نزاعات أخرى والرضا بالنتائج.
وأوضح المهدوي، أن حضور السفير الأمريكي وبعض سفراء الدول المهتمة بالشأن الليبي الاجتماع، يعكس مدى الضغط الأمريكي حول هذا الموضوع، الذي تزامن مع صدور قرار دعم الاستقرار الليبي من الكونجرس الأمريكي، ما سيضع حدًا لانتهاكات "مجلس الدولة".
وأشار إلى أن ذلك الحدثين أكدا ضرورة الاتفاق على التهدئة وإصدار القوانين المنظمة لإجراء الانتخابات في موعدها، متوقعًا أن يصدر مجلس النواب في الجلسة المقبلة قانون الانتخاب البرلمانية، ما يؤدي إلى اكتمال القاعدة الدستورية التي ستجرى على إثرها الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة.
مجلس غير شرعي
وأكد المحلل السياسي الليبي، أن ما يعرف بـ"الأعلى للدولة" ليس شرعيًا؛ فهو متمثل من بقايا المؤتمر الوطني السابق الذين يمثل أغلبهم جماعات الإسلام الساسي والخاسرين في الانتخابات السابقة وجماعة فجر ليبيا غير المعترفين بنتائج مجلس النواب 2015، مشيرًا إلى أن من أهداف هذا المجلس، عرقلة أية قوانين يصدرها مجلس النواب التي تمس مصالحه وسياسته.
وأكد المحلل السياسي الليبي، أن "الأعلى للدولة" يعتقد أنه مجلس تشريعي وهذا لبس كبيرا جدا في الاختصاصات وتجاوزات غير قانونية، مشيرًا إلى أنه ليس من اختصاصاته إصدار أي قانون، كونه استشاريًا فقط.
aXA6IDE4LjIyNy41Mi4yNDgg جزيرة ام اند امز