"رفات الشوشان" وتجربة الجزائر.. الليبيون يتحسسون طريق المصالحة
لا يزال الليبيون يتحسسون خطواتهم في مسار المصالحة الوطنية، أحد استحقاقات المرحلة الانتقالية في البلد الساعي لتجاوز عقد من الفوضى.
وفي حين يبحث المجلس الرئاسي مع الأطراف والدول المختلفة عن تجارب للمصالحة يمكن تطبيقها في الداخل الليبي، كان لشيوخ القبائل والمدن الخطوة الأولى في هذا المسار.
رفات الشوشان
ونجحت الوساطات الاجتماعية الليبية في نقل رفاة الجندي هشام الشوشان، أول قتيل في أحداث 17 فبراير/شباط 2011 إلى مدينته، بعد أكثر من 10 سنوات من المطالبة بذلك.
وتولت القيادات الاجتماعية في منطقتي العجيلات غربا –التي ينتمي إليها القتيل- والجبل الأخضر-شرقا- التي قتل فيها شوشان، ليتم إعادة دفنه بإحدى مقابر العجيلات، الثلاثاء.
وتعاونت الجهات الأمنية بما فيها النيابة العامة مع هذه الجهود، حيث صرحت النيابة المحلية بنقل رفات هشام منصور بوعجيلة الشوشان، من مدينة البيضاء لإعادة دفنه بإحدى المقابر بمدينة العجيلات بناء على طلب ذويه.
ويعد الشوشان أول قتيل في أحداث فبراير 2011، وهو ملازم من الجيش الليبي، تمت تصفيته في مدينة البيضاء على يد الجماعة المتطرفة التي هاجمت المعسكرات ومراكز الشرطة وقتلت عددا من الضباط الذين رفضوا الانضمام إليهم، بعد أن وصفوه بالمرتزق نظرا للون بشرته السمراء، وذاعت قصته في القنوات الفضائية العالمية.
واعتبر النشطاء السياسيون ورواد مواقع التواصل الاجتماعي أن عملية نقل رفاة الشوشان خطوة مهمة جدا وإحدى إيجابيات المصالحة الوطنية التي يفترض أن تتم قبل الانتخابات.
العودة إلى طرابلس
شيوخ القبائل كان لهم كلمة أخرى في إنهاء الانقسام المؤسساتي في ليبيا ودعم مشروع المصالحة، حيث التقى وفد من أعيان قبيلة العواقير –شرقي البلاد- النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حسين القطراني، لحسه على العودة للعمل من طرابلس.
وأكد مكتب القطراني في بيان له أنه استقبل بمكتبه بمقر ديوان مجلس الوزراء في مدينة بنغازي وفدا من أعيان ومشايخ قبيلة العواقير.
وتطرق اللقاء بحسب البيان إلى مناقشة بعض القضايا الاجتماعية وسبل حلحلتها بالطرق الصحيحة للمحافظة على النسيج الاجتماعي، ومناقشة قرار القطراني مباشرة عمله من مدينة طرابلس، وسير العملية الانتخابية، وتداعيات تأجيلها.
التجربة الجزائرية
في السياق، التقى نائبا رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني وعبدالله اللافي، الثلاثاء سفير الجزائر سليمان شنين، للتأكيد على عمق العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين.
وكانت النقطة الأبرز في الاجتماعين الذين عقدا بشكل منفصل، الإشادة بدور الجزائر في حل الأزمة الليبية، من خلال التواصل مع المجتمع الدولي والأطراف الليبية، والتأكد على الاقتداء بالتجربة الجزائرية الملهمة في سياق مشروع المصالحة الوطنية الذي أطلقه المجلس الرئاسي.
متابعة المؤسسات السيادية
تحركات مجلس النواب لم تكن بعيدة عن هذا السياق، حيث شكل المجلس لجنة لمعالجة أحد أهم الملفات التي أدت إلى الانقسام، وأحد أهم ملفات الخلاف بين الأطراف المختلفة وهو ملف المؤسسات السيادية.
وشكل المجلس بقرار من رئيسه لجنة تتولى متابعة المؤسسات السيادية؛ مصرف ليبيا المركزي، ديوان المحاسبة، هيئة الرقابة الإدارية، هيئة مكافحة الفساد، وإعداد تقرير عن عملها في فترة الانقسام ورصد أي تجاوزات خلافاً للقوانين المنظمة لعملها.
وعقدت اللجنة اجتماعها الأول بمقر ديوان المجلس بمدينة طبرق، الثلاثاء، حيث ناقشت خلال الاجتماع وضع آلية عملها، مؤكدة أنها ستباشر العمل الأسبوع المقبل وستعد تقريراً خلال 20 يوماً من بداية عملها وسيتم تقديمه لمجلس النواب.
ملف المصالحة
ومنذ بداية العام الماضي، يسعى الليبيون برعاية أممية في مسارات أربعة للمصالحة؛ عسكرية وسياسية واقتصادية ودستورية، من أجل حل الأزمة وتوحيد المؤسسات وتشكيل سلطة تنفيذية موحدة بعد سنوات من الحرب والانقسام.
ويفترض أن ملف المصالحة الوطنية إحدى أهم أولويات المجلس الرئاسي والحكومة الليبية وفقا لتعهداتهما منذ تشكيلهما في ملتقى الحوار السياسي بجينيف فبراير/شباط الماضي، وصولا بالبلاد إلى انتخابات وطنية كان مقررا أن تعقد 24 ديسمبر/كانون الأول.
ومر قطار المصالحة الوطنية الليبية بعدة محطات خلال عام 2021، بدعم من الأمم المتحدة، تمثل في فتح الطريق بين الشرق والغرب والإفراج عن عدد كبير من المحتجزين، وتشكيل مفوضية وطنية عليا للمصالحة.
دور قبلي
وسعت القبائل الليبية لدعم قطار المصالحة، ووقعوا عدة مواثيق للصلح من جانبهم أبرزها المصالحة بين قبائل أولاد سليمان والقذاذفة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 والذي تضمن اتفاق مبدئي بين القبيلتين في مدينة سبها والمنطقة الجنوبية.
وظهرت بوادر هذه المصالحة في عمليات الجيش الليبي ضد الجماعات الإرهابية في مدينة سبها خاصة تلك ضد تنظيم داعش في حي عبدالكافي في سبها لما ضمت ضباطا من كافة مكونات الجنوب "التبو والطوارق وقبائل القذاذفة وأولاد سليمان"، للمرة الأولى منذ 2011.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMy4yMCA= جزيرة ام اند امز