معركة "الرقة".. الكبار يقتسمون المصالح في سوريا
زيارة وزير الخارجية الأمريكي لتركيا جاءت لاستبعادها من قوس الحلفاء
مع انطلاق معركة الرقة تنطلق تسوية سياسية تنهي الأدوار الثانوية، لتأسيس فضاء جيوسياسي جديد لسوريا مقسمة
توقع معارضون سوريون أن تنطلق معركة تحرير الرقة من تنظيم داعش الإرهابي مع انتصاف إبريل/ نيسان، ومعها تنطلق تسوية سياسية تنهي الأدوار الثانوية لقوى الإقليم، لتأسيس فضاء جيوسياسي جديد لسوريا مقسمة وفق إرادة أمريكية روسية تأخذ في الحسبان مصالح إسرائيل.
وسيطر تنظيم داعش الإرهابي على الرقة قبل نحو ثلاثة أعوام، واعتبرت المدينة عاصمة الخلافة المزعومة للتنظيم الذي بسط هيمنته على مناطق واسعة في العراق وسوريا.
قبل عام كانت قوات التحالف الدولي تعلن عن الاستعدادات الجارية لاستعادة الرقة لكن المشهد السياسي السوري وتشابكاته المعقدة فرض انتظار نتائج معارك أخرى في حلب، بدت نتائجها منطبعة في مستقبل سوريا، مع هزيمة القوى المعارضة.
ويقول محمد بسام الملك، المعارض السوري البارز لـ"بوابة العين" إن "الاستعدادات الجارية الآن لإطلاق معركة الرقة جادة.. ننتظر بدء المعارك مع انتصاف الشهر الرابع من العام.. كل المعلومات الواردة إلينا تشير إلى أن التحالف الدولي يضع اللمسات الأخيرة.. وأبرز تلك التحركات زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى تركيا".
ويشير بسام الملك إلى لقاء وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، يوم الخميس، مع القادة الأتراك لإجراء محادثات بشأن النزاع السوري الذي يشكل موضوع خلاف بين الحليفين غداة إعلان أنقرة انتهاء عمليتها العسكرية في شمال سوريا.
والتقى تيلرسون الذي يعد أكبر مسؤول أميركي يزور تركيا منذ تولي الرئيس دونالد ترامب مهامه في يناير/كانون الثاني الماضي، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لمدة تزيد عن الساعتين بعد أن اجتمع صباحا برئيس الوزراء بن علي يلديريم في أنقرة.
وقالت مصادر رئاسية إن أردوغان أبلغ تيلرسون أنه من المهم أن تُشن الحرب على الإرهاب "من قبل الأطراف المناسبين والشرعيين"، في إشارة على ما يبدو إلى التحفظ التركي على انخراط القوات الكردية المدعوة أمريكيا في المعارك المقبلة.
ويضيف الملك وهو عضو الائتلاف السوري المعارض أن ما يمكن فهمه من إعلان تركيا انتهاء عمليات درع الفرات وزيارة المسؤول الأمريكي هو أن واشنطن وموسكو توصلا بالفعل لتفاهمات حول مستقبل سوريا، لافتا إلى أن استبعاد الأدوار الإقليمية كان على رأس تلك التفاهمات.
وعمدت روسيا منذ إطلاق معارك حلب على غل اليد الإيرانية حليفها الرئيسي في الميدان السوري، بحسب مراقبين، فيما جاء الدور على ما يبدو لتمارس واشنطن الدور نفسه مع أنقرة.
وفيما كانت الدبلوماسية ترتب مشهدا سياسيا جديدا، تتواصل المعارك بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم "داعش" قرب مدينة الطبقة التي تبعد نحو 40 كيلومترا عن الرقة في شمال سوريا، غداة طرد الإرهابيين من مطار عسكري قريب منها، وذلك بهدف إحكام الحصار على داعش في الرقة.
وتتجه الأنظار حاليا إلى الطبقة وسد الفرات في ريف الرقة، نظرا لأن السيطرة عليهما ستمكن قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف يضم فصائل عربية وكردية، من التقدم أكثر باتجاه معقل التنظيم الإرهابي في سوريا، وتطويقها بشكل كامل.
وأعلنت تركيا، الأربعاء الماضي، انتهاء حملتها العسكرية في شمال سوريا من دون تحديد ما إذا كانت ستسحب قواتها من الأراضي السورية أم لا، معتبرة أن الحرب "انتهت بنجاح"، عشية زيارة المسؤول الأمريكي الذي كان لديه ما يعلنه من أنقرة، لإعادة رسم المشهد السوري وإطلاق معركة الرقة؛ إذ صرح تيلرسون بأن هناك المزيد من المباحثات التي يتعين إجراؤها بشأن مستقبل سوريا ولكن وضع الرئيس السوري بشار الأسد سيقرره الشعب السوري.
واعتبر بسام الملك أن الإشارة إلى مستقبل الأسد تمثل الضوء الأخضر لإطلاق معركة الرقة وقبول نظام بشار التواجد الأمريكي على التراب السوري، وإخراج تركيا خارج قوس حلفاء المعركة، وهو أمر يعتقد أنه نوقش في المباحثات التي جرت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كل من موسكو وواشنطن.