التعديل الوزاري ببريطانيا.. «مقامرة» سوناك الكبرى قبل الانتخابات
تعديل وزاري دراماتيكي أجراه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في محاولة لترسيخ أوراق اعتماده في حزب المحافظين لكنه يشكل مقامرة كبرى قبل عام من الانتخابات العامة.
وبعد عطلة نهاية أسبوع حافلة بالتكهنات، بدا التعديل الوزاري منطقيا إلى حد كبير مع محاولة سوناك فرض سلطته على فريقه الوزاري الذي ورثه جزئيا عن أسلافه بوريس جونسون وليز تراس.
وقالت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية إن سوناك يسعى للتركيز على إيصال رسالته الانتخابية، معتبرة أن مفاجأة تعيين رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون وزيرا للخارجية كان المقصود منها نقل الجدية فضلا عن تحويل الانتباه بعيدا عن قراره إقالة وزيرة الداخلية المثيرة للجدل سويلا برافرمان.
وأضافت "بوليتيكو" أن استراتيجية سوناك قبل عام من الانتخابات "تنم عن تغيير محفوف بالمخاطر في المسار".
فقبل بضعة أسابيع فقط، حاول سوناك تصوير نفسه على أنه مرشح "التغيير" في الانتخابات، وانتقد ضمنيًا الحكومات التي قادها المحافظون على مدى 12 عامًا بما في ذلك حكومات كاميرون ذاته.
لكن خطوات سوناك الأخيرة تكشف أن هذا النهج جرى التخلص منه لصالح رسائل المحافظين الأكثر تقليدية حول الحنكة السياسية والاستقرار.
ويبدو أنه لم يكن أمام سوناك خيار سوى التحلي بالجرأة في ظل التراجع الكبير للمحافظين في استطلاعات الرأي وفشل عمليات "إعادة ضبط" السياسات في التأثير على الناخبين.
واعتبر الكثيرون أن خطاب الملك في افتتاح البرلمان الأسبوع الماضي والذي وضع برنامج سوناك التشريعي للأشهر الـ 12 المقبلة "باهتًا" لذا اختار سوناك استخدام إحدى الأدوات القليلة المتبقية له وإجراء تعديل وزاري مثير للانتباه.
وبالنسبة لبعض المحافظين فإن هذا التغيير طال انتظاره. وقال أحد كبار المسؤولين في داونينغ ستريت إن التعديل جاء في إطار مبدأين هما "الكفاءة، وفريق موحد يركز على ما يريده الجمهور".
وأشاد أحد الوزراء السابقين الذي طلب عدم الكشف عن هويته بقرار إعادة كاميرون للفريق الحكومي، وأعرب عن اعتقاده بأنه "سيطمئن الحزب والناخبين بأن المحافظين جادون في الحكم والفوز".
واعتبر لوك تريل، مدير مركز أبحاث "مور إن كومون"، أن تأثير التعديل الوزاري قد يكون كبيرًا في الدوائر الانتخابية الأكثر ليبرالية.
ومع ذلك، يخاطر سوناك بإثارة المخاوف القديمة لدى زملائه ذوي العقلية المحافظة من أنه أقل يمينية مما كانوا يأملون.
وقال هنري هيل، نائب رئيس تحرير الموقع الشعبي لحزب المحافظين إنه "كان هناك دائمًا هذا التناقض الطفيف مع ريشي سوناك حيث إن أجواءه ليبرالية أو وسطية لكن آراءه الفعلية يمينية تمامًا".
وتساءل أحد المساعدين السابقين اليمينيين في داونينغ ستريت "هل لدي الآن ثقة بأن هذا الحزب سيتخذ موقفا قويا بشأن الأشياء التي أهتم بها؟.. الإجابة لا".
ووصف الحكومة في شكلها الجديد بأنها "سلطوية"، وقال "أرى أنهم يحاولون إدخال وجوه جديدة، لكن هذا بمثابة صفعة على وجه بقية أعضاء الحكومة".
وحذر وزير سابق آخر في الحكومة من أنه إذا كانت حسابات سوناك الانتخابية تهدف إلى تعزيز أصوات الليبراليين فقد يكون الوقت قد فات.
كما حذر قيادي بحزب المحافظين من أن التعديل الوزاري قد يؤدي إلى خسارة سوناك المزيد من الأصوات لصالح حزب الإصلاح الناشئ على يمين حزب المحافظين، والذي يحصل حاليًا على حوالي 8% من الأصوات.
في المقابل، أعرب حزب العمال المعارض عن سعادته بقرار سوناك التخلي عن خطاب مرشح "التغيير" الذي تبناه مؤخرًا وقال قيادي بالحزب "إنه هدية لنا".
وبحسب لوك تريل، مدير مركز أبحاث "مور إن كومون"، فإنه يجب على سوناك الآن أن يعلق آماله على الاقتصاد الذي يتحسن ببطء والقدرة على إظهار الكفاءة بعد الفوضى التي أحدثها جونسون وتراس.