ريشي سوناك.. "السياسة أو الاقتصاد" تلك هي المشكلة
لا يزال من غير المعروف ما إذا كانت هزيمته قبل 7 أسابيع فقط عامل دعم في المهمة الصعبة المقبل عليها ريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا.
وسيكون على رئيس الوزراء الجديد الذي ورث حزبا ممزقا أن يوازن بدقة بين وصفته الاقتصادية وإثارة غضب المحافظين، لذلك سيسير بحذر على حبل مشدود على أمل أن يتجنب الاختيار الصعب بين السياسة والاقتصاد، إذ لن يفيده أي منهما وحده.
وخسر سوناك أمام ليز تراس التي تقدمت باستقالتها بعد 44 يوما فقط توليها المنصب، لكن تلك الهزيمة ربما أفادته.
وانتقد سوناك خطط تراس لتخفيض الضرائب وتمويل الإنفاق اليومي عبر الاقتراض، قائلًا إنها ستتسبب في فوضى اقتصادية.
وثبتت صحة وجهة نظره عندما طبقت حكومة تراس خططها في "الميزانية المصغرة"، التي تسببت في تراجع الجنيه إلى أدنى مستوى خلال عقود وانهيار أسعار السندات، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السندات ودفع صناديق التقاعد إلى حافة الإفلاس.
وكما توقع سوناك أيضًا، أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى ارتفاع أقساط الرهن العقاري، وسارع المقرضون لسحب منتجاتهم من الأسواق، مما حطم آمل العديد من أصحاب المنازل المحتملين بين عشية وضحاها.
وسوناك الذي شغل منصب وزير المالية في حكومة رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون لعامين ونصف العام، لتنهار حكومة جونسون مع استقالته، يواجه الآن مهمة لا يحسد عليها تتمثل في إنقاذ أمة تترنح من فترة ولاية تراس الكارثية.
ومن المنصف افتراض أن سوناك سينجح في ضبط فوضى تراس بتطبيق الخطة الاقتصادية التي حددها خلال ترشحه السابق للقيادة في وقت سابق من العام، بحسب تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وتلقت سمعة بريطانيا الدولية ضربة قبل وصول تراس إلى المنصب؛ حيث إن الفضائح التي لا حصر لها التي أجبرت بوريس جونسون على الاستقالة من منصبه في النهاية، بالإضافة إلى تهديداته المتكررة بخرق القانون الدولي بسبب اتفاق بريكست التي وافق عليه شخصيا مع الاتحاد الأوروبي، لم تجعل قادة العالم يتخذون موقفا وديا تجاه المملكة المتحدة.
هذا لا يعني أن المملكة المتحدة ليست مهمة على الصعيد العالمي. فقد أكسب دعم الحكومة لأوكرانيا، على سبيل المثال، بريطانيا – وتحديدا جونسون – إشادة القادة الغربيين.
وكتب مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون في مجلة "بوليتيكو"، الإثين، أن "بريطانيا كانت تقود القوى الأجنبية في دعم أوكرانيا. في ظل الحكومة الثلاثية لرئيس الوزراء بوريس جونسون، ووزيرة الخارجية ليز تراس، ووزير الدفاع بن والاس، كانت لندن في طليعة العزيمة والقيادة السياسية."
ويمكن أن تعزى خلافة سوناك مباشرة إلى الفوضى التي حدثت خلال الأشهر قليلة الماضية، وينظر إليه باعتباره شخصا موثوقا، بعدما نال إشادة واسعة النطاق نظير تعامله مع الاقتصاد خلال جائحة كوفيد-19، ومساعدة الشركات والمواطنين ببرامج الإنفاق الحكومي الكبيرة التي أنقذت العديد من سبل العيش.
ومن سوء حظ سوناك أنه ورث حزبًا سياسيا أمضى الأعوام القليلة الماضية يمزق نفسه؛ حيث إن حزب المحافظين منقسم على عدة خطوط أكثر من مجرد يسار ويمين، لكن يرجح أن يواجه سوناك أكبر صعوبة مع الجناح الشعبوي المؤيد لبريكست الذي عشق جونسون.
لكن إدارة الحزب شيء بعيد عن متناول سوناك في المستقبل القريب. ومع ذلك، تعتبر السياسة الاقتصادية والتعامل مع الشركاء الدوليين في متناوله تماما.
وفي عالم مثالي لسوناك، سيتمكن من تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وربما معه الاستقرار السياسي. لكن المراقبين القدامى للسياسة البريطانية يعلمون أن الاثنين لا يسيران دائما جنبا إلى جنب.
وقالت الخبيرة الاقتصادية البريطانية فيكي بريس إنه "سيتعين عليه تطبيق السياسات بسبب ميزانية تراس المصغرة التي لن تحظى بشعبية سياسية لدى العديد من المجموعات لمختلف الأسباب"، وهذا قد يعني التقشف لتحقيق التوازن، والضرائب غير المتوقعة على شركات الطاقة، وسيتعين عليه موازنة السياسات التي قد تغضب النواب المحافظين والسياسات التي قد تقلب الرأي العام ضده.
أما بالنسبة للنواب والمستشارين المحافظين، فهم مزيج ممن يشعرون بالارتياح، والغضب، والقلق، وفي بعض الحالات الانهزام. ويعتقد البعض أن الرأي العام سيقدر قليلا من الهدوء والسكينة من الفوضى السياسية. ويعتقد البعض أن سوناك سيكون لينا للغاية بشأن بريكست، فيما يعتقد آخرون أن الانتخابات المقبلة تمت خسارتها بالفعل.
ونظريًا، يتبقى عامان على الأقل حتى انعقاد الانتخابات العامة المقبلة. وتعتبر هذه فترة أكثر من كافية لسوناك لإعادة الاستقرار واستعادة معدلات تأييد المحافظين الأليمة لشيء أكثر تنافسية.
aXA6IDE4LjExOS4xNjMuOTUg جزيرة ام اند امز