مفوضية انتخابات ليبيا تفند أسباب التأجيل وتستعرض "القوة القاهرة"
تصريحات "مثيرة" لرئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا عماد السايح، كشف فيها العراقيل التي أدت لإرجاء انتخابات الرئاسة، وأماط اللثام عن حالة "القوة القاهرة".
وقال السايح، في كلمته خلال جلسة الإحاطة التي عقدها البرلمان الليبي، اليوم، إن المفوضية استلمت قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين على الترتيب، إلا أنها "كانت تختلف كلية عما تم الاتفاق عليه".
وأضاف أن المفوضية وجدت فيها "الكثير من الصعوبات" التي كان يجب على البرلمان تعديلها، حتى تستطيع المفوضية إنجاز الاستحقاق.
وأوضح السايح أن المفوضية خاطبت مجلس النواب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بضرورة إدخال تعديلات حتى تتمكن المفوضية من إنجاز الاستحقاق وهو ما لم يتم إنجازه.
إلا أن رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري، رد على تلك النقطة، قائلا، إن "البرلمان أنجز كل التعديلات التي طلبتها المفوضية، باستثناء طلب واحد، والذي كان ينص على توسيع صلاحيات المفوضية، وهو ما رفضه مجلس النواب".
مؤشرات إرباك
وتابع السايح أن المفوضية طلبت استلام القوانين في الأول من شهر يوليو/تموز الماضي، إلا أنها تأخرت، ورغم ذلك بدأت في عملية تسجيل الناخبين، التي "نجحت بامتياز" في إضافة نصف مليون ناخب إلى القاعدة الانتخابية التي وصلت إلى 2.8 مليون شخص.
وأشار إلى أن مؤشرات "الإرباك" بدأت تظهر على العملية الانتخابية بعد فتح باب الترشح، مشيرًا إلى أن المفوضية كانت تتوقع أن تكون الطلبات أقل من العدد الذي تقدم.
وبحسب السايح، فقد استلمت المفوضية في الـ48 ساعة الأخيرة من فترة قبول طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية، 60 مرشحًا، ما سبب إرباكًا فيما يتعلق بمراجعة طلبات الترشح بشكل دقيق لكل المرشحين.
وأكد أن القانون يلزم المفوضية أن تعلن خلال الـ48 الساعة التالية من غلق باب الترشح القوائم الأولية، وهي مدة لم تكن كافية لها في مراجعة طلبات الترشح.
خلل كبير
ورغم ذلك، إلا أن رئيس المفوضية، قال إنه لوحظ "خلل كبير" في التزكيات المقدمة من المرشحين، التي كانت تشوبها التزوير فيما يتعلق بالتوقيعات وأسماء المزكيين، ما دفع إلى استبعاد بعض المرشحين، مشيرًا إلى أن المفوضية تواصلت مع بعض الناخبين الذين أقروا بعدم تقديمهم تزكيات لبعض المرشحين، وأن أرقامهم الوطنية جرى استغلالها بطريقة غير قانونية.
وأوضح السايح أنه بعد إعلان القائمة الأولية للمرشحين، واستبعاد حوالي 25 مرشحا، لا تنطبق عليهم الشروط التي نص عليها قانون انتخاب الرئيس، بدأت مرحلة الطعون التي توقفت عندها العملية الانتخابية، بسبب مواجهة المفوضية حالة «القوة القاهرة» التي دفعتنا لعدم اتخاذ الخطوة التالية.
وأشار إلى أن المفوضية لم تتمكن من الدفاع عن قراراتها بسبب أن القانون لم يعط خصوصية للمفوضية التي أصبحت خصمًا أمام القضاء، التي أخذت تتقاذف الطعون عليها من كل حدب وصوب، ما شتت جهودها، فضلا عن أن مدة الاستئناف على الطعون كانت قصيرة جدا، فلم تتمكن المفوضية من الاطلاع على صحيفة الطعن والتواصل مع إدارة القضايا لإعداد قرار الدفاع عن مواقفها أمام القضاء.
أحكام متضاربة
وأكد أن "عجز" المفوضية من التعامل مع الطعون الصادرة ضد قراراتها، ترتب عليه صدور أحكام غيابية من لجان الطعن، إلا أنها كانت هي الأخرى متضاربة؛ فبعضها يجيز للمفوضية ضم المرشح للانتخابات، وأخرى تطالب باستبعاده.
وأشار إلى أن المفوضية لا تستطيع تجاوز الأحكام القضائية والتي أنشأت مراكز قانونية للمرشحين، جعلت المفوضية ملزمة قانونا للتعامل معهم، مؤكدًا أن الأحكام التي صدرت خلقت واقعا سياسيا جديدا رفضته قوى سياسية، وبدأت في توجيه التهديدات إلى المفوضية، والتهديد باقتحامها، في حالة إذا ما نشرت القوائم النهائية.
السايح أكد أن عدم قبول الأطراف السياسية بالاستمرار في العملية السياسية، مثل ظروفا قاهرة أمام المفوضية، بسبب أحكام القضاء والتهديدات التي طالت المفوضية، فأصبحت العملية الانتخابية "مغامرة".
القوة القاهرة
وحول حالة القوة القاهرة التي تحدثت عنها المفوضية، قال السايح، إنها تتمثل في 3 عناصر؛ أولها: الأحكام القضائية المتضاربة وفي نفس الوقت هي باتة ونهائية، بالإضافة إلى صدور أحكام قضائية خارج المدة التي حددها قانون الانتخابات.
العنصر الثاني في حالة القوة القاهرة -بحسب السايح- كانت المراكز القانونية التي أنشأتها الأحكام القضائية للمرشحين الصادر بحقهم، ما أجبر مفوضية الانتخابات على التعامل معهم.
أما العنصر الثالث، فكانت التهديدات التي وجهت إلى المفوضية حال إعلانها القوائم النهائية للمرشحين، بحسب السايح الذي قال إن المفوضية تواصلت مع جهات خارج الدولة الرسمية، لإجبار المعتصمين على الاعتصام خارج المفوضية، إلا أن الرسائل التي تلقتها، كانت تهديدات بإيقاف العملية الانتخابية حال صدور القوائم النهائية بأسماء معينة.
تهديدات حقيقية
وفيما قال السايح إن المفوضية لم تجد موقفًا من البرلمان ولا المجلس الرئاسي ولا الحكومة في وجه هذه التهديدات، رد رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري، على السايح قائلا، إن البرلمان لم يتلق أي خطاب رسمي يفيد بتعرض المفوضية للتهديدات أو بطلب المساعدة.
وحول سبب تحديد 24 يناير/كانون الثاني 2022 موعدًا بديلا للانتخابات، قال السايح إن المفوضية استندت في تحديد هذا التاريخ إلى القانون، شريطة زوال الظروف القاهرة، إلا أنه قال إنه حالة استمرارها، فيتعين على المفوضية أن يتشاوروا في تحديد موعد آخر للعملية الانتخابية.
وانتقد السايح قانون الانتخابات، الذي أعطى للمفوضية حق إلغاء النتائج وأعطاها كذلك للجنة الطعون، مطالبًا بضرورة أن يكون حق الإلغاء للمفوضية أو لجان الطعون وليس للجهتين.
وأشار إلى أن المفوضية هي الأقدر على اتخاذ قرار الإلغاء، كونها القائمة على تنفيذ هذه العملية، مؤكدًا أن ما وصفته بـ"الخلل" سيفضي إلى "إرباك" فيما يتعلق بقرار إعلان نتيجة العملية الانتخابية.
وحول عملية انتخاب مجلس النواب، قال إن المفوضية مستمرة، في التقصي والتحري من دقة المستندات المقدمة من المرشحين، مشيرًا إلى أنها وجدت تزويرًا في بعض الشهادات العلمية والتزكيات، بالإضافة إلى أن بعض المرشحين صادر بحقهم أحكام جنائية.
تأمين الانتخابات
السايح قال إن مفوضية الانتخابات متواصلة مع وزارة الداخلية التي لديها خطة طموحة لتأمين العملية الانتخابية، مشيرًا إلى أنه بينما كانت الاستعدادات تجرى على قدم وساق، اصطدمت وزارة الداخلية بالواقع السياسي ولم تستطع تأمين العملية الانتخابية بشكل يضمن نزاهتها.
ولفت إلى أن المفوضية طالتها اتهامات عدة بأنها "مؤسسة فاشلة، لا تستطيع القيام بدورها"؛ حتى إن أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية انتقدها في قنوات أجنبية، رغم أنه تقدم بتزكيات مزورة.
تعهد قاطع
وتعهد رئيس المفوضية، لليبيين بتقديم قائمة مرشحين لا تدور حولهم الشكوك والتهم، إلا أنه قال إن المفوضية تنتظر من النائب العام أن يتخذ إجراءات في هذا الشأن.
وكان البرلمان الليبي برئاسة رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري، دعا أعضاء المجلس، إلى جلسة اليوم الإثنين، للاستماع إلى إحاطة رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح وأعضاء المفوضية، حول أسباب فشل العملية الانتخابية، وما يستجد من أعمال.
تأتي جلسة البرلمان التي يعقدها اليوم، بعد جلستين عقدهما مجلس النواب، الأسبوع الماضي، استمع في الأولى إلى التقارير الأمنية والاستخباراتية التي عرضتها الأجهزة المعنية، والتي تحدثت عن تخوفات من إجراء عملية إرهابية، أو تزوير في الأرقام الوطنية، أو اختراقات للمفوضية وتزوير الانتخابات، بحسب عضو مجلس النواب الليبي الصالحين عبدالنبي، الذي طالب خلال كلمته في جلسة البرلمان الأسبوع الماضي، بتشكيل لجنة للوقوف على العراقيل التي أدت إلى إرجاء الانتخابات وإزالة أسبابها.