عودة سفير الإمارات لإيران.. محطات هامة في مسار تطور العلاقات
بعد 7 سنوات من سحبه، أعلنت دولة الإمارات إعادة سفيرها إلى إيران، في خطوة جديدة في اتجاه سعيها لتصفير الأزمات بالمنطقة ودعم أمنها واستقرارها.
وتتوج الخطوة الإماراتية جهودا دبلوماسية وإنسانية قامت بها أبوظبي على مدار الفترة الماضية.
"العين الإخبارية" تستعرض في التقرير التالي مسار تطور العلاقات بين البلدين خلال الفترة الماضية، وأهم المحطات في هذا المسار:
علاقات تاريخية
تعتبر العلاقات بين دولة الإمارات وإيران علاقات قديمة وتاريخية.
ورغم احتلال إيران الجزر الإماراتية الـثلاث "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى" منذ عام 1971، إلا أن دولة الإمارات آثرت اللجوء للطرق السلمية والدبلوماسية لإعادة جزرها، عبر دعوات متكررة -بدعم خليجي وعربي ودولي- لتسوية عادلة لهذه القضية، إما عبر المفاوضات المباشرة الجادة بين البلدين وإما اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للفصل في النزاع وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي.
اختيار دولة الإمارات هذا المسار سمح إجمالا بتطور العلاقات بين البلدين وتعزيز التعاون بينهما ولا سيما على الجانب الاقتصادي، وسط تذبذب في العلاقات على خلفية تباين مواقف البلدين من قضايا عدة، ورفض خليجي عربي لسياسة إيران بالتدخل في شؤون دول المنطقة، وصل ذروته قبل نحو 7 سنوات.
وفي 4 يناير/كانون الثاني 2016، قررت دولة الإمارات -تضامنا مع السعودية إثر اعتداءات على سفارة الرياض في طهران وقنصليتها في مشهد- تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إيران الى مستوى قائم بالأعمال وتخفيض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين في دولة الإمارات.
وأعلنت دولة الإمارات حينها استدعاء سيف الزعابي سفيرها في طهران تطبيقا لهذا القرار.
وأكدت أن المبادئ الحاكمة للعلاقات الإيجابية والطبيعية بين الدول أساسها الاحترام المتبادل للسيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
عودة السفير
وبعد نحو 7 سنوات من هذا التاريخ أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، اليوم الأحد، عودة سيف محمد الزعابي سفير دولة الإمارات إلى طهران خلال الأيام المقبلة.
وقالت الخارجية الإماراتية، في بيان لها، إن ذلك القرار يأتي "في إطار حرص القيادة الرشيدة لدولة الإمارات على تعزيز علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتنفيذاً لقرارها السابق في رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير، والاتصال الهاتفي الذي جرى بتاريخ 26 يوليو 2022 بين الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي والدكتور حسين أمير عبداللهيان وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذا الشأن".
وأكدت الخارجية الإماراتية أن السفير الزعابي سيعود لممارسة مهامه الدبلوماسية في سفارة دولة الإمارات لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال الأيام القادمة وذلك للمساهمة في دفع العلاقات الثنائية إلى الأمام بالتنسيق والتعاون مع المسؤولين الإيرانيين بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الجارين والمنطقة.
وتأتي الخطوة متزامنة أيضا مع جولات مباحثات بين الرياض وطهران تجرى منذ عدة شهور لبحث قضايا عالقة بين الجانبين لتمهيد الأجواء لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
خطوة استبقها رسائل إيجابية متبادلة وجهودا دبلوماسية متواصلة ودعمتها دبلوماسية دولة الإمارات الإنسانية.
رسائل إيجابية
أبرز تلك الرسائل الإيجابية تهنئة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مايو/أيار الماضي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمناسبه انتخابه رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وأعرب رئيسي عن تطلعه لأن تشهد العلاقات بين إيران ودولة الإمارات مزيدا من النمو في عهده، وبما يشمل كافة المجالات التي تخدم مصالح البلدين.
ورحبت إيران مطلع أغسطس/آب الجاري بالمناخ الإيجابي في علاقتها بدولة الإمارات، مؤكدة أن الأوضاع بينهما "تمضي قدما".
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة تمضي قدماً، مشيراً إلى أن "هناك مناخا سياسيا إيجابيا في العلاقات بين البلدين".
وأوضح كنعاني أن "سفارتي إيران ودولة الإمارات تنشطان وشهدنا تشكيل مناخ سياسي إيجابي في العلاقات بين البلدين".
ومنتصف يوليو/تموز الماضي، قال الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، إن دولة الإمارات تعمل على إرسال سفير إلى طهران مع سعيها إلى إعادة بناء العلاقات معها، مضيفاً أن النهج التصادمي مع إيران ليس شيئاً تدعمه أبوظبي.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أكد الدكتور أنور قرقاش أن دولة الإمارات حريصة على بناء جسور التواصل مع جميع جيرانها وأنها لن تكون مصدر ضرر لأي منها بما فيها إيران.
وقال إن هناك مسؤولية مشتركة تجاه استقرار النظام الإقليمي وازدهاره في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة، مشيراً إلى أن هناك المزيد من الحاجة إلى منصات إقليمية للتعاون والحوار بين دول المنطقة تشمل تركيا وإيران تقوم على مبدأ نبذ العنف واحترام سيادة الدول وفتح آفاق التعاون الاقتصادي لخلق الازدهار الإقليمي الذي تستفيد منه جميع الدول.
زيارات ومباحثات
تلك المرحلة الودية في العلاقات التي شهدت رسائل إيجابية متبادلة، مهدت لها جهود دبلوماسية قادها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وزيارات متبادلة كان أبرزها زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني طهران في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأجرى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ووزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان 7 مباحثات هاتفية على مدار العام الماضي لتعزيز العلاقات وبحث القضايات الإقليمية والدولية، كان أحدثها في 26 يوليو/تموز الماضي.
وخلال ذلك الاتصال، جرى بحث العلاقات الثنائية ومجالات التعاون المشترك وسبل دفعها إلى الأمام وتعزيزها بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين.
وأشار الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال الاتصال الهاتفي إلى حرص دولة الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة على تعزيز أمن واستقرار المنطقة وتلبية تطلعات شعوبها إلى التنمية والازدهار ودعمها لكافة الجهود المبذولة في هذا الصدد.
أما على صعيد الزيارات المتبادلة التي مهدت الأجواء لعودة السفير ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، كان أبرزها زيارة وفد إماراتي برئاسة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني طهران 6 ديسمبر/كانون الأول 2021، في زيارة التقى خلالها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
وبحث الجانبان -خلال اللقاء- العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها.
أيضا شاركت مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية، في الاجتماع الوزاري حول التعاون البيئي لمستقبل أفضل والذي استضافته العاصمة الإيرانية طهران في 13 يوليو/تموز الماضي بهدف تعزيز التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات البيئية والمناخية المشتركة.
وافتتح الاجتماع إبراهيم رئيسي رئيس إيران، بمشاركة وزراء البيئة من دول الشرق الأوسط وأفريقيا، إضافة إلى ممثلين عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة وعدد من المنظمات غير الحكومية والأوساط الأكاديمية.
وعلى هامش الاجتماع الوزاري وقعت المهيري مذكرة تفاهم مع علي سلاجقة نائب الرئيس الإيراني رئيس منظمة حماية البيئة في إيران، لبدء التعاون في مكافحة العواصف الرملية والترابية.
وقبيل تلك الزيارات، التقى الدكتور أنور محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، في نوفمبر/تشرين الأول الماضي علي باقري كني نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، وذلك خلال زيارة يجريها إلى دولة الإمارات.
وتناول اللقاء بحث العلاقات بين البلدين، وتأكيد الجانبين على أهمية تعزيزها على أساس حسن الجوار والاحترام المتبادل في إطار المصالح المشتركة، والعمل على تحقيق المزيد من الاستقرار والازدهار في المنطقة، وتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين الجارين.
الدبلوماسية الإنسانية
الدبلوماسية الإنسانية لدولة الإمارات كان لها دورها البارز أيضا، فعلى الدوام تتميز الدبلوماسية الإنسانية في الإمارات برقيها وسمو أهدافها ولا تربط مساعداتها الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة، ولا تنظر أبداً في الاعتبارات السياسية عند تقديم مساعداتها الإنسانية، ومن هذا المنطلق لم تتردد في مدّ العون إلى إيران عندما احتاجت إليها.
ظهر ذلك جليا في مواقف عديدة، فقبل شهر بعث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات برقية تعزية ومواساة إلى الرئيس الإيراني، إثر الزلزال الذي تعرضت له قرية ساية خوش في جنوب إيران.
وعبّرت دولة الإمارات عن تعازيها الصادقة وتضامنها مع جمهورية إيران في ضحايا الزلزال الذي ضرب جنوب البلاد.
ومع ظهرو جائحة كورونا، أرسلت دولة الإمارات خلال الفترة من مارس/آذار إلى يونيو/حزيران 2020 نحو 4 طائرات مساعدات تحوي عشرات الأطنان من الإمدادات الطبية العاجلة إلى إيران، لدعمها في الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
وقال سيف الزعابي سفير الإمارات العربية المتحدة لدى إيران: "إن جهود دولة الإمارات في تسيير عدد من طائرات الإمدادات الطبية العاجلة لمساعدة القطاع الطبي في إيران تعكس أصالة النهج الإنساني وروح التسامح والتضامن في السياسة الإماراتية، التي لطالما وقفت قيادة وشعباً إلى جانب الدول والشعوب في الأوقات الصعبة ومساندتهم وإنقاذ حياتهم، دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى".
وفي أبريل/نيسان 2019، أرسلت دولة الإمارات طائرة إغاثة إلى طهران على متنها 95 طنا من الاحتياجات الإنسانية الضرورية لمساندة المتأثرين من السيول في إيران، وذلك في إطار المبادرة الإماراتية السعودية المشتركة للتخفيف من معاناة المواطنين الإيرانيين المتضررين جراء السيول والفيضانات المدمرة التي شهدتها إيران آنذاك.
تعاون اقتصادي متنام
وعلى الصعيد الاقتصادي، وبحسب بيانات التجارة الخارجية غير النفطية، شكلت 10 دول نسبة 49.2% من التبادل التجاري للإمارات خلال 10 سنوات بقيمة تتجاوز 7.951 تريليون درهم.
وتبوأت إيران المركز السادس في هذه القائمة بنسبة 3.3% وبقيمة 526.2 مليار درهم.
كما شكلت 10 دول ما نسبته 54.8% من إجمالي إعادة التصدير من الإمارات خلال السنوات العشر الماضية محققة ما قيمته 2.454.8 تريليون درهم.
وتبوأت إيران المركز الثاني بقيمة اقتربت من 423 مليار درهم وبمساهمة 9.4%.
aXA6IDMuMTI4LjIyNi4xMjgg جزيرة ام اند امز