بوريس جونسون.. رحيل عن خارجية بريطانيا بنكهة "بريكست"
وزير الخارجية البريطاني أعلن استقالته من منصبه إثر تزايد الخلاف مع رئيسة الوزراء تيريزا ماي، بشأن خطتها بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
عامان قضاهما بوريس جونسون (54 عاما) وزيرا لخارجية بريطانيا قبل أن يعلن، الإثنين، استقالته من منصبه إثر تزايد الخلاف واحتجاجه على خطة رئيسة الوزراء تريزا ماي بشأن ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست".
وبعد فوز جونسون في الانتخابات البرلمانية في 2001، كان معارضوه ينزلون إلى الشوارع احتجاجا على إصلاحاته الواسعة.
ويعد وزير الخارجية البريطاني المستقيل الذي شغل سابقا منصب عمدة لندن من أبرز السياسيين إثارة للجدل بسبب تصريحاته اللاذعة التي تصل لحد التهكم التي طالت حتى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون.
- بريطانيا: تعيين جيريمي هانت وزيرا جديدا للخارجية
- جونسون في خطاب استقالته: بريطانيا ستكون مستعمرة لأوروبا
وكما جاءت الاستقالة مفاجئة كان تعيين جونسون في منصب وزير الخارجية في يوليو 2016 مفاجئا من قبل تيريزا ماي، بعد أن سبق أن انتقدته مرارا، لكنها وصفته أيضا بأنه "روح حزب المحافظين".
نزعة لا أوروبية
جونسون الذي يعد أحد أقطاب الدفع باتجاه خروج بريطانيا وفك الارتباط مع الاتحاد الأوروبي (بريكسيت) حذر في خطاب استقالته من أن المطاف سينتهي ببريطانيا إلى أن تكون "مستعمرة تابعة للاتحاد الأوروبي" بعد إعلان الحكومة خطط إقامة علاقات تجارية وثيقة مع الاتحاد بعد الخروج منه العام المقبل.
وأبدى جونسون اعتراضا شديدا على خطة تيريزا ماي بشأن الانسحاب، خاصة ما يتعلق بمقترح رئيسة الوزراء بإنشاء منطقة تبادل حرّ وإقامة نموذج جمركي جديد مع الدول الأوروبية الـ27، بهدف المحافظة على تجارة "دون صدامات" مع أوروبا.
موقف وزير الخارجية البريطاني المستقيل ينسجم مع الوزير البريطاني المسؤول عن ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ديفد ديفيز، الذي استقال هو أيضا قبل يوم واحد من استقالة جونسون.
كان جونسون يسعى للزعامة في حزب المحافظين ليشغل كرسي رئيس الوزراء بنفسه، لكنه لم يبدو راضيا عن نتائج استفتاء (بريكسيت)، حيث صوت 52% من الناخبين فقط لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي، فبدا جونسون مصدوما بهذه النتيجة المفاجئة، وتبددت أحلامه عندما قرر أحد أقرب أنصاره في معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي، وزير العدل البريطاني مايكل جوف، الترشح لمنصب رئيس الوزراء، ليحرم جونسون من هذه الإمكانية.
جونسون شبيه ترامب
يشبّه كثيرون بوريس جونسون بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسبب تصرفاتهما التي تبدو غربية، وقد أقر جونسون مرات عديدة بعشقه لأمريكا، كونه ابن النائب السابق في البرلمان الأوروبي والكاتب ستينلي جونسون، وولد في نيويورك وكان يحمل الجنسية الأمريكية حتى عام 2006.
الوزير البريطاني المستقيل من أصل تركي، انتقل أجداده إلى بريطانيا في العشرينيات من القرن الماضي.
وخلال طفولته كان بوريس جونسون ينتقل من مكان لمكان مع أسرته: نيويورك وكندا ولندن وواشنطن وبروكسل، وكان يعاني من ضعف السمع، وخضع لعدة عمليات جراحية.
اسمه الحقيقي "ألكسندر بوريس دي بفيفيل جونسون"، لكن زملاءه في جامعة إيتون أطلقوا عليه "بوريس"، بدلا من اسمه الأول "ألكسندر"، وقد درس في جامعة أوكسفورد، وكان يركز على دراسة اللغات الكلاسيكية والأدب الروماني واليوناني والفلسفة.
وبعد تخرجه في الجامعة، تزوج بوريس جونسون مباشرة وعمل في شركة للاستشارات، لأيام قليلة ثم اختار العمل بالصحافة وحصل بالفعل على وظيفة في صحيفة "تايمز" بفضل علاقات أسرته الواسعة.
في عام 1989 بدأ بوريس جونسون العمل في بروكسل كمراسل لـ"ديلي تليجراف" واشتهر بمقالاته المنتقدة للاتحاد الأوروبي.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك مارجريت تاتشر تصف جونسون بأنه أفضل صحفي من وجهة نظرها، لكن العديد من المحللين حملوه مسؤولية التفرقة في صفوف حزب المحافظين ما بين أنصار التكامل مع الاتحاد الأوروبي ومنتقدي الاتحاد.
بدأ جونسون مسيرته السياسية بدخول البرلمان عام 2001، وعين عام 2004 وزيرا للدولة مكلفا بالفنون؛ واستقال سريعا قبل أن يعود إلى الحكومة عام 2005؛ في منصب وزير للدولة مكلف بالتربية.
وفي عام 2008 خاض جونسون انتخابات عمدة لندن، وكان المرشح المحافظ يلفت انتباه وسائل الإعلام بتصريحاته المثيرة للجدل.
تهكم وانتقادات لاذعة
واشتهر بوريس جونسون بانتقاداته اللاذعة وتهكمه على كبار القادة والمسؤولين السياسيين ومنها تصريحات طالت الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما اعتبر فيها جونسون أن "أصول أوباما الكينية جعلته يكره تراث بريطانيا وتاريخها".
كما وصف هيلاري كلينتون؛ وزيرة الخارجية الأمريكية والمرشحة للانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 بأنها "ممرضة سادية تعمل في مصحة للأمراض العقلية".
وعاد جونسون لانتقاد لأوباما بشدة بعد دعوة الأخير البريطانيين للبقاء في الاتحاد الأوروبي؛ قائلا إن الولايات المتحدة نفسها لا تقبل بالقيود التي يفرضها الاتحاد الأوروبي؛ معتبرا أن فكرة الاتحاد طرحها الزعيم النازي أدولف هتلر؛ لتصبح أوروبا كلها دولة واحدة بيده.
عرف الوزير البريطاني المستقيل بمظهره اللافت للانتباه؛ وبدراجته الهوائية؛ وكان جونسون خلال ولايتيه في منصب عمدة لندن، يركز على إصلاح منظومة المواصلات بالعاصمة.
ومن أشهر قراراته في هذا المنصب كان حظر تناول الكحول في المواصلات، وتشكيل منظومات دراجات الأجرة، التي أطلق عليها سكان العاصمة اسم "دراجات بوريس".
وكان جونسون نفسه يستقل الدراجة الهوائية في طريقه إلى مكان عمله، حتى ترك منصب عمدة لندن في مايو/أيار 2016، وسرقت دراجته مرات عدة؛ وهو ما جعل ظاهرة سرقة الدراجات من الموضوعات التي أولاها جونسون اهتماما خاصا.
جونسون أب لـ5 أطفال تزوج زوجته الأولى؛ أليجرا موستين أوين عام 1987؛ وأنجب منها طفلين ثم تزوج المحامية مارينا ويلر؛ وأنجب منها 3 بنات.
ألف بوريس جونسون العديد من الكتب؛ من بينها كتاب عن حياة رئيس الوزراء البريطاني السابق؛ ونستون تشرشل؛ وكتاب عن تاريخ روما؛ وآخر عن مدينة لندن.