مؤتمر باريس حول ليبيا.. الأهداف وسر التوقيت
حراك دولي حول ليبيا يهدف لإسراع الخُطى نحو حلحلة أزمة مستمرة منذ عقد من الزمن، والدفع بإجراء الانتخابات المقبلة في موعدها.
حراك دولي تسارعت وتيرته خلال الأيام الماضية، يعتبره محللون نتيجة تخوفات على مسار خارطة الطريق في ليبيا من مساعي تنظيم الإخوان لإفشال أو تأجيل الاستحقاق الدستوري المقبل، إلا أن المجتمع الدولي أرسل عدة رسائل "صارمة" في جلسة مجلس الأمن حول ليبيا المنعقدة أمس الخميس.
أولى تلك الرسائل، كانت باتخاذ قرار بتمديد عمل البعثة الأممية إلى يناير/كانون الأول الثاني المقبل، وثانيها، التأكيد على ضرورة إخراج المرتزقة من الأراضي الليبية، وتثبيت وقف إطلاق النار، وإجراء الانتخابات بموعدها المحدد في 24 ديسمبر/ كانون أول المقبل.
إلا أن رسالة جاءت من فرنسا أعلنت فيها عزمها وإيطاليا وألمانيا تنظيم مؤتمر دولي حول ليبيا في 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بالعاصمة باريس، على مستوى رؤساء الدول والحكومات.
المؤتمر قال عنه نيكولاس دو ريفيير، مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، إنه يهدف إلى "إظهار دعمنا المستمر للعملية السياسية، لا سيما تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية الليبية، وكذلك من أجل التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار، وعلى نطاق أوسع، لتحقيق الاستقرار في ليبيا، مع الأخذ في الاعتبار التداعيات الإقليمية للأزمة الليبية".
وحول هذا المؤتمر واحتمالات نجاحه وسر توقيته، تباينت آراء محللين ليبيين، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" أشارت إلى أن فرنسا ترى أن مد النفوذ التركي ليشمل منطقة شمال أفريقيا أمر غير مقبول.
المرحلة الأخطر
المحلل السياسي الليبي، العربي الورفلي، يرى أن الوضع في ليبيا الآن يمر بأخطر مراحله، مؤكدًا أن هناك أطرافًا تسعى جاهدة لتأجيل الانتخابات أو حتى إلغائها، ما قد يجر ليبيا إلى انتكاسة جديدة ويؤدي لنشوب صراع مسلح بلا سقف زمني.
ترحيب أممي أمريكي باجتماع "5+5" الليبية: خطوة تاريخية
وقال الورفلي إن بعض الدول وعلى رأسها فرنسا تسعى إلى تعزيز نفوذها والضغط نحو تنظيم انتخابات في موعدها المحدد، مرجعا تاريخ تنظيم مؤتمر فرنسا قبل موعد الانتخابات بشهر ليصب في اتجاه إلزامية الانتخابات.
وأوضح الورفلي المقيم في باريس، أن فرنسا ترى أن مد النفوذ التركي ليشمل منطقة شمال أفريقيا أمر غير مقبول، ويحد من طموحات الشعب الليبي في تقرير مصيره، مؤكدًا أن باريس ستكون داعمة وبشكل كبير للانتخابات وإخراج كافة القوات الأجنبية من الأراضي الليبية.
وحول فرص نجاح المؤتمر في إخراج المرتزقة، قال المحلل السياسي الليبي، إن هذا ما ستعمل عليه فرنسا مع دول أخرى، مؤكدًا أن إخراج المرتزقة أصبح مطلبًا دوليًا لأجل تنظيم انتخابات بكل نزاهة وشفافية.
مرحلة استقرار
المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، كان له رأي مخالف عن الورفلي، قائلا إن الدعوات والمؤتمرات التي تدعو إليها بعض الدول ومنها فرنسا تصب في خانة إضاعة الوقت ومحاولة خلط الأوراق.
وأشار إلى أن خارطة الطريق وضعت 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل موعدًا لنهاية الأزمة الليبية وبدء مرحلة استقرار جديدة.
وأوضح المحلل السياسي أن المؤتمر الفرنسي المزمع عقده لن يضيف أي جديد على مخرجات الاتفاق السياسي ومؤتمري برلين حول ليبيا، مؤكدًا أن فرنسا تحاول استلام زمام الأمور حال فشل الانتخابات.
وبحسب الأوجلي، فإن الوضع الحالي يستلزم تحركات على الأرض، خاصة بعد اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، مناشدًا الدول الداعمة الدفع نحو إنجاز هذا الاستحقاق.
ملف معقد
وحول إمكانية مساهمة المؤتمر الفرنسي في إخراج المرتزقة، قال المحلل الليبي: "لا أعتقد ذلك كون هذا الملف من أكثر الملفات تعقيدا في الأزمة الليبية، كما أنه تمت مناقشته في اجتماع اللجنة العسكرية في طرابلس، وستتم مناقشته بالتفاصيل خلال اجتماع اللجنة المرتقب في جنيف".
واعتبر أن ملف المرتزقة لن يتم تفكيك طلاسمه إلا عن طريق اللجنة العسكرية بضمانات دولية.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، أن "أوروبا وبشكل خاص فرنسا فقدت أي دور فاعل في ليبيا، بسبب 8 سنوات من الفشل والمنافسة والصراع بينها وإيطاليا ثم ألمانيا".
وأوضح المرعاش أن "الملف الليبي اختطف من فرنسا التى كانت لاعبًا رئيسيًا فيه، بسبب سياساتها المتذبذبة والهشة، خصوصًا بعد دخول الولايات المتحدة بقوة على خط الأزمة الليبية".
وأشار المحلل الليبي إلى أن المؤتمر الذي تدعو إليه فرنسا هو عبارة عن "تعبير عاجز" لإرادتها لأن يكون لها دور في ليبيا، إلا أنه أكد أنه "من الصعب الآن أن يكون هناك دور لفرنسا بعد أن استبعدت من أطراف دولية قوية، ولفقدان باريس مصداقيتها لدى بعض الأطراف الليبية التى سبق أن أن أعطتها دورًا فاعلا، وصدمت من تراجع فرنسا المخزي أمام الملف والعناد التركي".
تأثير إعلامي
المرعاش أشار إلى أنه "لن يكون هناك أي تأثير على المشهد الليبي الراهن، إلا أن تأثيره الإعلامي سيكون في صالح تنظيم الانتخابات في موعدها".
وأكد أن الدور الحقيقي سيكون للولايات المتحدة والتي تتدخل في كل تفاصيل الأزمة الليبية، وتتحاور مع كل الأطراف وتضغط من أجل تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية وكذلك تستبعد أي دور لأوروبا أو غيرها، في محاولة لاستثمار (في حالة نجاح الانتخابات) ذلك لخدمة مصالحها ولتبقى ليبيا ضمن دائرة النفوذ الأمريكي دون غيره.
ألمانيا تتمسك بإخراج المرتزقة قبل انتخابات ليبيا
وقلل المحلل الليبي من الآراء المتفائلة بأن اجتماع باريس سيتخذ خطوات وآليات فعلية لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، لافتا إلى أن إيطاليا وألمانيا لم تدعما الموقف الفرنسي بفرض حظر بحري وجوي على وصول السلاح إلى ليبيا من خلال عملية "إيريني" الأوروبية، فضلا عن تحفظ برلين التي كانت تصر على عدم مواجهة تركيا.
aXA6IDMuMTQ1LjM0LjUxIA== جزيرة ام اند امز