روبرت دي نيرو.. 50 عاما من التوهج الفني
روبرت دي نيرو يعمل حالياً مع آل باتشينو وليوناردو ديكابريو في فيلم "الرجل الأيرلندي" للمخرج مارتن سكورسيزي، لصالح شركة نتفليكس.
يصل إلى هوليوود يومياً آلاف المواهب الجديدة التي تحلم بملامسة المجد في عالم السينما، لكن هناك بالفعل نجوم يهيمنون على الساحة كتبوا قصة مسيرتهم عبر تحقيق نجاح وراء نجاح.
ولعل ألمع مثال لهؤلاء النجوم هو الممثل النيويوركي روبرت دي نيرو، الذي يتم عامه الـ75 في 17 أغسطس/آب الجاري، ويتمتع بمسيرة تفوق 50 عاماً في صناعة السينما.
ولد دي نيرو في أيقونة الساحل الشرقي للولايات المتحدة، نيويورك، لأبوين فنانين هما فرجينيا هولتون الرسامة والشاعرة وروبرت دي نيرو الرسام والنحات، واللذين كانا يتمتعان بقدر كبير من الشهرة في الوسط الثقافي بنيويورك.
لكن مع انفصال الوالدين بينما كان عمر روبرت 3 أعوام فحسب؛ بدأ الطفل يقضي وقتاً أقل مع والده، لكنهما دأبا على مشاهدة الأفلام خلال المرات التي أتيحت لهما فرصة اللقاء فيها، ومن هنا نشأ داخل الطفل حب الفن السابع.
وكان دي نيرو قال خلال مقابلة مع صحيفة (إيه بي سي) الإسبانية: "بدأت مسيرتي حين بلغت العاشرة من عمري، أديت دور الأسد الرعديد في (ساحر أوز) خلال مسرحية مدرسية"، قبل أن يعزف عن التعليم متبعاً شغفه بالتمثيل لكن بطريقة احترافية.
اتجه دي نيرو اليافع لدراسة التمثيل في (ستيلا آدلر ستوديو أوف آكتينج) في مسقط رأسه، وبدأ بعد بلوغه الـ20 من عمره المشاركة في أفلام لبرايان دي بالما، والذي ربطته به صداقة وطيدة. واستهل معه مسيرته السينمائية بفيلم (Greetings) أو (تحيات) في 1968، والذي يعد بوابته نحو الشهرة.
وبفضل هذا الفيلم؛ يتعرف دي نيرو إلى من سيكون قائده في عدد كبير من الأفلام التي شارك فيها. كان هذا الشخص هو المخرج الكبير مارتن سكورسيزي، الذي فاز بفضله بثاني جائزة أوسكار في مسيرته، وكانت لأفضل ممثل عن فيلم (Raging Bull) أو (الثور الهائج) في 1980.
وتعاون الاثنان في أفلام أخرى شهيرة للغاية، منها :(Taxi Driver) أو(سائق الأجرة) في 1977، خاصة بسبب جملة دي نيرو الخالدة فيه "أتتحدث إليّ؟"، فضلاً عن فوز الفيلم بجائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان السينمائي في فرنسا. وأفلام مثل (Goodfellas) أو (الأصدقاء الطيبون) في 1990، و(Casino) أو(الملهى) في 1995.
لكن أول جائزة أوسكار لدي نيرو كان قد فاز بها في 1974؛ حين أدى دور الشاب دون فيتو كورليوني، مع المخرج فرانسيس فورد كوبولا في سلسلة (The Godfather) أو (الأب الروحي) في 1974.
إن مسيرة روبرت دي نيرو العملية طويلة للغاية، وحسبما أكد هو في مقابلة مع جريدة (الموندو) الإسبانية "لن أتقاعد قبل أن يفعل مارتن سكورسيزي الشيء عينه".
ويظهر هذا الأمر بوضوح في كون أحداث أفلام دي نيرو هو إنتاج سكورسيزي لصالح منصة (نتفليكس) وهو فيلم (The Irishman) أو (الرجل الأيرلندي).
ويستلهم الفيلم أحداثه من رواية (I heard you paint houses) أو (سمعت أنك تطلي المنازل) للكاتب تشارلز براندت. ويضطلع دي نيرو بدور فرانك شيران الملقب بـ"الأيرلندي" والذي تنسب له 25 جريمة قتل يُعتقَد أن لها صلة بعصابات المافيا.
عمل في هذا الفيلم وجوه مألوفة بالنسبة لسكورسيزي مثل جو بيسكي وليوناردو دي كابريو، وأيضاً الممثل الموهوب آل باتشينو. لم يتقرر بعد تاريخ محدد لطرح الفيلم، لكن مصادر من (نتفليكس) أكدت لوكالة (إفي) أنه سيصل الشاشات في 2019.
وبعيداً عن مسيرته كممثل، يقدم دي نيرو نفسه كأحد أوفى مؤيدي الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، وقد وجّه في أكثر من مناسبة انتقاداته لسياسات الرئيس الحالي للبلاد دونالد ترامب.
وكانت آخر أقسى انتقاداته تلك التي وجهها خلال النسخة الأخيرة من حفل جوائز توني. حيث كان من المنتظر أن يقيّم أداء بروس سبرينجستين، لكنه فور نزوله عن المنصة وجه السباب للرئيس، الأمر الذي قابله الجمهور بالتصفيق والإشادة.
وقبلها، كان الممثل النيويوركي قد كشف عن رغبته في "توجيه لكمة في الوجه للرئيس"، وعاد بعد ذلك بفترة ليذكر بأنه لم يحقق حلمه بضرب رئيس الولايات المتحدة حتى وقتها.
كما سبق لدي نيرو أن كان جزءاً من لجنة التحكيم في مهرجان كان لنسخته عام 2011، ولديه ستة أبناء من ثلاث نساء.
فقد كانت زوجته الأولى ديان آبوت، وهي ممثلة أمريكية دام زواجه بها 12 عاماً وأنجبت له رافائيل. كذلك، تبنى دي نيرو فتاة كانت ثمرة زيجة آبوت بزوجها السابق وتدعى درينا.
وأقام دي نيرو علاقة أيضاً مع العارضة توكي سميث، أنجبت له توأماً عن طريق التخصيب الصناعي ورحم مستأجر وهما جوليان هنري وآرون كندريك.
وكانت زيجته الأخيرة، المستمرة حتى الآن، قد تمت في 1997. وكانت المحظوظة هذه المرة هي جريس هايتاور، الممثلة أيضاً، والتي أنجبت له طفلين هما إليوت (20 عاماً) الذي يعاني متلازمة التوحد، وهيلين جريس وعمرها سبعة أعوام والتي جرى إنجابها عن طريق التخصيب الصناعي واستئجار رحم.
وسبق أن جرى تشخيص إصابة دي نيرو بسرطان البروستاتا في 2003، لكنه خضع لجراحة لاستئصال الورم وتعافى تماماً، رغم أنه يتعين عليه إجراء فحوصات كل فترة لتجنب حدوث انتكاسة.
أما آخر أعماله فكان ذلك الذي أنتجته (هوم بوكس أوفيس)، بعنوان (The Wizard of Lies) أو (ساحر الأكاذيب)، في 2017، ويقوم فيه بدور برنارد مادوف، بطل إحدى أكبر عمليات النصب في تاريخ وول ستريت، والذي حقق 64.800 مليون دولار. وتضطلع الممثلة ميشيل فايفر بدور زوجته.
إجمالاً، يتم روبرت دي نيرو، أحد أبرز وجوه عالم السينما في العقود الأخيرة، ثلاثة أرباع قرن مع ولعه، التمثيل، ومنخرطاً مع أسرته الكبيرة، دون أن تتأثر صورته كناشط اجتماعي.
وكرّم رئيس الولايات المتحدة السابق باراك أوباما الممثل الأمريكي بميدالية الحرية، وقد أعلن دي نيرو عدة مرات تأييده للحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، ومناوأته لسياسات الرئيس الحالي دونالد ترامب.