لقاءات "خارطة الطريق".. رحلة إنقاذ انتخابات ليبيا من مهب الريح
قبل أربعة أيام ودّعت ليبيا عاما نسف سقف التوقعات لدى بلد يبحث عن الاستقرار منذ عقد من الزمان، وما بين التفاؤل والتشاؤم حوصرت بارقة الأمل.
فالعام الماضي أسدل ستاره على بتر استحقاق انتخابي ترقبه الليبيون ومعهم المجتمع الدولي والإقليمي، في الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول، وسط محاولات تسعى من جديد لرسم خارطة الطريق أمام التوافق والإنجاز.
فاللجنة التي شكلها البرلمان الليبي بعد تعثر إجراء الانتخابات في موعدها، بدأت بعقد اجتماعات مع أطراف سياسية وبأهداف وإن بدت مختلفة، لكنها تتقاطع عند هدف مشترك، وهو تمهيد الطريق "الشائك" نحو إجراء أول انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد، ووضع حلول بديلة للسلطة الحالية، حتى إنجاز الاستحقاق الدستوري.
آخر تلك اللقاءات، ذلك الذي عقدته اللجنة مساء الثلاثاء، مع المجلس الرئاسي، للحديث عن مسار المصالحة الوطنية، باعتباره ركيزة أساسية في خارطة الطريق، بالإضافة إلى الاستماع لرؤية "رئاسي ليبيا" للمسار العسكري والأمني.
إلا أن الاجتماعات المتواصلة للجنة خارطة الطريق، اختلف محللون ليبيون على أهدافها، مؤكدين أنها ستصطدم بواقع قد يغير كل خططها، فيما شكك آخرون في إمكانية توصلها لأية خارطة طريق تكون مقبولة من جميع الفرقاء.
يقول المحلل السياسي الليبي مختار الجدال، لـ"العين الإخبارية"، إن "لجنة خارطة الطريق هي محاولة من مجلس النواب لوضع حل للأزمة الحالية"، مشيرًا إلى أن لقاءات اللجنة هي محاولة للتوافق على قاعدة دستورية.
إلا أن الجدال توقع عدم وجود اتفاق على خارطة طريق ترضي جميع الأطراف، بسبب انعدام الثقة بين من يتصدر المشهد السياسي والعسكري، لافتا إلى أن الهُوة بين الأطراف السياسية ستظل تتسع، بسبب النقاط الخلافية.
توافق صعب
ورأى المحلل السياسي الليبي، أن التوافق مع ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" بات صعبًا؛ فالأخير يتمسك بوضع قاعدة دستورية تستبعد ترشح العسكريين والموالين للنظام السابق.
ولفت إلى أنه حتى وإن تم وضع خريطة طريق، فمن الصعب تطبيقها في ظروف البلاد الحالية، وخاصة بعد الحديث عن حالة "القوة القاهرة".
واعتبر الجدال أن مشكلة ليبيا، هي تمركز مؤسسات الدولة في العاصمة طرابلس، والتي تسيطر عليها المليشيات المسلحة، إلا أنه نوّه بوجود بعض الحلول للأزمة الحالية، منها نقل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى مدينة سرت أو أية مدينة آمنة وخالية من المليشيات، على غرار اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5" والتي تستقر في سرت.
كما طالب بإضافة عدد من القانونيين والشخصيات المستقلة إلى لجنة خارطة الطريق، والإعلان عن قائمة المرشحين بعد استبعاد المخالفين لشروط الترشح، وتحديد موعد جديد للانتخابات، وتكليف لجنة 5+5 بوضع تصور لتأمين الانتخابات.
حلول وضعها مختار الجدال للأزمة الحالية، إلا أن المحلل الليبي كامل المرعاش، كان أكثر تشاؤمًا، مشيرًا إلى أن الحديث عن خارطة طريق في الحالة الليبية، تعني أن الفترة الانتقالية لن تقل عن عام.
غياب الرؤية
وأوضح المرعاش، أن اجتماعات لجنة خارطة الطريق مع أطراف اعتبرها "فاقدة للشرعية"، يؤكد حرص الأخيرة على الاستمرار لأطول فترة ممكنة؛ كونها "المستفيد المباشر من بقاء امتيازاتها"، من خلال "احتكارها" للسلطة.
وفيما قالت لجنة خارطة الطريق إنها تجتمع مع كافة الأطراف لتوسيع قاعدة المشاركة، قال المحلل الليبي كامل المرعاش، إن تعدد اللقاءات يعني غياب الرؤية والخيارات الوطنية وعجزها عن تقديم أي شيء، وربما انتظار إنجازها من طرف أجنبي.
وأشار إلى أن الدول "النافدة" في الأزمة الليبية، التي "تدير" هذه الأطراف المحلية هي التي ستنتج الخارطة الجديدة، فيما سيقتصر دورهم على التصديق عليها ومباركتها.
وحول موقف الليبيين الذين انتفضوا أمام جلسة البرلمان الأسبوع الماضي للمطالبة بالانتخابات، رأى المرعاش أن الليبيين أصبحوا "منهكين" وغير قادرين على القيام بأي "فعل مؤثر"، بسبب الأزمات الأمنية والمعيشية والفساد الممنهج الذي دام لمدة تزيد على عشر سنوات.
تذليل الصعاب
ورغم النظرة "التشاؤمية"، فإن المحلل الليبي محمد يسري، بثّ القليل من الأمل، قائلا، إن الانتخابات لن تؤجل لمدة طويلة خاصة مع المطالبات المحلية والدولية بضرورة إجرائها في أقرب موعد، بالإضافة إلى جاهزية المفوضية لإجرائها.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، أوضح يسري أن لجنة خارطة الطريق تعقد اجتماعات لتذليل الصعاب أمام مفوضية الانتخابات لتتمكن من إجراء الاستحقاق الدستوري، في أقرب موعد، فضلا عن إيجاد سلطة بديلة من شأنها أن تتولى أمور البلاد، خاصة بعد انتهاء عمر الحكومة الحالية برئاسة عبدالحميد الدبيبة.
ورغم أن المحلل السياسي، توقع أن يكون ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" الوحيد الذي يرفض أية نتائج تتوصل إليها خارطة الطريق، إلا أنه تنبأ برضوخه بعد توافق الأطراف المحلية، "لأن الأمر سيكون مرتبطًا بتفاهمات دولية تستطيع الضغط على كافة الأطراف الرافضة بقبول النتائج".