"انتقال" السودان بين التفعيل والعقبات.. انفراجة أم ضوء أحمر؟
على وقع أزمة سياسية خانقة أثارت حالة من عدم اليقين بالسودان يبدو الأفق مضيئا نحو محطات للحل، برعاية الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيجاد" الإقليمية.
وأمس الأحد، بدأ فرقاء السودان الموقعون على الاتفاق السياسي الأخير إطلاق المرحلة النهائية للعملية السياسية النهائية، في جو مصحوب بتفاؤل محلي ودولي وتأكيدات من المجلس السيادي على خطواتها، مما قد يضع الأزمة السياسية في السودان التي دخلت عامها الثالث على طريق الحل.
ورغم أن ذلك الحل -الذي تعثرت الخطوات للوصول إليه خلال المرحلة الماضية- بات الطريق إليه ممهدا بعض الشيء إلا أنه لا يخلو من عقبات، خاصة أن بعض القوى السياسية ما زالت ترفض الاتفاق الإطاري الموقع في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتتوعد بتحريك قواعدها الشعبية ضده.
ففي اليوم الذي أعلنت فيه الآلية الثلاثية المؤلفة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيجاد، عن انطلاق المرحلة الأخيرة من العملية السياسية لتجاوز الأزمة في السودان، كانت حركة "الحرية والتغيير"/الكتلة الديمقراطية تقف في الجهة الأخرى مطالبة بإسقاط الاتفاق الإطاري، معلنة توقف المشاورات غير الرسمية مع الموقعين عليه.
المرحلة النهائية
وأطلقت قوى سياسية ومهنية بينها الحرية والتعيير/المجلس المركزي وقادة المؤسسة العسكرية، يوم الأحد، المرحلة النهائية من العملية السياسية الخاصة بتسليم السُّلطة إلى المدنيين، بعد قرابة شهر من التوقيع على الاتفاق الإطاري.
إلا أن القوى المدنية الموقعة على ذلك الاتفاق ترفض التحاور مع الكتلة الديمقراطية، وتقول إنها "مصنوعة وأيدت الانقلاب العسكري"، مما دفع الأخيرة إلى إطلاق تحذيرات قد تغير المعادلة السياسية في البلد الأفريقي، قائلة: إنه "إذا استمر الطرف الآخر في المضي قدما ستكون خياراتنا مفتوحة، بينها تحريك قواعدنا الشعبية لإسقاط الاتفاق الإطاري".
وقال القيادي في الكتلة الديمقراطية مصطفى طمبور، في تصريحات له خلال مؤتمر صحفي، مساء الأحد، إن الكتلة لديها قاعدة جماهيرية كبيرة تؤيد "موقفهم الرافض للاتفاق الإطاري".
روح أحادية
بدوره، قال مني أركو مناوي، رئيس حركة جيش تحرير السودان، الأمين العام لقوى نداء السودان والقيادي بالحرية والتغيير، إن تدشين المرحلة النهائية من الاتفاق الإطاري في وقتٍ يجري الحوار مع "المجلس المركزي" بتسهيل من المكون العسكري تعد "إشارة سلبية وإظهار روح أحادية".
الأمر نفسه أشار إليه القيادي في الكتلة الديمقراطية مبارك أردول، والذي قال إن الكتلة أبلغت رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بقرارها إيقاف النقاشات غير الرسمية مع موقعي الاتفاق الإطاري، وطالبوه بعدم اعتماد المواقف الشخصية للمنتمين للكتلة.
وفيما قال السياسي السوداني إن المشاورات غير الرسمية تركزت على ضرورة تجاوز الاتفاق الإطاري، قال إنهم طالبوا بتحويلها إلى لقاءات رسمية عبر لجان مشتركة.
من جانبه، قال رئيس حزب الأمة السوداني مبارك الفاضل إن إعلان رئيس البعثة الأممية في السودان فولكر بيرتس انطلاق المرحلة النهائية من العملية السياسية بقيام الورش حول القضايا المؤجلة في الاتفاق محاولة لنفخ الروح في الاتفاق.
إشارات سلبية
وأوضح السياسي السوداني، في تغريدة عبر حسابه بـ"تويتر"، أن "فولكر عاد من العطلة ليجد الاتفاق الإطاري يترنح وأطرافه انقسمت على نفسها"، مشيرا إلى أن المجلس المركزي في اجتماعاته مع الكتلة الديمقراطية برعاية المكون العسكري وافق على إلغاء الاتفاق الإطاري والإعلان السياسي، وكتابة اتفاق جديد بمشاركة الكتلة الديمقراطية.
إشارات وصفت بـ"السلبية" من القوى الرافضة للاتفاق الإطاري، بعد أن ضرب الموقعون عليه برغبات أطراف أخرى الانضمام إليه عرض الحائط، واصفين ذلك بأنه "محاولة إغراق العملية السياسية في البلاد بقوى غير حقيقية".
ورغم تلك الإشارات إلا أن نورا بدأ يلوح في الأفق قد يبدد ظلمة ذلك المسار السياسي، كان مصدره تصريحات رئيس مجلس السيادي السوداني عبدالفتاح البرهان على هامش إطلاق الموقعين على الاتفاق الإطاري، يوم الأحد، المرحلة النهائية للعملية السياسية، التي تهدف إلى الوصول إلى اتفاق سياسي نهائي وعادل.
موقف إيجابي
وقال رئيس مجلس السيادة السوداني إن المؤسسة العسكرية "ستخضع عاجلا أم آجلا للسلطة المدنية"، مشيرا إلى أن "المؤسسة العسكرية ملتزمة بالعمل مع الشركاء السياسيين والمدنيين لوضع الأسس التي تؤطر لعمل القوات المسلحة في الوضع المدني الديمقراطي".
وفيما أكد أن "القوات المسلحة جزء من الدولة، ويجب أن يتشارك الجميع في إدارتها"، أضاف: "نؤكد للجميع أننا لن نخذلهم ولن نتراجع عما وقعناه والتزمنا به من عمل يفضي إلى التحول المدني الديمقراطي".
بدوره، أكد نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي" الالتزام بإنهاء الوضع القائم من خلال توقيع اتفاق نهائي تتشكل بموجبه سلطة مدنية كاملة، على أن تتوجه المؤسسة العسكرية لأداء دورها في حماية البلاد من المهددات الخارجية.
وأشار إلى أن تأخر إطلاق المرحلة النهائية من العملية السياسية كان بسبب العمل على إلحاق بعض القوى غير الموقعة على الاتفاق الإطاري، مجددا التأكيد على الوصول إلى اتفاق نهائي شامل في أسرع فرصة ممكنة.
مشاورات واسعة
ومن المقرر أن تبدأ اليوم الإثنين مشاورات واسعة حول خمس قضايا محددة في الاتفاق السياسي الإطاري، في مؤتمر مدّته أربعة أيام، حول خارطة طريق تجديد عملية تفكيك "نظام الـ30 من يونيو".
ومن المتوقع أن ينتج عن مجموعات العمل والمؤتمرات القادمة خرائط طريق حول كلّ من القضايا التي سيتم النظر فيها في الاتفاق السياسي النهائي، حسب البعثة الأممية في السودان.
في السياق نفسه، قال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان "التيار الثوري الديمقراطي" ياسر عرمان إن هناك مشاورات تجريها قوى الاتفاق الإطاري مع حركتي العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، لانضمامهما إلى العملية السياسية.
وفيما دعا قوى "ثورة ديسمبر" لاقتناص الفرصة للمضي قدما نحو الأمام، أكد أن هناك تحديات تجابه التحوّل المدني الديمقراطي للوصول إلى حكم مدني، بينها عدم وجود مشاورات مع بعض القوى السياسية لضمها للعملية السياسية.
aXA6IDMuMTQzLjIxNC4yMjYg
جزيرة ام اند امز