وضع الحرس الثوري على لائحة الإرهاب سيحاصر عملياته، ويجعل إمداد أذرعته بالأموال إذا لم يكن متعذرا فإنه سيكون في غاية الصعوبة
قرار الولايات المتحدة إلحاق الحرس الثوري ضمن المنظمات الإرهابية قرار تأخر كثيرا، فقد كان هناك كثير من الأدلة والشواهد التي تؤكد دعم هذه المنظمة للإرهاب، فالمتأسلمون الشيعة مثل المتأسلمين السنة، لا يمكن أن يعيشوا دون الإرهاب ودعمه سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، من خلال المليشيات والأحزاب الشيعية التي تحقق لهم غاية ما يهدفون إليه ويسعون لتحقيقه، ويسخرون جهودهم ليكون آليتهم السياسية في التعامل مع من يختلفون معه، وهو حلم (الإمبراطورية الشيعية الإسلامية)، ويعتبرون هذا الهدف النهاية التي سيستمرون يستهدفونها مهما كانت الخسائر البشرية والمالية، لذلك يعتبرونها بالنسبة لهم مسألة حياة وبقاء، حتى ولو فنى من أجلها نصف الشيعة.
السؤال: كيف إذاً سيواجهون هذا الحصار الاقتصادي الخانق؟.. الإجابة المختصرة هي أن يجلسوا على طاولة الحوار مع الأمريكيين صاغرين وراغمين، وأن يتخلوا عن أحلامهم الإمبراطورية، التي لا يمكن أن يسكت عنها ويمررها مجتمع اليوم
ومن سذاجة الرئيس الأمريكي السابق أوباما اعتقاده أن بالإمكان ثني إيران عن أهدافها التوسعية الإمبراطورية، إذا تمكن من التقرب لحكومة الملالي، ومهّد لهم بناء دولتهم بشكل مدني، والانخراط في المجتمع الدولي، ويتخلون بالتالي عن حلم (الإمبراطورية)، ملالي إيران من حيث الأهداف والنوايا دولة قادمة من القرون الوسطى، فهم لا يهتمون إلا بالتوسع، والسيطرة على مزيد من الدول المجاورة وغير المجاورة، وتشييعهم، حتى وإن كان الثمن أن يتضور الإيرانيون جوعاً، وهم يعتبرون (الحرس الثوري) أداتهم التي يصرفون عليها أغلب مداخيلهم، لذلك فإن ميزانية هذا الحرس لا علاقة لها بوزارة الدفاع، ويعتمدها المرشد مباشرة، كما أنها ليست خاضعة لرقابة مجلس الشورى، بل إن المستويات المتوسطة من أعضائها لا يعلمون عنها ولا عن استثماراتها ولا أين تصرف أي شيء، ويبقى التخطيط والتنفيذ ضمن دائرة ضيقة بين المرشد وقليل من القيادات العليا في الحرس، حفاظا على السرية، والنأي بها عن الشفافية.
لذلك فإن وضع الحرس الثوري على لائحة الإرهاب سيحاصر عملياته، ويجعل إمداد أذرعته بالأموال إذا لم يكن متعذرا فإنه سيكون في غاية الصعوبة، الأمر الذي سيؤدي إلى تجفيف منابع تمويل أذرعته من مصدر التمويل الأول، أضف إلى ذلك أن من ضمن مصادر تمويل نشاطات الحرس أموال قذرة مثل المخدرات وتهريبها وغسل أموالها لدى بعض البنوك الأخرى كالبنوك التركية وربما القطرية والعراقية، وعلى أية حال فربما في المرحلة الأولى من العقوبات يجدون حيلا للتهرب وإيجاد قنوات خلفية للوصول إلى أذرعتهم، إلا أن وسائل مثل تلك الوسائل الملتوية ستكون أكثر تكلفة، كما أن الرقابة والتتبع من قبل السلطات الأمريكية ستكشفها عاجلا أم آجلا.. ويجري إغلاقها.
لذلك فإن قرار إلحاق الحرس الثوري ومنشآته المالية والاقتصادية بلائحة مراقبة الأموال سيكون مثل الخنّاقة التي ستنهك قطعا الجسد الاقتصادي الإيراني مع الزمن، لا سيما أن تصدير إيران النفط يخضع لحصار محكم يتزايد مع مرور الزمن، ولا أظن أن هذا القرار الأمريكي سيكون له تبعات عسكرية، إلا إذا تهورت إيران، وبادرت بالاحتكاك بالقطع أو القواعد الأمريكية في المنطقة، ومن خلال تعاملنا مع إيران فهم يكتفون بالجعجعة الإعلامية، والعنتريات الفارغة، لكنهم (أجبن) من أن يبادروا بالتعرض لقطع الجيش الأمريكي، أما تهديداتهم فليست سوى زوبعة في فنجان ليس إلا، حتى تهديد الرئيس روحاني بأنهم سيعودون إلى أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم فلا يجرؤون على الإقدام على ممارسة ذلك؛ لأن عملا خطيرا كهذا سيدفع بالقضية إلى حافة الهاوية عسكرياً، وهذا يعني أن إيران ستعود إلى العصور البدائية خلال أيام، ودع عنك عنترياتهم، فهم يدركون تمام الإدراك أن ذلك لا يمكن أن يقبله الأمريكيون وكذلك الأوربيون بأي حال من الأحوال.
والسؤال: كيف إذاً سيواجهون هذا الحصار الاقتصادي الخانق؟.. الإجابة المختصرة هي أن يجلسوا على طاولة الحوار مع الأمريكيين صاغرين وراغمين، وأن يتخلوا عن أحلامهم الإمبراطورية، التي لا يمكن أن يسكت عنها ويمررها مجتمع اليوم.
وليس لدي أدنى شك أنهم سيذعنون راغمين، فالرئيس ترامب ليس ذلك الرئيس الآفل أوباما، الذي هو في تقديري وتقدير كثير من الأمريكيين أضعف رئيس مر على تاريخ الولايات المتحدة على الإطلاق.
إلى اللقاء..
نقلاً عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة