ليبيا بين العقبات وآمال الحل.. هل يضمد 2022 ندوب 2021؟
عراقيل حولت 2021 عن مساره في ليبيا باستبعاده من الخارطة الزمنية لحل منشود وهو العام الذي بدأ مبشرا لكنه انتهى بضبابية غير مبشرة.
2021 أبى أن يكون عام الحل في ليبيا، وكأن ما مر به البلد الأفريقي المأزوم من اقتتال وصراع وانقسام دام عشر سنوات لا يكفي؛ لكن ورغم الصورة التي تبدو مخيفة وتنذر بالعودة إلى مربع الاقتتال، فإن العام 2022 يحمل في جعبته الكثير من مفاتيح الحل التي إن استخدم أحدها أو جميعها، فستؤدي إلى ليبيا "المستقرة" وذات "السيادة الوطنية".
ماذا حدث في 2021؟
بدأ العام 2021 بتفاؤل كبير، خاصة أن اتفاق جنيف لوقف إطلاق النار الموقع 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا يزال صامدًا، كما أن أولى جلسات ملتقى الحوار الليبي المكون من 75 عضوًا اختارتهم البعثة الأممية كممثلين لجميع طوائف ليبيا، عقدت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
ورغم أن الملتقى شابته عدة شوائب، وطالت بعض أعضائه اتهامات بتلقي رشاوى، إلا أن أعضاءه الـ75 والبعثة الأممية، نجحوا في اجتماع بجنيف، في فبراير/شباط الماضي بانتخاب عبدالحميد الدبيبة رئيسًا للحكومة للفترة الانتقالية، إلى جانب مجلس رئاسي مكون من ثلاثة أعضاء وهم محمد المنفي رئيسًا وموسى الكوني نائبًا وعبدالله اللافي عضوًا.
ولاحقا، عقد البرلمان الليبي أولى جلساته لمنح الثقة لحكومة الدبيبة، والتي نالتها في ثالث جلسة للبرلمان في 10 مارس/آذار 2021، لتكلف بقيادة المرحلة الانتقالية وصولا إلى الانتخابات العامة والتي كانت مقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
المسار السياسي
فوز حكومة الدبيبة بنيل ثقة البرلمان جعلها تحل محل حكومتي الشرق برئاسة عبدالله الثني، والغرب برئاسة فايز السراج، لتكون ليبيا على موعد لأول مرة منذ سنوات مع سلطة موحدة تجمع دفتي البلاد، خاصة بعد أن كانت مشاهد تسليم وتسلم السلطة، صورة "بهية" استبشر بها الليبيون، آملين في انتهاء تلك الفترة.
بـ132 صوتاً.. البرلمان الليبي يمنح الثقة لحكومة الدبيبة
إلا أن عراقيل عدة واتهامات بالانحياز طالت أول حكومة توحد الليبيين، خاصة بعد زيارات الدبيبة إلى بعض مدن الغرب الليبي، متجاهلا شرق ليبيا، وهو ما أغضب الشرق من الحكومة ورئيسها.
المسار السياسي لم يكن وحده من رفع راية التوحيد، بل إن اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5"، والتي عقدت أولى اجتماعاتها في مدينة غدامس الحدودية بالفترة من 2 إلى 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كثفت من اجتماعاتها على مدار العام 2021.
المسار العسكري
أسفرت اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة عن "انفراجات" عدة في الملف العسكري، بدأت في يوليو/تموز الماضي بإعادة فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق ليبيا وغربها، إثر إغلاقه لأكثر من عامين، في حدث استبشر خلاله الليبيون بإجراء الانتخابات في أجواء "آمنة".
فتح الطريق الساحلي.. خبراء ليبيون: مطلوب ضمانات أخرى قبل الانتخابات
ولم يكن إعادة فتح الطريق النجاح الوحيد للجنة العسكرية، بل إن الأخيرة حققت تقدمًا كبيرًا في ملف إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، بعد أن عقدت أولا اجتماعات مع دول الجوار (السودان وتشاد والنيجر) بالعاصمة المصرية القاهرة، في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وفيما أبدى ممثلو دول السودان وتشاد والنيجر استعدادهم التام للتنسيق والتعاون الذي يكفل خروج كافة المقاتلين التابعين لدولهم بكافة تصنيفاتهم من الأراضي الليبية، استكملت اللجنة اجتماعاتها في تركيا وروسيا، لتعلن أنها حققت "تقدمًا كبيرًا" في الملف مع هاتين الدولتين.
بأول اجتماع في طرابلس.. "5+5" الليبية تستقبل وفدا أمريكيا
نجاح آخر يضاف إلى سجل اللجنة العسكرية الليبية، بعد أن عقدت أول اجتماع لها في العاصمة الليبية طرابلس، منذ تشكيلها وفقا لمخرجات اجتماع برلين في الأول من يناير/ كانون الثاني 2020، وتوقيعها اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، ليكون ملف توحيد المؤسسة العسكرية أكثر الملفات التي أدت إلى انفراجات كبيرة في المشهد الليبي.
المسار الاقتصادي
الاقتصاد الليبي لم يكن بعيدًا عن بشائر 2021؛ حيث سجلت ليبيا خلاله نشاطا غير مسبوق وغزت براميلها من الخام معظم بلدان العالم، بعد أن وصلت معدلات الإنتاج لأكثر من مليون و300 ألف برميل يوميا شهرياً.
النفط الليبي في 2021.. إنتاج وفير ودولة تعاني
إلا أنه رغم تلك "الانفراجات" في المشهد الليبي، حمل العام نفسه بعض "الإخفاقات" والتي كانت حكومة الدبيبة على موعد معها؛ خاصة بعد أن أحدثت تصريحات رئيس الحكومة عن تونس غضب الجارة وأدت إلى أزمة في العلاقات بين البلدين، لم تنفرج قليلا، إلا بعد توجهه إلى تونس، ولقائه الرئيس قيس سعيد.
تلك "الإخفاقات" دفعت البرلمان الليبي إلى سحب الثقة من الحكومة في سبتمبر/أيلول 2021، وتكليفها بتسيير الأعمال حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والتي كان ملتقى الحوار السياسي الليبي يعقد اجتماعات لإنتاج القاعدة الدستورية التي تجري على أساسها.
"إخفاقات"
إلا أن "إخفاقًا" آخر كان حليف ملتقى الحوار السياسي، والذي لم يستطع أعضاؤه الـ75 تحقيق أي توافق على القاعدة الدستورية التي كان من المقرر أن تجري على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما حدا بالبرلمان الليبي لإصدار قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
إرجاء اجتماع ملتقى الحوار الليبي.. وتوقعات بإعادة تشكيله
انفراجة إصدار قانون الانتخابات الرئاسية، كان لها تنظيم الإخوان بالمرصاد، فحاول بكل السبل الممكنة تعطيل إجراء الانتخابات بالطعن في شرعية القوانين الصادرة من البرلمان، متناسيًا أن الأخير صاحب التشريع الوحيد في ليبيا.
وبعد إصدار قانون وفشل تنظيم الإخوان في وقفه، كان الليبيون على موعد مع الحدث الأبرز؛ ففي الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والتي استخدم فيها المرشحون، سلاح الطعون الانتخابية لإقصاء منافسيهم.
تنظيم الإخوان لم يكن بعيدًا عن الصورة؛ فحاول والمليشيات المسلحة منع عقد الانتخابات بغلق مقار للمفوضية، إلا أن تلك المحاولات لم تثن الأخيرة عن المضي قدمًا في طريقها الذي تعثر لاحقًا بعدم إعلان القوائم النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، ثم باقتراحها إرجاء موعد الانتخابات إلى 24 يناير/كانون الثاني 2022، ليختتم العام، حاملا معه "نبأ سيئًا" لليبيين الذين انتفضوا في الشوارع، رافضين التأجيل.
ماذا يحمل 2022؟
بعد "استحالة" إجراء الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري و"غضب" الليبيين، طالبت قوى غربية ومحلية بإجراء الانتخابات الرئاسية في الموعد الذي اقترحته المفوضية، كما أن أعضاء البرلمان طالبوا في جلسة عقدها مجلس النواب في 27 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بمنح المفوضية الفرصة لإجراء الاستحقاق الدستوري في موعده الجديد، شريطة أن تعلن عن القوائم النهائية في الأول من يناير/كانون الثاني 2022.
وفيما لم يمنح البرلمان الليبي الضوء الأخضر بعد للموعد الجديد، أعلنت لجنة خارطة الطريق التي شكلها مجلس النواب لإعداد مقترحات لخارطة طريق ما بعد 24 ديسمبر/كانون الأول، عزمها التواصل مع كافة الأطراف الليبية لتوسيع قاعدة المشاركة، من خلال إيجاد الحلول الليبية للوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والخروج من المراحل الانتقالية المتعاقبة.
ورغم أن بيان البرلمان لم يحسم بشكل قاطع الموعد الجديد للانتخابات الرئاسية، إلا أن مراقبين أكدوا أن العام 2022 سيحمل معه نهاية للأزمة الليبية؛ لعدة أسباب أولها، أن الليبيين سئموا المراحل الانتقالية وما تسببت فيه من "ضيق العيش" و"أزمات" اقتصادية متلاحقة.
وبحسب مراقبين، فإن البرلمان قد يمنح الضوء الأخضر للمفوضية في الموعد الجديد أو سيحدد موعدًا آخر، لن يكون بعيدًا عما طرحته المفوضية، بعد أن يتواصل مع كافة أطراف الأزمة.
وأكدوا أن التحالفات التي شهدتها ليبيا في العام 2021، وخاصة بعد لقاء فرقاء الأمس، وهم القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر ووزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا ونائب رئيس المجلس الرئاسي السابق أحمد معيتيق، في بنغازي، ستكون "حلقة ضغط" في اتجاه إجراء الانتخابات الرئاسية.
مؤشر آخر على انفراجة وشيكة في الأزمة الليبية، بحسب مراقبين أكدوا أن التقدم الذي تحرزه اللجنة العسكرية الليبية المشتركة سيجعل من العام 2022 نهاية للأزمة الليبية، خاصة أنها أمنية في المقام الأول، ما يجعل من ملفي توحيد المؤسسة العسكرية وإخراج المرتزقة، "الحصان الأسود" الذي سيحمل معه "بشرى سارة" لليبيين.
الملف الاقتصادي سيكون أحد مفاتيح انفراجة الأزمة الليبية في 2022، خاصة بعد لقاء محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير ونائبه علي الحبري، في 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري، في لقاء وصفه المصرف المركزي بـ"الأهم" لتوحيد المؤسسة الاقتصادية، وما ستمثله تلك الخطوة، من وضع حلول عاجلة للأزمة الليبية.
فالرجلان اتفقا على إطلاق عملية توحيد المصرف المركزي بشكل فعلي، مؤكدين التزامهما بمواصلة التقدم لتحقيق الأهداف المرجوة من توحيد المصرف، لينهي ذلك اللقاء 7 سنوات من الانقسام بين مصرفي ليبيا في الشرق والغرب.
مؤشرات يسلمها العام 2021 رغم "الإخفاقات" و"خيبة الأمل" التي مني بها الليبيون، إلى 2022، أملا أن تقود نحو قاعدة يتفق حولها الليبيون نحو حل دائم ينتشل البلاد من أتون عشرية من الصراعات.
aXA6IDMuMTM4LjEwMS4yMTkg جزيرة ام اند امز